مدريد - لينا عاصي
تقع قرية فال دي جالينيرا ، في أعماق إسبانيا الريفية، في مكان تتوقع فيه أن تصطدم بشبح لوري لي في كل ممر، فهناك أطلال دير قديم على التلة المقبلة، وحصن العرب المدمر فيما وراءها، انها أرض هادئة نجت من الغموض والمأساة، ولكن فقط على بعد يوم من السير على الأقدام من بينيدورم، يوجد 200 نادٍ ليلي و1000 حانة.
وفي وسط تلك القرية يوجد فندق يقوم على خدمته طباخ ماهر يدعى إيفاريستو والذي يبدو أنه لا ينتمي لهذا العالم، بطعامه الشهي حيث لديه قدرة على صنع بركة عظيمة من زيت الزيتون في وعاء بحجم درع الحرب القوطي الغربي، ويضع حوله جدار من الملح، ثم شرائح على شكل هلال من الفلفل الأحمر في الزيت الذي يغلي برفق، وبالبحث عن تاريخ المكان تجد أنه قد تم إعادة الناس إلى الوادي بعد أن تم طرد المغربيين في أوائل القرن ال17، ويتحدثون بلغات عدة هي البلنسية، والقشتالية أو الكتالونية، وعلى الرغم من جمال المكان، إلا أنه ليس من مناطق الجذب السياحي في إسبانيا، وعلى مقربة من المكان توجد قرية ألباترو، ذات البيوت الحجرية المتماسكة وتترنح على حافة واد عميق بجانبين سميكين من التين الشوكي، والزعتر البري والزعتر العادي، أسفل الممر الضيق الخلفي يوجد مكان للإقامة، وهو عبارة عن منزل محشو ببقايا الماضي الزراعي الذي بدأ تراجعه مع هجرة السكان بعد الحرب الأهلية.
ويمكنك المشي على بعد أميال قليلة حتى وادي مزارع الزيتون توني سيفيكو، الذي يبدو كجزء من قصيدة شاعرية قديمة، خاصة عند مشاهدة أقدم شجرة زيتون مع الفاكهة، والتي يقول أهلها أنه لو كان بإمكانها التحدث لتحدثت بالعربية، فقد بقي المور هنا لمدة ستة قرون والذين زرعوا محاصيل اللوز والتوت والجوز التي لا تزال تنتشر في المصاطب الحجرية المنهارة على كفاف المنحدرات السفلى، وعلى مستوى أعلى، تغطي الأرض أعشاب لاذعة التي يتم اقتصاصها من الغنم، التي تقدم أفضل الألبان واللحوم. الزبائن الرئيسيون هم من المسلمين القاطنين في بينيدورم، الذين يحبون شراء الحيوانات الحية كاملة. ومن المشاهد الجميلة حقا هي رؤية الرعاة يسيرون مع قطعانهم على طول الممرات الخضراء التي تؤدي إلى المراعي الجبلية العالية.
ويهوى إيفاريستو إضافة قطع صغيرة من لحم الضأن إلى الشوربة التي يصنعها بالإضافة إلى الفاصوليا البيضاء وأغصان إكليل الجبل، وهناك مقهى مميز لتناول الإفطار في ألباترو، الذي يقدم أفضل أنواع النبيذ الأحمر في إبريق زجاجي مع صنبور مستدق، ويوجد بالقرية معالجة تدعى أليسيا والتي تقدم وصفة من الأعشاب المحلية ، تحتوي على مجموعة واسعة من النباتات البرية، كل واحدة منها مخصصة لمرض، وقالت أن اختارت الحفنات من الزعتر، البوصفير والتوابل لمزجها في أكلة تدعى مينكوس، وهو نوع من فطيرة محشوة بأوراق البرية.