بانغي ـ أ.ف.ب
واصل الجيش الفرنسي عملية نزع الاسلحة في بانغي مستهدفا هذه المرة الميليشيات المسيحية المعروفة ب"مناهضي بالاكا"، فيما اعلنت الولايات المتحدة الثلاثاء وجود عسكريين اميركيين في عاصمة افريقيا الوسطى لتنسيق النقل الجوي لجنود بورونديين اليها. وفي اشارة الى الدعم المتزايد من قبل واشنطن للعملية العسكرية التي تقوم بها قوات الاتحاد الافريقي بدعم من فرنسا، ستتوجه السفيرة الاميركية لدى الامم المتحدة سامنتا باور ومساعدة وزير الخارجية للشؤون الافريقية ليندا توماس-غرينفيلد في "وقت قريب جدا" الى جمهورية افريقيا الوسطى، حسب ما اعلنت الاخيرة. وقالت توماس-غرينفيلد "نحن قلقون جدا من اعمال العنف الوحشية في افريقيا الوسطى وخصوصا ذات الطابع الطائفي التي تستهدف المدنيين". وقد بدأ الجنود الفرنسيون فجر الثلاثاء عملية "تأمين" بوي-رابي الحي الشمالي في العاصمة ومعقل الميليشيات المسيحية "المناهضة لبالاكا" (المناهضة للسواطير بلغة السانغو)، شاركت فيها آليات مصفحة ومروحية وانتهت مبدئيا عند الظهر. وحي بوي-رابي القريب من المطار يعتبر معقلا للرئيس السابق فرنسوا بوزيزي الذي اطاحت به في اذار/مارس 2013 حركة سيليكا للمتمردين السابقين. كما يعد هذا الحي الواقع عند اطراف الادغال ملجأ لكثيرين من عناصر الميليشيات "المناهضة لبالاكا" الذين يقاتلون سيليكا. وفي سياق هجوم واسع منسق في الخامس من كانون الاول/ديسمبر في احياء عدة بضواحي بانغي شاركت هذه الميليشيات في هجمات عديدة ضد مدنيين مسلمين اخذوا بجريرة التمرد السابق لمقاتلي سيليكا اي الائتلاف الذي يضم غالبية من المسلمين والحاكم منذ اذار/مارس. وقد تعرض بوي-رابي للنهب مرات عدة في الاشهر الاخيرة من قبل رجال سيليكا الذين ارتكبوا فيه تجاوزات عديدة. وسكانه المسيحيون الذين ضاقوا ذرعا من هذه التجاوزات يساندون بغالبيتهم الميليشيات "المناهضة لبالاكا" المجهزة باسلحة بسيطة بوجه عام. وقال الجنرال فرنسيسكو سوريانو الذي يقود القوة الفرنسية في جمهورية افريقيا الوسطى "لدينا مؤشرات الى وجود (عناصر) لمناهضي بالاكا" في بوي-رابي، مؤكدا ان العملية "جرت بشكل جيد". واضاف الجنرال ان الجيش الفرنسي بدأ هنا مرحلة جديدة من عملية نزع الاسلحة من الميليشيات والمجموعات المسلحة التي انطلقت في التاسع من كانون الاول/ديسمبر في بانغي. وبعد تجريد مقاتلي سيليكا من اسلحتهم وجمعهم في ثكنات اعرب العديد منهم عن غضبهم لان عملية نزع الاسلحة تذهب في اتجاه واحد برأيهم لتحد من قوتهم وتتركهم عاجزين عن الدفاع عن المسلمين في وجه رغبة سكان بانغي --المسيحيين بغالبيتهم-- بالانتقام. ويأخذ العديد من سكان بانغي ايضا على الفرنسيين بقاءهم عند المحاور الكبرى وعدم الدخول الى عمق الاحياء والازقة حيث تستمر اعمال العنف وعمليات النهب والقتل بين المسيحيين والمسلمين. واكد اوغوستين نغوا كوزو وهو عامل بناء لوكالة فرانس برس انه "لم يحدث اطلاق نار... كان هناك كثير من الجنود (الفرنسيين)". وروى شاهد اخر "ان السكان رحبوا بالجنود. ان مجيئهم الى هنا امر جيد"، فيما قال مقيم اخر "انه امر جيد ان يجردوا مناهضي بالاكا ايضا من اسلحتهم (...) يجب ان يهدأ الجميع". وبصورة عامة ذكر الجنرال سوريانو بان الجيش الفرنسي لم يخض اي اشتباك منذ الجمعة الماضي بعد مقتل اثنين من جنوده على يد مهاجمين لم تعرف هويتهم. وابدى الجنرال سوريانو تفاؤله مؤكدا ان حركة السيارات استؤنفت وانه لم يعد احد يتنقل حاملا اسلحة في المدينة. لكنه اقر بان "الوضع ما زال هشا مع مواقف وتصريحات قد تكون عنيفة، مذكرا مرة اخرى ب"حياد" القوات الفرنسية. وفي باريس اقر مسؤول فرنسي بان اجهزة الاستخبارات الفرنسية لم يكن بمقدورها تدارك هجوم مناهضي بالاكا على بانغي في الخامس من كانون الاول/ديسمبر الذي تسبب بالموجة الاخيرة من اعمال العنف الدينية وسرع التدخل العسكري الفرنسي. وكشف هذا المسؤول المقرب من الملف طالبا عدم كشف هويته "كان لدينا مؤشرات على ان امرا ما يتحضر، لكن لم نكن نعلم ماذا ومتى"، مقرا ب"الصعوبات التي واجهتها" اجهزة الاستخبارات الفرنسية لمعرفة وتعقب انشطة المجموعات العديدة الناشطة اليوم في جمهورية افريقيا الوسطى. الى ذلك اعلن وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس ان دولا اوروبية ستنشر قريبا قوات على الارض في افريقيا الوسطى الى جانب الجنود الفرنسيين. لكنه لم يذكر بالاسم البلدان المعنية لكن بلجيكا اعلنت بعد ذلك انها تنوي ارسال 150 جنديا الى افريقيا الوسطى في "مهمة لحماية" المطارات. وصرح الوزير الفرنسي للشؤون الاوروبية تييري ريبانتان الاربعاء ان بلدانا اوروبية عدة "تفكر" في ارسال عسكريين الى افريقيا الوسطى قريبا لمساعدة الجيش الفرنسي، منها المانيا وبريطانيا. وردا على سؤال وجهته اليه اذاعة ار تيه ال حول البلدان الاوروبية التي تفكر في ارسال قوات الى افريقيا الوسطى، اجاب الوزير الفرنسي "ستفعل ذلك، اعلم انها تفكر في الامر، واجرت (الثلاثاء) اتصالات مع بعض نظرائي"، مضيفا ان هذه المسالة "ستناقش وستقرر لمناسبة" انعقاد القمة الاوروبية في نهاية الاسبوع في بروكسل المخصصة للسياسة الامنية والدفاعية المشتركة. واضاف ريبانتان ان الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند سيتحدث في بروكسل عن الوضع في افريقيا الوسطى، و"ذلك يذكرني بمالي حيث كانت فرنسا منفردة ثم وجدت نفسها محاطة بكافة دول اوروبا". وعلى الصعيد السياسي وجه رئيس الوزراء نيكولا تيانغاي مرة جديدة "نداء الى الهدوء من اجل عودة السلام". وقال تيانغايي الذي لجأ الى المطار بعد نهب منزله في الاحداث الاخيرة، لوكالة فرانس برس، "يجب صون الوحدة الوطنية والوفاق. انه ركيزة البلاد. بلاد واحدة وشعب واحد". وقد برز الخلاف الى العلن الاحد داخل الحكومة التي يهيمن عليها مناصرو سيلييكا مع اقالة ثلاثة وزراء ومدير الخزانة العامة بقرار احادي من قبل الرئيس (زعيم المتمردين سابقا) ميشال دجوتوديا. لكن اعترض على هذه الاقالة جزء من الحكومة التي تضم مناصرين سابقين للمعارضة الديموقراطية (امثال تيانغايي) وانصار الرئيس المخلوع بوزيزي. وافاد مصدر مقرب من رئيس الوزراء ان اجتماع مصالحة سيعقد الاربعاء في بانغي بين دجوتوديا وتيانغايي في حضور وسطاء من المنطقة.