المحكمة الاتحادية العليا

رفضت المحكمة الاتحادية العليا طعن مطلق ضد حكم قضى بإلزامه بدفع نفقة لولديه من مطلقته، بقيمة 4000 درهم شهريًا لكل منهما، كما رفضت دفاعه بأن هذا المبلغ يفوق إمكاناته المالية، على سند أنه متزوج بأخرى وعليه ديون، وراتبه 24 ألف درهم.وأكدت المحكمة في حيثيات حكمها أن "نفقة الصغير الذي لا مال له على أبيه حتى تتزوج الفتاة ويصل الفتى إلى الحد الذي يتكسب فيه أمثاله، ما لم يكن طالب علم يواصل دراسته بنجاح"، مضيفة أن "التذرع بالالتزامات الشخصية الأخرى لا يُعفي الأب من النفقة على ولديه".

وأقامت مطلقة (أم لطفلين) دعوى أحوال شخصية ضد مطلقها، طالبة فيها بإلزامه بزيادة نفقة صغيريها، مع دفع أجرة مسكن الحضانة، ودفع الرسوم الدراسية التي سددتها، البالغة قيمتها 46 ألفًا و360 درهمًا، مع توفير خادمة، ودفع أجرتها، وتسليمها أصل البطاقتين الصحيتين للصغيرين.

وذكرت إنها كانت زوجة المدعى عليه، وأنجبت منه ولدين (10 سنوات و11 سنة)، وهما في حضانتها بعد تطليقها، مؤكدة أنه سبق الحكم لها في دعوى شرعية بزيادة نفقة الصغيرين لتصبح 2000 درهم شهريًا لكل منهما، وقد مضى على الحكم المذكور أربع سنوات تقريبًا، لافتة الى أن "الولدين كبرا، وزادت احتياجاتهما".

وقضت محكمة أول درجة بزيادة نفقة الصغيرين لتصبح 3000 درهم شهريًا لكل منهما، اعتبارًا من تاريخ المطالبة، شاملة الطعام، والكسوة، والتطبيب، كما قضت بإلزام المدعى عليه بإعداد مسكن للحضانة، وفي حال رفضه، إلزامه بدفع مبلغ 24 ألف درهم على ثلاثة أقساط متساوية، اعتبارًا من تاريخ استئجار المسكن، وقضت أيضًا بدفع المصاريف الدراسية كافة للعام الدراسي 2014-2015 حتى إتمام تعليمهما، ودفع مبلغ 800 درهم شهريًا أجرة خادمة، ودفع مصاريف استقدامها، وتسليم المدعية بطاقتي التأمين الخاصتين بالصغيرين.

وقضت محكمة الاستئناف بتعديل الفقرة الأولى من الحكم بشأن زيادة النفقة المفروضة للصغيرين لتصبح 4000 درهم شهريًا لكل منهما اعتبارًا من تاريخ المطالبة، شاملة الطعام والكسوة والتطبيب والمسكن، وإلغاء ما قضى به الحكم بشأن مسكن الحضانة، وتأييد الحكم في ما عدا ذلك.

ولم يرتضِ المدعى عليه هذا الحكم، فطعن عليه، معترضًا على زيادة نفقة الولدين من 3000 درهم إلى 4000 درهم شهريًا لكل منهما، وكذا إلزامه بسداد الرسوم الدراسية للولدين دون تحديد نوع التعليم والمدارس، الذي يعود اختياره إليه بصفته الولي الشرعي للصغيرين، مؤكدًا جودة التعليم الحكومي ومجانيته.

ورفضت المحكمة الاتحادية العليا طعنه بشأن زيادة النفقة، وكذا بشأن التعليم، مؤكدة أن "نفقة تعليم الصغير أو الصغيرة هي فرع من فروع نفقة الوالد على ولده، وأنها تقدر بقدر وسع الوالد، وبما ليس فيه إحراج أو عنت له، وأن شؤون تعليمه ونوعه يرجعان إلى الوالد بصفته صاحب الولاية الشرعية عليه"، مشيرة إلى أن "حكم الاستئناف إذ ألزم المدعى عليه بأداء الرسوم الدراسية للصغيرين اعتبارًا من العام الدراسي 2014-2015، فإنه يكون قد ألزمه بما هو واجب عليه، وترك أمر نوع التعليم والمدارس إليه دون تدخل في اختياره".

ورفضت المحكمة أيضًا دفع المدعى عليه بأن "الزيادة في النفقة لا تتناسب مع حاله ودخله وبقية التزاماته الشخصية، خصوصًا أنه مقترض لمبلغ مالي، وزوج لأخرى"، مؤكدة أن "نفقة الصغير الذي لا مال له على أبيه حتى تتزوج الفتاة ويصل الفتى إلى الحد الذي يتكسب فيه أمثاله، ما لم يكن طالب علم يواصل دراسته بنجاح، وأن تقدير هذه النفقة أصلًا أو زيادة من سلطة محكمة الموضوع طالما كان لذلك أسباب سائغة، ولها أصل ثابت بالأوراق، وكان تحديد مبلغ 4000 درهم شهريًا لكل واحد من الولدين شاملة الأكل والملبس والتطبيب والسكن، فإنها تكون قد استعملت سلطتها التقديرية في ذلك، آخذة في الاعتبار حال المدعى عليه كمنفق، وحال الولدين كمنفق عليهما، انطلاقًا من راتبه الشهري المحدد بمبلغ 26 ألفًا و600 درهم، ولا ينال من ذلك تذرعه بالتزامات أخرى، كونها لا تعفيه من النفقة على ولديه".

وأيدت المحكمة الاتحادية العليا طعن المدعى عليه بشأن "توفير خادمة ودفع أجرها الشهري"، مبينة أن "الفقه المالكي المعمول به في الدولة أوجب على الأب المليء إخدام ولده المحضون، إن احتاج إلى خادم، ومعنى ذلك أن إلزام الأب بإخدام ولده مشروط شرعًا بأن يكون الأب غنيًا".وأشارت إلى أن "المدعية لم تطالب بخدمة الولدين في الاتفاق المبرم مع المدعى عليه سابقًا، وأن الولدين بدورهما كبرا، وأصبحا غير محتاجين لمن يخدمهما، ومن ثم فليس عليه إخدامهما، ما يتعين معه نقض الحكم في هذا الشق جزئيًا".