رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي

بالإعلان عن «شراكة استراتيجية طبيعية» مع الإمارات، وقيام تعاون أمني- يشمل مكافحة الإرهاب- في صلب هذا التعاون، يكون رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي قد استغل لحظة نادرة من التبادل مع دول الخليج، ليبدأ مرحلة جديدة في العلاقات الهندية مع منطقة مهمة جداً.

وهذه المرحلة الجديدة لن تتميز بالتعامل العادل من قبل الإمارات المتحدة مع خلافات الهند وباكستان، وإنما تمثل موافقة سياسية غير مسبوقة على مخاوف نيودلهي بشأن التطرف العنيف، والتزاماً قوياً بالكفاح المشترك ضد منابع الإرهاب في شبه القارة الهندية والشرق الأوسط.

وتم التوصل إلى تفاهم بين مودي وقيادة الإمارات حول طبيعة التهديد الناجم عن الإرهاب، والإجراءات الضرورية لمواجهته. ويرجع ذلك إلى التحديات الأمنية التي تواجهها دول الخليج. ويهدد ظهور تنظيم «داعش» الإرهابي، والعنف الطائفي في بعض الدول العربية، بتمزيق النسيج السياسي لهذه الدول. ولذلك لابد من استمرار الهدوء والاستقرار الداخلي في المنطقة بغية استمرارية الازدهار لاقتصادات دول المنطقة.

وتمثل الإشارة إلى الإمارات باعتبارها «مثالاً مضيئاً للمجتمع المتعدد الثقافات» اعترافاً سياسياً للرهانات المتعلقة بحماية اقتصادات هذه المنطقة التي تتميز بحساسية كبيرة تجاه التطرف الديني. وحالما اصبح هذا التحدي السياسي مفهوماً، بات من غير الصعب بالنسبة لمودي ومحاوريه ابتكار إطار طموح للتعاون الأمني.

وتراوح الأجندة الجديدة والجريئة بين البلدين بين المشاركة في المعلومات الاستخباراتية والتدريب الشرطي، حتى التعاون بين شرطة البلدين ضد الشبكات الإجرامية، والعمليات المشتركة ضد الإرهاب.

ويدعو الإعلان إلى الانخراط القوي بين المؤسسات الأمنية الوطنية في البلدين، والتوافقية بين القوات المسلحة، وحتى اقتراحات تتعلق بتطوير مشترك بأنظمة التسليح، حيث تسهم الإمارات في تصنيع معدات الدفاع في الهند، وتشارك في حوار استراتيجي أمني.

واتفق الجانبان على تنسيق الجهود المشتركة لمكافحة التطرف والإرهاب، وتبادل المعلومات الاستخباراتية وبناء القدرات وتعزيز التعاون في مجالات تنفيذ القوانين، ومكافحة غسيل الأموال وتهريب المخدرات والجرائم العابرة للحدود، وتعزيز التعاون في مجالات أمن الفضاء الإلكتروني، ورفع كفاءة التعاون الأمني العملياتي، وتعزيز التعاون المشترك في مجال المساعدات الإنسانية والإخلاء أثناء الكوارث الطبيعية والنزاعات، وتقوية العلاقات في مجالات الدفاع والتدريب.

وبالنظر إلى أنه تم التفاوض على هذه الأجندة الاستثنائية مع الإمارات، تعين على نيودلهي التركيز على ترجمتها إلى افعال محسوسة على الأرض. وفي الوقت الذي تعزز الهند صداقتها مع دول الخليج، فإنها يجب ألا تنسى أن باكستان هي الصديق العزيز لهذه الدول، ولذلك يجب أن تعمل معها لتحويل شبه القارة إلى مكان مسالم ومزدهر.