المحكمة الاتحادية العليا

عدّلت المحكمة الاتحادية العليا حكمًا قضى بإلزام متهم تعدّى بالضرب على شخص آخر، بدفع دية كاملة لتسببه في إصابة المجني عليه باستئصال الطحال، مبينة أنه يستحق ثلث الدية فقط، إذ إنه من الأعضاء الداخلية التي لم يرد بشأنها نص.

 وكانت النيابة العامة أحالت المتهم إلى المحاكمة، إذ قام بالاعتداء على شخص بالضرب، وأحدث به إصابات نتجت عنها عاهة مستديمة، وهي استئصال الطحال، من دون أن يقصد.

وقضت محكمة أول درجة حضوريًا بمعاقبته بالحبس لمدة سنة واحدة عما أسند إليه، وألزمته بأداء دية قدرها 200 ألف درهم لمصلحة المجني عليه، وأيدتها محكمة الاستئناف، ولم يرتضِ المتهم بهذا الحكم، فطعن عليه بالنقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة طلبت فيها رفض الطعن.

وذكر دفاع المتهم إن "المحكمة دانت المتهم بالجريمة المسندة إليه، من دون استظهار عناصر الضرب المفضي إلى عاهة مستديمة، ومن دون تبيان القصد الجنائي لدى المتهم، فضلًا عن أن أسباب الحكم جاءت قاصرة ومجملة، لا يستفاد منها نسبة الجريمة للمتهم، وأن القضاء بالدية كاملة جاء مخالفًا للقانون كأنما الجريمة هي قتل خطأ، ما يتعين معه تحديد النقص الذي اعترى العضو الذي فقد منفعته، حتى يمكن الحكم بالدية وفقًا لذلك".

وبالنسبة للشق الأول بعدم استظهار عناصر الضرب الذي أفضى إلى العاهة المستديمة والقصد الجنائي، وأن الحكم جاء قاصرًا في أسبابه، ردت المحكمة الاتحادية العليا بأن "القانون لم يرسم شكلًا خاصًا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة، والظروف التي وقعت فيها، وإذ كان مجموع ما أورده حكم الاستئناف كافيًا في واقعة الدعوى بارتكابها وظروفها، حسب ما استخلصته المحكمة".

وأشارت إلى أن "المتهم تعدى بالضرب على المجني عليه بيده ورجله، وأحدث به عاهة مستديمة، وهي استئصال الطحال وكسر في الضلع العاشر، وهو ما أثبتته شهادة الشهود والتقارير الطبية".

وبالنسبة للشق الثاني من الطعن المتعلق بالقضاء بالدية الكاملة، أيدت المحكمة الاتحادية العليا الطعن، مبينة أن "الفقهاء في الشريعة الإسلامية اتفقوا على ما تجب فيه الدية كاملة، هو تفويت منفعة الجنس، وتفويت الجمال على الكمال، وهو تفويت بإبانة كل الأعضاء التي من جنس واحد، أو ذهاب معانيها مع بقاء صورتها، والأعضاء التي تجب فيها الدية أربعة أنواع: نوع لا نظير له في البدن، ونوع في البدن منه اثنان، ونوع من البدن منه أربعة ونوع من البدن منه 10، وقد بينت هذه الأنواع على سبل الحصر، سواء المتفق فيها أو المختلف عليها، وليس من بينها الطحال، وهو من الأعضاء الداخلية التي لم يرد بشأنها نص، ذلك أن الطحال متصل بالجوف من البطن، وأن إصابة هذا الجوف فيه أرش الجراح الجائفة، وهي التي تصل إلى الجوف في البطن، مثل الطحال أو الظهر أو الصدر أو الورك، فالواجب ثلث الدية، وكان الثابت أن الطحال تم استئصاله وفقًا لما هو ثابت من الأوراق، فإنه تجب فيه ثلث الدية، وإذ خالف حكم الاستئناف هذا النظر وقضى بأن في الطحال الدية الكاملة فإنه يكون معيبًا بمخالفة الشريعة والخطأ في تطبيقها، ما يوجب نقضه في هذا الشق".