الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم

لا تغيب عن نائب رئيس الدولة ورئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، مناسبة بحجم مناسبة «عام زايد»، الشخصيّة التي تحتفي فيها الإمارات جميعها بمؤسس الدولة وباني نهضتها حكيم العرب الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، ولأنّ للذكرى شجونًا وشؤونًا، فإنّ الوقت يعود لدى الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم وهو يستعيد أيامه، فتعود له الأمنيات العذبة للحاكم عنوان الشرف، الحر مستشرف الآمال، وهو الحاكم صاحب العزّ والناموس، وكذلك الحاكم المرهوب الجانب، وهو الدبلوماسي والسياسي وصاحب المواقف، بل صاحب الأفعال التي يعرفها القاصي والداني، وهو الذي تهابه أعداؤه وتتقي خطره، وهو الكريم العادل والمعطاء، وهو الذي صنع من عام واحدٍ وسبعين من القرن الماضي عامًا يذكر في سجلّه العالي الذي تدين له الإمارات لأنّه يوم توحيدها نحو تأسيس الدولة القويّة، وكذلك فهو صاحب المواقف المشهودة لما فيه صالح الأمة العربيّة ووحدتها وردّ كيد المعتدي عليها، كما في غزو العراق للكويت، كما أنّه الحاكم الذي يرد كيد الإرهاب ويعمل على طرد أذاه، وهو الذي بنى الإمارات مدماكًا مدماكًا، وشجع التعليم وأسس لبنية تحتيّة في كل جوانب الحياة، والكثير الكثير من هذه الصفات الحميدة التي تذكر في سجلّه المحفوظ في قلوب الناس والتاريخ.

ولا يشكّل طول القصائد أيّ ملل لدى القارئ أو المتلقي، خصوصًا وأنّها مليئة بالصور الفنيّة البليغة والعذبة التي تجعل منها ملحمة قويّة وتستحقّ أن تحفظ أو تعلّق على صدر الزمان، كما في استعادة التاريخ في مشهد سينمائي درامي ذي فصول متنافذة، تدل على ذلك صورة وجه زايد الذي تشرّب بالشرف «وجهه مشرّب بالشرف ما تقنّع/‏‏ عن حر كاشف صيدته ما خطاها»، كما تبرز صورة الحاكم القوي الذي تهاب منه السباع «منه السباع تخاف تقرب عشاها»، حتى يتفضّل عليها «يا لين يترك لأجلها ما تقطّع»، كما تبرز صورة الفارس العليم بطباع الصيد والفروسيّة في تنوّع صيده وكثرته، وهو ما يشير إلى موارده التي تتزايد باستمرار، فهو الأصيل وصاحب الفراسة والفروسية في آنٍ واحد، وهو الفارس المهاب «القاع والوديان ترجف حصاها»، و«حتى الحجر عن اسم زايد تسمّع»، ومثل ذلك الكثير، فهو الذي يجبر ويكسر العصا «وسياسته منه المعادين تخضع/‏‏ خضوع يجبرها ويكسر عصاها».

 وتظهر صورة الحاكم الكريم بقوّة في قول الشيخ محمد بن زايد «وبينه وبين الغيم رعدٍ تقرقع/‏‏ يعطي بصمت وهي ترعد بماها»، كما نطالع صورة فارس الاتحاد الذي صنع وطنًا «صنع وطن مهيوب ما فيه مطمع»، و«له مواسم بعض الأعوام تقطع/‏‏ وزايد بلا موسم يمينه سخاها»، وذلك تعبير قوي عن لامحدودية عطائه وكرمه رحمه الله.

وهو الذي شجّر الصحراء وجعلها دائمة الخضرة «ومن عقب صحرا وسطها اللال يلمع/‏‏ غدت لنا جنة ومسكٍ ثراها» والتشبيه واضح بقوته وما يحيل إليه من تحول الرمال إلى جنة خضراء، كما تبرز صورة الرجل الذي تنبع من بين يديه المكارم والأنهار «بأنهار عشر من أياديه تنبع/‏‏ ويفيض من عشر الأصابع عطاها»، ليكون الحاكم الذي لا تنتهي خصائله ولا تنتهي قصائد آل مكتوم في وصفه كما في قوله «لو قلت في أوصافه إلى يوم تطلع/‏‏ أهل القيامة مزملي ما حصاها»، وهو تعبير آسر وقوي في قصيدة مليئة بالصفات والسمات المتنوعة التي تستحق وعن جدارة أن تكون مادةً للدراسة من منظور مواضيعها ومن منظور صورها الفنيّة التي تجسد كم هي عظيمة شخصية زايد، رحمه الله، وكم هي بليغة قصائد آل مكتوم التي تظل ترسخ في الأذهان وتحفظها الأجيال من بعد، قلادةً في جيد التاريخ وسجلّ أبطاله العظام.