الضبابُ الدخانيّ

يشير بحثٌ جديد وكبير إلى أنَّ الفتراتِ الطويلةَ من التعرُّض للهواء الملوَّث، بما في ذلك الغبارُ وعوادِم السيَّارات، تعزِّز من المخاطر على القلب لدى النساء المصابات السكَّري.
وبالاعتماد على بحثٍ سابق رَبطَ بين حالات التعرُّض القصيرة للهواء الملوَّث وزيادة أمراض القلب في عامَّة السكَّان، وجد العلماءُ أنَّ المصابين بالسكَّري يكونون عُرضةً لهذه الأمراض بشكلٍ خاص.

قالَت مُعِدَّةُ الدِّراسة جيمي هارت، الأستاذة المُساعِدة في الطبّ لدى مُستشفى بريغهام والنِّساء في بوسطن: "يستجيب الناسُ بطرُقٍ مُختلِفة لمُستويات تلوُّث الهواء، وقد كان هذا الأمرُ مِحورَ دراستنا".
"بيَّنت دِراساتٌ عديدة مُحكَمة، حول التأثيرات قصيرة المدى لتلوُّث الهواء، أنَّ مرضى السكَّري يُواجِهون خطراً بسبب ذلك، وهو تماماً ما توصَّلنا إليه من خلال دراستنا".

قالَ الباحِثون إنَّ مرضَ القلب هو واحِد من المُضاعفات الرَّئيسيَّة لمرض السكَّري الذي يُصيبُ حوالي 29 مليون إنسان في الوِلايات المُتَّحِدة، وإنَّ حوالي 65 في المائة من مرضى السكَّري يقضون نحبَهم بسبب مرض القلب والسَّكتة.
تفحَّصَ الباحِثون حالات أكثر من 114 ألف امرأةٍ بمُتوسِّط عُمر 64 عاماً، وصنَّفوا حالات مرض القلب والسَّكتة بالنسبة إلى تأثير التعرُّض إلى 3 أحجامٍ مُختلِفة من المواد الدقيقة (الهُباب) particulate matter في الهواء المُلوَّث.
تشتمِل هذه الموادّ الدَّقيقة على مواد مُلوِّثة صغيرة جداً لا يُمكن رؤيتُها بالعين المُجرَّدة، مثل المواد التي تنتج عن احتِراق الوقود في السيَّارات ومحطَّات الطاقة، بينما تنتج الموادّ المُلوِّثة الأكبر حجماً عن الغبار الذي يُسبِّبه هُبوب الرِّياح، والغبار على الطُرقات أو مساحيق المواد؛ ويشتمِل المُستوى الثالث من هذه المواد الدَّقيقة على توليفةٍ من المادَّتين السابِقتين.

استمرَّت فترةُ المُتابعة إلى حوالي 17 عاماً؛ حيث وجدَ الباحِثون أنَّ النِّساءَ اللواتي عانينَ من السكَّري ازدادت لديهنَّ حالات مرض القلب والأوعية بنسبة 44 في المائة، وبنسبة 66 في المائة بالنسبة إلى حالات السَّكتة، وذلك بسبب التعرُّض المُزمن لأصغر أحجام الجسيمات المُلوِّثة الموجودة في الهواء. بيَّنت النتائجُ أنَّ خطرَ مرض القلب كان مُنخفِضاً، ولكنه بقي مهمَّاً من ناحِيةٍ إحصائيَّةٍ بالنسبة إلى التعرُّض إلى المواد المُلوِّثة من نمط الغبار الموجود في الطرقات، أو التعرُّض إلى توليفةٍ من المواد المُلوِّثة الدَّقيقة.
أشارَت هارت إلى أنَّه كلَّما صغُرَ حجم المادة الدَّقيقة، ازدادت قدرتُها على الوُصول إلى رئتي الإنسان، وبذلك تُحرِّض على الالتِهاب الذي يُمكن أن يُؤدِّي إلى انسدادٍ في شرايين الدَّم، وتُظهِرُ الأدلَّة أنَّ الموادّ الدَّقيقة الأصغر حجماً تستطيع عُبورَ الرِّئة أيضاً لتدخل في مجرى الدَّم.
أضافت هارت: "لا يستطيع البدنُ التخلُّصَ بسهولة من تلك المواد، ونحن نُؤكِّدُ على أنَّ تلوُّثَ الهواء يُؤدِّي إلى تأثيراتٍ سلبية في صحَّة الإنسان بشكلٍ عام، ولكن قد يحتاج مرضى السكَّري الذين يتعرَّضون إلى تلوُّث الهواء، إلى اتِّخاذ إجراءاتٍ وِقائيَّة أكثر من غيرهم؛ فمثلاً، يجب عليهم إغلاق النوافذ دائماً في حال كانوا يسكنون في مناطق ذات مُستويات مُرتفِعة من التلُّوث الصِناعيّ".
قالَ الدكتور سي هوي لين، اختِصاصي القلب لدى مركز القلب والأوعِية في تكساس: "أنصح المرضى الذين يعملون في الهواء الطلق، ويتعرَّضون إلى مُستويات مُرتفِعة من الهواء المُلوَّث، باتِّخاذ تدابير لوِقاية صحَّتهم، بغضّ النظر عن حجم المواد المُلوِّثة، لأنَّ تأثيراتها السلبيَّة تُهدِّد حياتهم على المدى الطويل".