العين - سعيد المهيري
السدو تحفة من الماضي، استطاعت بجودتها وقيمتها المادية والمعنوية، المحافظة على مكانتها بين الحرف والصناعات القديمة في الإمارات، واستحقت أن تكون ضمن القائمة التمثيلية لمنظمة اليونسكو للتراث الثقافي غير المادي للبشرية، ويتميز السدو بأشكاله وألوانه الزاهية وزخارفه المميزة، وأبدعت المرأة الإماراتية في صناعته، التي تحتاج إلى وقت طويل وصبر وحس فني في اختيار تصميماته الهندسية وتناسق ألوانه مع مكونات البيئة الإماراتية، في السطور التالية المزيد عن صناعة السدو ومنتجاته واستخداماته، على لسان صناعها ممن أسهموا في الحفاظ عليها وصونها للأجيال المقبلة .
تتحدث هيفاء مصبح، حرفية في صناعة السدو عن علاقة السدو بالإبل، قائلة : من الصناعات الحرفية ذات الصلة الوثيقة بالإبل، كانت صناعة تعتمد قديماً على وبر الجمال، الذي كان يؤخذ من الرقبة والسنام والأكتاف، وكلما كانت الإبل صغيرة كان وبرها أكثر نعومة، ويقوم البدو بجمع الوبر المتساقط من الإبل، أما المتبقي على ظهورها فيتم جزه، تبدأ بعدها النساء بعملية الغزل، أما اليوم فأصبحت النساء تستخدمن صوف الماعز والأغنام ويقمن بصبغه، بعد إزالة الشوائب وبقايا العشب التي تكون عالقة فيه، كي تصبح أليافه صالحة للغزل، ومن ثم توضع ألياف الصوف على "التغزالة" لسحب الألياف منها وغزلها، ويتميز صوف الأغنام عن غيره من الخامات المستخدمة في صناعة السدو بوفرته وحسن غزله ونسجه، إضافة إلى أن لونه الأبيض يناسب أغلب الأذواق، أيضاً يتصف صوف الغنم الأبيض بسهولة صباغته بأي لون، على عكس الوبر والشعر اللذين يصعب صباغتهما .
وتوضح أم سالم، حرفية في صناعة السدو والتل الفكرة قائلة: السدو يشبه (النول) المستخدم في صناعة النسيج في بعض الدول العربية، ويتكون من أربع حدائد متصلة ببعضها على شكل مستطيل، تشد على السدو الخيوط في الاتجاه الطولي، ثم تستخدم قطعة خشبية مربوطة بالخيوط بشكل عرضي، لإدخالها بين الخطوط الطولية، لنحصل في النهاية على الأشكال والزخارف المطلوبة، من دون استخدام أي أدوات إلكترونية، وتعتمد صناعة السدو على وبر الإبل وصوف الماعز والأغنام، ومجموعة من المعدات منها، المغزل والأوتاد الخشبية، وفي الماضي كان الرجال والنساء يمارسون هذه الحرفة، أما اليوم فأصبحت المرأة أساس استمرار هذه الصناعة، وهي من تتحمل مسؤولية صونها والحفاظ عليها، كما أنها الأكثر براعة وإتقاناً في صناعتها .
تحدثت خديجة الطنيجي، ممارسة الصناعات الحرفية منذ أكثر من 26 عاما، عن أشكال السدو وألوانه الزاهية وزخارفه، قائلة: تعلمت هذه الصناعات كجزء من احتياجاتنا اليومية، وكنا نعتمد في صناعاتنا على الخامات التي توفرها لنا بيئتنا، ومن المعروف أن البيئة الصحراوية قاسية وتحتاج منا إلى صبر في التعامل معها، وهذا ما ينطبق على صناعة السدو التي تحتاج إلى صبر ووقت طويل في عملها وإتقانها، وكانت المرأة البدوية تستخدم الألوان الزاهية في منسوجاتها بالسدو، كالأحمر والبرتقالي، وكن تستعن ببعض النباتات الصحراوية في صباغة الوبر والصوف مثل نبات العرجون، وهو نبات بري يعطي لوناً برتقالياً، ولتثبيت اللون كن يستعملن "الشب واللومي"، أما نقوش السدو فكانت تتميز ببساطتها واعتمادها على الأشكال الهندسية وأنماط زخرفية تعبر عن مكونات هوية البيئة الصحراوية .
وتقول أم عبيد: أستخدم السدو قديما في مجالات وأشكال متعددة، منها صناعة "المزاود" و"الخروج" و"المركى" والمفارش والمساند، وتدخل في هذه الحرفة أيضاً في حياكة الملابس و"البشوت" التي يلبسها الرجال في منطقة الخليج العربي، ويعد السدو عنصراً أساسياً في تكوين بيوت الشعر وهي عبارة عن مساكن متنقلة، حيث كان البدوي في حالة تنقل مستمر بسبب ظروف البيئة والحياة التي كان يعيشها الناس قديماً .