القدس المحتلة ـ كمال اليازجي
بعد أن تعرضت لضغوط شديدة من قوى اليمين الحاكم والمستوطنين المتطرفين، أدت بها إلى الطلب من النيابة أن تتراجع عن لائحة الاتهام، تراجعت المحكمة المركزية في مدينة اللد، بنفسها عن توجهها وقررت في جلستها يوم أمس الخميس، إدانة أحد الذين شاركوا في جريمة إحراق عائلة الدوابشة الفلسطينية في قرية دوما، في العام 2015. واعتبرته عضوا في تنظيم إرهابي يهودي.
وكانت المحكمة قد قبلت في شهر مايو (أيار) الماضي بالصفقة التي أبرمتها النيابة مع محامي المتهم، والتي اعترف بموجبها بالتآمر على إحراق منزل عائلة دوابشة، بدوافع عنصرية والضلوع في «جرائم كراهية» أخرى. ولكن النيابة طلبت إضافة بند «العضوية في تنظيم إرهابي» وأبقته خارج الصفقة لتبت فيه المحكمة.
ولم تتقبل المحكمة في حينه هذا البند وطلبت من النيابة أن تتراجع عنه. لكن النيابة رفضت. وأكدت أن كل الأدلة تشير إلى أن المجموعة التي نفذت الجريمة عملت كتنظيم إرهابي بكل ما في الكلمة من معنى، إذ أنهم اجتمعوا وخططوا ورصدوا المكان ونفذوا الجريمة ثم حاولوا التشويش على التحقيق. وبعد جريمتهم خططوا ونفذوا جرائم أخرى.
والفتى المذكور، شارك حسب قرار الإدانة، في جريمة إلقاء قنابل حارقة على بيت عائلة دوابشة، في 31 يوليو (تموز) العام 2015، عندما كان أفراد العائلة الأربعة نائمين، مما أدى إلى قتل ثلاثة منهم (الأب سعد والأم رهام والابن الطفل الرضيع علي) وهم أحياء، وإصابة الطفل أحمد بجراح قاسية. ولأن الفتى كان في السادسة عشرة من العمر في ذلك الوقت، تم حظر نشر اسمه وتكتفي الشرطة بالرمز إليه بالحرف الأول من اسمه «أ».
وقد تمكن محامو الدفاع عنه من التوصل إلى صفقة ادعاء مع النيابة العامة، تم من خلالها شطب تهمة «العلاقة المباشرة بالتخطيط للعملية الإرهابية»، لأنه لم يصل إلى منزل عائلة دوابشة، مع أنه كان قد شارك في التخطيط للعملية. وتقضي صفقة الادعاء بأن يعترف بالتآمر على ارتكاب جريمة. وحسب صفقة الادعاء، يفترض أن يقبع «أ» بالسجن خمس سنوات فعلية. وبحسب صفقة الادعاء أيضا، فإن «أ» يعترف بالمشاركة في عدة جرائم ارتكبت بالطريقة نفسها لإحراق بيوت فلسطينية، مثل إحراق مخزن في قرية عقربا وتخريب ممتلكات بدوافع عنصرية، وإضرام النار بسيارة في قرية ياسوف لدافع عنصري وثقب إطارات سيارات في بيت صفافا. وأزالت النيابة تهما عنه، بينها إضرام النار في كنيسة رقاد السيدة العذراء في القدس المحتلة، إضافة إلى عدد من جرائم «تدفيع الثمن»، التي لم تنجح الشرطة والمخابرات في جلب أدلة قاطعة لمشاركته فيها.
وقد صادقت المحكمة المركزية في اللد على صفقة الادعاء، في 12 مايو (أيار) الماضي. وكانت المحكمة نفسها أصدرت قرارا، في يوليو (تموز) من العام الماضي، بتحويل «أ» إلى الحبس المنزلي، بعد أن مكث سنتين في السجن.
ورغم معارضة النيابة للإفراج عنه، قررت المحكمة تحويله إلى الحبس المنزلي بتوصية من مصلحة الأحداث وإحالته إلى مؤسسة تربوية لترميم شخصيته. ولكن تبين أن المؤسسة التي وضع فيها، تعمل على تجنيد تلاميذها في الجيش أو تحيلهم إلى الخدمة الوطنية المدنية. وقد اعتبر محامي الدفاع عنه، تسيون أمير، هذا التحويل بمثابة خطوة إيجابية لتحسين سلوكه.
يذكر أن المحكمة المذكورة كانت قد شطبت اعترافات هذا الفتى وقائده في العملية الإرهابية، عميرام بن أولئيل، في شهر أبريل (نيسان) من العام الماضي، بادعاء أن هذه الاعترافات جبيت من خلال ممارسة التعذيب.
وادعت المحكمة حينذاك، أن كون الفتى قاصر والفترة التي مضت يبرر إعادة النظر في عقوبة السجن. وادعت مصلحة الأحداث في حينه أن الفتى غير مواقفه وعبر عن ندمه عن أفعاله. لكن النيابة أكدت أن هذا تضليل للمحكمة وحسب.
وبسبب هذا التعامل، حذر مسؤولون أمنيون إسرائيليون، وبينهم رؤساء سابقون لجهاز المخابرات العامة (الشاباك)، من تعامل أجهزة الأمن المتسامح مع الإرهابيين اليهود.
وبالمقابل، حاولت قوى اليمين على اختلافها التأثير على المحكمة والسعي لإبطالها بحجة التحقيق بطرق غير قانونية مع الفتى. ولكن ممثل النيابة قال: «هناك تنظيم إرهابي يهودي يعمل في الضفة الغربية وعلينا اجتثاثه من الجذور، حتى لا يشعل الضفة الغربية برمتها».
قد يهمك أيضًا :
حركة "الجهاد الإسلامي" تنفي الأنباء المُتعلِّقة بانضمامها إلى التفاهمات مع إسرائيل