البرنامج النووي الإيراني

خرج العديد من الإيرانيين إلى شوارع طهران مطلع نيسان/أبريل، للاحتفال بالاتفاق الذي جري بشأن البرنامج النووي الإيراني، تزامنًا في الوقت ذاته مع المواطنين الذين يعيشون في إقليم كردستان في العراق بعد أن هاجروا من أجل العمل، إذ احتفلوا بعودة العلاقات بين بلادهم
والقوى العالمية مجددًا، الأمر الذي قد يكون بمثابة تذكرة العودة إلى منازلهم.

وبيّن حبيب عبد الله تورودي، الذي يعمل خبازاً في مدينة السليمانية الكردية في العراقـ أن الإتفاق يعني بأن الضغط الواقع على إيران سينخفض مما يقود إلى تحسن في الوضع الإقتصادي يمكنهم من العودة إلى منازلهم في المدينة الإيرانية "ماريفان".

وأضاف أن المواطنين المهاجرين لا يريدون الإستمرار في البقاء على هذا النحو. وتعد مدينة السليمانية ثاني أكبر المدن في إقليم كردستان في العراق وتبعد عن الحدود حوالي 90 دقيقة بواسطة القيادة، وانتقل إليها العديد من الإيرانيين الأكراد ليس سعياً للجوء أو مناهضة النظام الحاكم في طهران وإنما من أجل كسب المال إثر العقوبات الاقتصادية التي فرضت على إيران بعد عام 2007.

وأشار بختير سعيدي، ويعمل كرسام للوشم في بلدة "رانيا" العراقية الواقعة في منطقة جبلية بالقرب من الحدود مع إيران، إلى أن العمل في بلدهم الأصلي يبقى أفضل، مضيفاً أن غالبية الإيرانيين الذين يعرفهم سيعودون إلى وطنهم في حال تحسن اقتصاد بلادهم.

بيد أنه لا أحد يعلم حصيلة عدد الإيرانيين الأكراد الذين يعيشون في إقليم كردستان، في الوقت الذي انتهت فيه وزارة "القوي العاملة والشؤون الاجتماعية" في كردستان في العراق من إحصاء أكثر من 15 ألفاً من العمال الأجانب الذين دخلوا الإقليم منذ عام 2009.

ويدخل الإيرانيون بواسطة تأشيرات سياحة لمدة خمسة عشر يوماً بحثاً عن عمل ويستمرون في البقاء من دون عمل أو تصريح بالإقامة، فالإجراءات الواجب اتباعها بصفة قانونية تستغرق المزيد من الوقت والذي قد يصل من إلى ستة أشهر إذ يتم الرجوع إلى قوات الأمن المحلية التي تعرف باسم "أسايش".

وفي مقابلات أجرتها إحدى منظمات حقوق الإنسان مع الإيرانيين الذين يطلبون اللجوء في العراق، على عكس هؤلاء من العمال الذين يريدون العودة إلى بلادهم، أشاروا إلى أن "أسايش" تشتبه أيضاً في الإيرانيين الذين من الممكن أن يكونوا "جواسيس"، فضلا عن أن النشطاء الذين أرادوا الحصول على اللجوء في كردستان في العراق جرى التنبيه علىهم من طرف قوات الأمن بعدم التسبب في إحداث أية اضطرابات خوفاً من إغضاب النظام الإيراني.

لم تكن القضايا الأمنية فقط ما تجعل الحياة تزداد صعوبة بالنسبة للإيرانيين الموجودين في إقليم كردستان في العراق، فهناك أيضاً التراجع في الوضع الاقتصادي في المنطقة الذي كان له أكبر تأثير على العمال المهاجرين إلى جانب الخلافات السياسية بين كردستان العراقية والحكومة الاتحادية في بغداد التي تؤثر على الاقتصاد الكردي، بالإضافة إلى الأزمات الأمنية التي يتسبب فيها تنظيم "داعش".

وأدت هذه العوامل إلى تراجع كبير في ازدهار المدن الكردية خلال العام المنصرم، ما دفع بعض السكان المحليين إلى اعتبار أنّ العمال المهاجرين أصبحوا مجرد قوة ضغط إذ أن وجودهم يؤدي إلى ارتفاع نسبة البطالة نظراً إلى كونهم يقومون بالأعمال كلها مقابل أجر زهيد لن يقبل به السكان المحليون إذا قاموا بالعمل ذاته.

ويعقد الكثيرون الآمال في أن يؤدي تطور العلاقات مابين إيران والدول الأخري إلى رفع العقوبات وحدوث طفرة في الاقتصاد الإيراني، ما يجعل الأشياء أكثر راحة ومن ثم العودة إلى وطنهم، فهم لا يريدون البقاء بعيدًا عن عائلاتهم لفترة أطول.