لندن ـ كاتيا حداد
أكد بحث جديد لجامعة بافلو الجديدة أن الأشخاص الذين يخصّصون وقتا لأنفسهم والبقاء بمفردهم للاستجمام والقيام بأنشطة خلاقة يقل لديهم خطر الإصابة بالتوتر والاكتئاب والقلق، وبناء عليه علينا أن نخصّص وقتا لأنفسنا وإعادة شحن أرواحنا لتنتج أفكارا إبداعية.
ويشير البحث إلى أن بعض العزلة المتعمدة والهروب من البقاء مع الناس يمكن أن يكون جيدا للصحة العقلية، إذ أظهرت الأبحاث السابقة أن بعض العزلة ليس بالضرورة أمرا سيئا للصحة النفسية، ولكن هذه الدراسة هي الأولى التي تبين أنه يمكن تحسين الصحة العقلية من خلال تعزيز الإبداع.
ويقلل الإبداع من الإجهاد ويساعدنا في الوصول إلى حالة تدفق للدماغ، إذ يعمل الدماغ بكفاءة مثلى، لتطلق مادة الدوبامين وهي المادة الكيميائية التي تساعدنا على الارتياح، وتجعلنا أكثر راحة لحل المشاكلات.
وفي المقابل، ثبت أن الحدّ من التوتر يفيد صحة القلب، ويقلل الإصابة بمرض الخرف، وذهبت الدراسات لتؤكد أن التفاعل الاجتماعي يلعب دورا مركزيا في كل من الصحة النفسية والجسدية، ولكن الغرف المليئة بالناس ليست البيئة الملائمة للأنشطة الإبداعية.
كان المشاركون في الدراسة والذين اختاروا قضاء الوقت وحدهم أكثر إبداعا من غيرهم، فلا يمكن إنكار أن الجميع بحاجة إلى كسر صخب الأماكن العامة، ولكن قليلا من البحوث وثقت الفائد الصحية الملموسة للبقاء وحيدا لفترة.
وأجرت جامعة بافلو الدراسة على ما يقرب من 300 شخص، وأكدت على خصوصيتهم، وسألوهم لماذا أحبوا العزلة، وكيف يميلون إلى قضاء هذا الوقت.
وهؤلاء الذين شعروا بالخجل أو الخوف من وجود أشخاص آخرين حولهم يميلون إلى أن يكونوا أقل إنتاجية أثناء وجودهم بمفردهم حيث إن سولكهم معادي للمجتمع، ولكن العديد من المستطلعين الآخرين يفضلون ببساطة أن يكونوا بمفردهم لبعض الوقت؛ لأن ذلك يمنحهم فرصة السعي للإبداع أكثر من قضاء الوقت برفقة أحدهم.
وتعد المجموعة الأولى معادية للمجتمع ولكن المجموعة الثانية غير اجتماعية ولكنها لا تعادي المجتمع، حيث فقط يفضل المشاركون فيها البقاء وحدهم.
وقال قائد الدراسة الدكتور جولي بوكر "حين يفكر الناس بالتكاليف المرتبطة بالانسحاب الاجتماعي، في كثير من الأحيان ينمون منظورا تنمويا".
ويشمل السلوك المعادي للمجتمع تجنب الاتصال الاجتماعي، وهذا أمر مثير للقلق، ويقود إلى الكذب والعنف.
ويقول الدكتور بوكر "لا يمكن للأفراد الخجولين أن يبقوا في عزلة طيلة الوقت وأن ينتجوا إنتاجا إبداعيا، ربما لأن مشتتون عن إدراكهم ومخاوفهم السلبية".
ولكن هذا ليس الحال بالنسبة إلى الأشخاص الذين لا يختارون أن يكونوا بمفردهم بعيدا عن الخوف، إذ يشير بوكر إلى أن لديهم ما يكفي من التفاعل مع شركائهم، ولكنهم يتمتعون بالعزلة، وهؤلاء الأشخاص قادرون على التفكير بشكل خلاق وتطوير أفكار جديدة، مثل الفنان في الاستوديو أو الأكاديمي في المكتبة.
إن المشاركة المستمرة من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، وفقا لمجموعة أبحاث في علم النفس، تصل إلى مستوى يضر فعليا بالصحة العقلية.
ولاحظ علماء النفس أن قدرا قليلا من الوحدة يمكن أن يكون مفيدا على المدى الطويل، حيث يقلل من مخاطر الاكتئاب وزيادة العاطفة.