أبوظبي ـ صوت الإمارات
يعتبر كتاب "ما بعد الاستشراق - المعرفة والسلطة في زمن الإرهاب" للمفكر الإيراني حميد دباشي، أستاذ الأدب المقارن في جامعة كولومبيا، الصادر حديثًا عن منشورات المتوسط، واحدًا من أهم الكتب في موضوع الاستشراق لأن حميد دباشي، صديق وزميل إدوارد سعيد، أراد أن يكمل ما بدأه زميله في كتابه الأهم الاستشراق.
وإذا ما كانت وجهات نظر إدوارد سعيد في "الاستشراق" تقطَعُ شوطًا طويلًا في شرح شروط الهيمنة والتمثيل منذ الحقبة الكولونيالية الكلاسيكية في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، وصولًا إلى الزمن الذي كتب فيه دراسته البارزة تلك في أواسط السبعينيات، إلا أن ملاحظات سعيد (رغم من أن العديد من وجهات نظره ما زالت سارية المفعول)، بحاجة إلى التحديث وإعادة التعيين عندما يتعلق الأمر بالأحداث التي أدّت إلى مُتلازمة مرحلة ما بعد الحادي عشر من سبتمبر.
وليس هذا من باب التشكيك في أهمية "الاستشراق"، ولكن من أجل تقديم نظرة من زاوية مختلفة لأعمال سعيد. فضلًا عن أن الكتاب يعتبر سجلًا متينًا لتأملات حميد دباشي على مدى سنوات عديدة في مسألة السلطة والقوة المؤهِّلة للتمثيل، مَن في مقدوره أن يُمثِّل من، وبأيّ سلطة؟
وعندما أخذَت الآلة العسكرية الأقوى في تاريخ البشرية، الولايات المتحدة الأميركية، زمام المبادرة على نحوٍ فعلي وانخرطت عميقًا في أفغانستان والعراق، أصبح الحديث موسعًا بشأن أفعال التمثيل العسكرية هذه، والتي باتت أكثر تجذُّرًا من حيث ادعائها بأنها مفوّضة على الصعيدين القياسي والأخلاقي.
لكن كتاب دباشي، الذي ترجمه باسل عبد الله وراجعه ودققه حسام الدين محمد، لا يمثل نقدًا للتمثيل الكولونيالي، بقدر ما يتحدّث عن آداب المقاومة وأنماطها والتصدّي لهذا التمثيل. وفي سعي حميد دباشي للوصول إلى نمط من إنتاج المعرفة دفعة واحدة لما وراء الأسئلة المشروعة التي أثيرت حول موضوع السيادة، وما زالت حتى الآن مؤثِّرة وقوية على الصعيد السياسي، فإن التفويض الكولونيالي مسألة مركزية. يقوم الجدل الذي يطرحه دباشي على أنّ صورة فكر المنفى هي في نهاية المطاف الركيزة الأكثر أهمية لإنتاج التفويض القياسي والأخلاقي بشعورٍ مرّدُه الوجود الدنيوي. وهي القاعدة الأساس أيضًا للوصول إلى نِتاج معرفي مُضاد في زمن الإرهاب".
ويتضمن الكتاب الواقع في 352 صفحة من القطع الوسط: مقدمة المترجم، ومقدمة للكاتب حملت عنوان: "المعرفة والقوة في زمن الإرهاب"، وسبعة فصول هي: في مثقّفي المنفى، إغناتس جولدتزيهر ومسألة الاستشراق، أنا لستُ تَابِعِيًّا، الأزمة الإبداعية للمُستلَب، تقدم الحجيج: في الثوريّ العابر للحدود، تناضحٌ داخلي: معرفةٌ بلا فاعلية، إمبراطوريةٌ بلا هيمنة، نحو عضوانيّة جديدة، وخلاصة حملت عنوان: تغيير المُحَاوِر.