شرم الشيخ – صوت الإمارات
"رب ضارة نافعة"، هي المقولة التي تترجم ما صادفته أسرة العمل الإماراتي المشارك باسم الدولة في مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي، وهو مسرحية "اللعبة" من إنتاج مسرح الشباب والفنون، وإخراج أحمد الشامسي.
وقبل ساعات من عرض "اللعبة"، مساء أول من أمس، الذي يضم كلًا من سعيد الزعابي مؤلفًا وممثلًا، إلى جانب عبدالله استادي وياسر النيادي وعبدالله المهيري وروية العبيدي، على خشبة مسرح "العلبة" في الهواء الطلق، فوجئ الفنانون الإماراتيون باتصالات وتساؤلات، من ممثلي صحف يومية وقنوات فضائية مصرية، تستفسر عن خبر تداولته المواقع الإخبارية عن عزم أسرة "اللعبة" الانسحاب من المهرجان، والمغادرة إلى دبي، بسبب ما وصفته تلك المواقع بمشكلات في الاستقبال والإقامة والتنظيم.
وشكلت هذه الأنباء غير الصحيحة إرباكًا في توقيت كانت أسرة "اللعبة" قد تحولت إلى خلية عمل من أجل إنهاء اللمسات الأخيرة للإعداد للعرض، كما اضطر مخرج العمل إلى تصريح مقتضب على خشبة المسرح قبيل بدء العمل، يؤكد فيه عدم صحة تلك الأنباء، مضيفًا "نحن مع المهرجان، ومع مصر، ومع عودة ازدهار السياحة في شرم الشيخ".
هذه القضية كانت مدعاة اهتمام هائل من وسائل الإعلام المصرية، لدرجة أنها غيبت الحديث الفني عن العرض، عقب اختتامه، حيث اجتهد كامل فريق "اللعبة"، وفي مقدمتهم الفنان، محمد مال الله، إلى التأكيد بأن العلاقات الرسمية والشعبية التي تربط البلدين لا تسمح بمثل هذه المواقف، حتى وإن كانت هناك بعض الملاحظات بصدد مهرجان في دورته الأولى.
التحدي الفني على الخشبة كان هائلًا، وأوله تعلق بالمساحة المحدودة لخشبة العرض التي لم يعتد عليها طاقم العمل، فضلًا عن الأجواء المفتوحة للعرض التي فوجئ بها المخرج فور وصوله شرم الشيخ، من دون أن يكون مهيأ لها من أجل التجهيز لحلول تتعلق بالإضاءة والسينوغرافيا، وحركة الممثلين على الخشبة.
لكن التحدي الأبرز جاء في إقدامه على تطوير المحتوى على نحو جعل "اللعبة" لا تشبه نفسها، أو عرضها السابق في مهرجان دبي لمسرح الشباب، الذي جنت خلاله عددًا كبيرًا من الجوائز.
ولم يكن طرح قضية التحذير من مخاطر انتشار ظاهرة الاتجار وتعاطي المخدرات، هو القضية المحورية في عرض "اللعبة" ضمن المنافسة الرسمية لمهرجان شرم الشيخ، بل منح الشامسي الأولوية لعدد من القضايا التي تناولها، كقضية الإرهاب، وخطورة استدراج الشباب بدعاوى وشعارات دينية مضللة، واستغلال أحلام مشروعة وغير مشروعة لدى بعضهم من أجل جرهم لدائرة العنف والإرهاب.
التجديد في العديد من الأطروحات والحلول كان خيار الشامسي، الذي أضاف شخصية جديدة تمامًا للعمل، ضم بها مؤلف العمل الفنان سعيد، وهو تجديد كان من الممكن أن يتسبب في إرباك خيوط "اللعبة"، لولا التجانس الذي ظهر عليه الممثلون والمخرج، باستثناء بعض الهنات الاستثنائية، خصوصًا في ختام العمل.
العديد من الثنائيات تظهر في التفاصيل، وبعضها يحمل إشارات لقضايا مهمة، منها قضية غلاء المهور، حيث تشير الفتاة لمطالب عائلاتها، لكن تظل الثنائية الأشمل، والناظمة لكل تلك الثنائيات، هي الثنائية التي تحكم العمل برمته، وهي ثنائية "الموت" و"الحياة"، حيث يشدنا إلى الطرف الإيجابي من الثنائية أحلام الشاب، الذي يؤدي دوره إبراهيم استادي، وطموحه بفرصة عمل وحياة هانئة مع حبيبته، وتؤدي دورها روية العبيدي، فيما تشد باتجاه الطرف الآخر منها أحابيل المروجين للأفكار الهدامة والتطرف لتحقيق مآربهم الخاصة، وهي دائرة لا تستثني النادل، الذي يؤدي دوره عبدالله المهيري.