رسم كاريكاتيري يعبر عن أن الطرفين في موقف عناد يقضي عليهما

رأى الكاتب جوناثان فريدلاند، في مقالة نشرتها صحيفة "غارديان" البريطانية أن التناقض لم يكن مبهجًا، حيث غادر الأسبوع الماضي إلى "إسرائيل" عدة مرات من أجل التحدث مع الذين شاركوا فيما يعتبرونه أفضل ساعة في حياتهم، خلال الذكرى الـ40 لعملية مطار عنتيبي في أوغندا في تموز/يوليو 1976، وتم إنقاذ 102 رهينة, "كانت في هذه العملية في قمة الجرأة والبراعة حينما أغارت وحدة من القوات الخاصة على المطار في جوف الليل، مما أسفر عن مقتل الخاطفين وتحرير أسراهم، كانت مغامرة أسرت مخيلة العالم، وصُنع منها فيلمين في هوليوود"، وفقًا لوصف الكاتب.

وإنتقد الكاتب ما إعتبره عملًا مناقضًا لهذا العمل الشجاع في عنتيبي، عندما نشرت الصحف الإسرائيلية مؤخرًا، عن هجوم إثنين من الفلسطينيين بسكين في مدينة الخليل في الضفة الغربية في إطار ما يسمى بـ"إنتفاضة السكاكين".، ما أسفر عن طعن جندي إسرائيلي، ومقتل أحد الفلسطينيين وإصابة الأخر بجروح خطيرة.

وأوضح في مقاله, فيما كان الفلسطيني المصاب يقبع مجروحًا على الأرض، فإن جندي إسرائيلي آخر، يعمل مسفعًا، أطلق عليه النار على رأسه من مسافة قريبة، مما أدى إلى مقتله على الفور، وأثارت القضية جدلًا كبيرًا بشكل غير متوقع وخاصة في الجيش والمؤسسة العسكرية بشأن الإدانة الأخلاقية لسلوك الجندي, إلَّا أنه في المقابل لا يرى الرأي العام الإسرائيلي الموقف على هذا النحو, ووفقًا لأحد الإستطلاعات، فإن ثلثي الإسرائيليين يعتقدون أن ما فعله الجندي كان "طبيعيا" أو "تصرفًا مسؤولًا"، بل وتعاطف البعض معه قائلين: "إنه كان تحت ضغط نفسي، معتقدين أن الفلسطينيين المصاب  كان يرتدي حزامًا ناسفًا".

ووفقا للكاتب فإن التناقض بين عنتيبي وهذا الموقف هو تذكير للتحذير الصادر عن أحكم أصوات إسرائيل في وقت كانت الحرب 1967 على وشك الانتهاء، فلقد رأوا حينها أن الاحتلال الذي بدأ في اليوم السابع من حرب الأيام الستة من شأنه، أولًا وقبل كل شيء، لن يؤذي الفلسطينيين الذين تحتل إسرائيل أراضيهم، ولكن من شأنه أيضًا أن يؤدي إلى تدمير المحتل، وتآكل المجتمع الإسرائيلي من الداخل, وأضاف, "ليس هناك نقص في الأدلة على أن هناك فسادًا أخلاقيًا، بدليل شهادة إحدى عضوات الكنيست اليميني هذا الأسبوع من ضرورة فصل عنابر الولادة حتى لا تلد أم يهودية, بالقرب من الأطفال العرب حديثي الولادة لأنه من الممكن أن يقتلوا طفلها عندما يكبرون.

وتابع: "هذا ما يفعله الإحتلال، وهذا هو ما يفعله الاحتلال إلى إسرائيل، فما كان الأمر محطمًا للمعنويات خصوصًا بعد محادثتي هذا الأسبوع، هو قلة الأفكار حول كيفية حل هذا الوضع المسمم بين إضطهاد وخنق الفلسطينيين وتسميم الحياة الإسرائيلية, فبعد 25 عامًا من كتابة وإعداد التقارير عن هذا الصراع لست متأكدًا من أنني سمعت القليل من الحديث عن الحلول".

وقال: "الشلل في العلاقة بين الطرفين ليس من الصعب شرحه، فالفلسطينيون كلاهما ضعيف ومنقسم بين حركة "حماس" في غزة ، وحركة "فتح" في الضفة الغربية، في حين أن الجمهور الإسرائيلي ليس في مزاج لتحمل المخاطر، وخاصة عندما ينظرون إلي جيرانهم".

وأكَّد في مقاله على أنَّ نظرة واحدة شمالًا إلى سورية كافية  لجعل دعاة السلام يحذرون حتى من تسليم الأرض، ففكرة الدولة الفلسطينية المستقبلية التي يمكن أن تديرها "داعش", أبوابهم ترعب الإسرائيليين, وأن لسان حالهم: "إذا كان هذا ما يمكن للعرب أن يفعلوه في بعضهم البعض، فتخيل ما يمكن أن يفعلوه بنا إذا أتيحت لهم الفرصة".

وأشار إلى أنَّه من المؤكد لا يمكن الخروج من هذا المستنقع و الجانبين ينظران إلي الخارج، وتفيد التقارير بأن الفلسطينيين يطرحون قرار جديد في الأمم المتحدة، سيشكل فرقًا، كما أن البعض في اليسار الإسرائيلي المتطرف يشير فقط إلي المقاطعة الدولية وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات، سيجبر التغيير، ولكن البعض الآخر على اليسار جعل قضية قوية هذه العزلة يعزز من فقط الحق ويجعل الاحتلال أكثر شدة، وربما لعدة عقود, وأضاف: "أما الآخرين على الساحة، فكما هو الحال، وأن الولايات المتحدة لا يعول عليها كثيرًا، فهي حاليًا يبدو أنها تدير ظهرها للمنطقة بأسرها لمدة جيل على الأقل".

 وأوضح الكاتب أنَّ الأمر الأكثر إثارة للاهتمام هو ما ألمح به رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مدعومًا بقوة من توني بلير، الذي لا يزال يعمل في السر، حتى بعد انتهاء دوره مبعوث رسمي، وأن أفضل احتمال يقع على عاتق الدول العربية السنية الذين يرون حاليًا إسرائيل باعتبارها حليفًا محتملًا ضد تهديدات أكبر مثل "داعش" أو إيران, وتابع, "وفقا لهذا الرأي، فإن مصر، و السعودية،  ودول الخليج معًا، تتيح للفلسطينيين "الغطاء" العربي الإسلامي على نطاق واسع، الذين يحتاجون إليه للتوصل إلى إتفاق مع إسرائيل، في حين تقدم الإسرائيليون جائزة كبيرة بما يكفي - سلام على مستوى المنطقة من أجل تشجيعهم على تقديم التنازلات التي تبدو مكلفة للغاية.

ونوه إلى أن الفكرة تحتوي على منطق جذابة، ولكن الواقع لم تحظى سوى بقليل من التشجيع, مشيرًا إلى أن مكافحة الإرهاب تتم بالتعاون بين إسرائيل والدول السنية وقد تكون جيدة ولكن الأدلة على أي اتصال دبلوماسي أوسع شحيحة أو غير موجودة, وأضاف, "كما أدت حرب 1973 إلى اتفاق سلام مع مصر، فربما يؤدي هذا التشنج الإقليمي إلي حل غير متوقع لخروج من المأزق الحالي, وأن الفكرة المقترحة معقولة ولكنها محبطة وليس فقط بسبب الحرب ولكن لأن الطريق إلي السلام قاتم، لأنه يرتكز على قبول هذين الشعبين، على حد سواء، لبعضهم البعض على نفس الأرض مؤكدا حقهم في تقرير المصير، و تحديد مستقبلهم".