أبو ظبي ـ سعيد المهيري
"لن نتنازل عن حبة رمل واحدة من أرضنا لإيران، فالأرض ملك الشعب وليست ملكاً لعائلة".. كلمات واضحة قوية حاسمة حازمة، رددها مؤسس الدولة، المغفور له بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، في كل محفل ومناسبة، فجعلها منهاج عمل وعقيدة راسخة في أذهان كل الإماراتيين، لتظل قضية الجزر الثلاث: (طنب الكبرى، وطنب الصغرى، وأبو موسى) المحتلة من قبل إيران، في أعلى سلم أولويات الدولة المحلية والعربية والدولية.
وكان الشيخ زايد حريصاً على أن تتصدر قضية الجزر المحتلة، القضايا التي تضمنتها خطاباته الافتتاحية لأدوار الانعقاد العادية وغير العادية للمجلس الوطني الاتحادي، وأن يستهل بها كلماته، باعتبارها قضية وطنية لا تقبل المساومة أو التنازل، كما أنها قضية يجب أن تحظى بإجماع وطني، وترسخ في وجدان أبناء الأمة.
وحملت خطابات المغفور له الشيخ زايد، في افتتاحات أدوار المجلس الوطني الاتحادي، وما تضمنته من رؤية حول الجزر الإماراتية المحتلة، أربعة أهداف أساسية: أولها التذكير المتواصل بقضية الأرض في كل مناسبة، والثاني التنبيه إلى الوضع الذي آلت إليه القضية، ومدى الجهود السلمية التي تبذلها الإمارات، وهي مسلحة بشرعية موقفها، وسلامة نهجها، من أجل إقناع إيران بالعدول عن موقفها الرافض للحوار، والثالث حرصه على أن يكون أعضاء المجلس على اطلاع بما وصلت إليه الأوضاع، وحثهم على العمل على حمل هذه القضية إلى أبناء الشعب، بهدف تشكيل وعي سياسي جمعي في الإمارات، بأن قضية الجزر لن تنسى، وأن الإمارات ستبقى وفية لعهد استرداد حقوقها، بينما الهدف الأخير كان أشبه بتكليف نقلته رسالة واضحة لأعضاء المجلس بأن يحملوا هذه القضية العادلة إلى العالم كله، ليكونوا سنداً يعتمد عليه في كل ما تقوم به الدولة من جهود إقليمية وعالمية، لإعادة حقوق الإمارات في جزرها المحتلة، وإقناع إيران بإعادتها.
ومثّل تضمين خطابات الشيخ زايد لقضية الجزر المحتلة رسالة واضحة من الإصرار، على أن تكون هذه القضية متجذرة في نفوس أبناء الوطن، ولا يجوز التنازل عنها أبداً مهما طال الزمن، وهو ما بدا جلياً في معظم أو كل الخطابات والكلمات واللقاءات الرسمية، لرئيس المجلس الوطني الاتحادي، الدكتورة أمل عبدالله القبيسي، والتي تعكس حرص المجلس على تبني هذه المبادئ في مشاركاته الخارجية، من خلال المؤتمرات البرلمانية العربية والدولية، وذلك من خلال كسب التأييد والدعم من مختلف الجهات لهذه القضايا، بما فيها قضية الجزر الإماراتية الثلاث المحتلة من قبل إيران: (طنب الكبرى، وطنب الصغرى، وأبو موسى)، ومحاولة إقناع الجانب الإيراني بحلها سلمياً، أو اللجوء إلى محكمة العدل الدولية.
أبرز كلمات الشيخ زايد، رحمه الله، تحت قبة البرلمان، عن قضية الجزر المحتلة، جاءت بتاريخ 6 فبراير 1993، حينما افتتح دور الانعقاد البرلماني، قائلاً: "تعتبر دولة الإمارات العربية المتحدة أن استمرار احتلال إيران لجزرها الثلاث: طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى، وعدم التزامها بما جاء في مذكرة التفاهم حول جزيرة أبو موسى، يمثل انتهاكاً لسيادة ووحدة أراضي الدولة، وزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، كما يمثل إخلالاً بالرغبة المعلنة في تطوير العلاقات بين البلدين، وتعارضاً مع المبادئ التي تقوم عليها العلاقات بين الدول، وإننا نؤكد أن تطوير علاقات الصداقة والتعاون بين البلدين يرتبط بتعزيز الثقة، وبما تتخذه الجمهورية الإسلامية الإيرانية من إجراءات، تنسجم مع التزامها بمبادئ القانون الدولي والمواثيق الدولية، واحترامها لسيادة ووحدة أراضي دولة الإمارات العربية المتحدة، ولمبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وأن دولة الإمارات العربية المتحدة قد أعربت مراراً عن رغبتها في حل هذه المشكلة بالطرق السلمية، وتؤكد عزمها اتخاذ ومتابعة كل الإجراءات السلمية، الكفيلة باستعادة سيادتها على جزرها الثلاث بموجب مبادئ وميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي".