لاهاي - جاد منصور
اعترف المتطرف الاسلامي، أحمد فقيه المهدي الاثنين امام المحكمة الجنائية الدولية، بالتهم الموجهة اليه حول تدمير أضرحة تاريخية في مدينة تمبكتو في جمهورية مالي. واقر المهدي، الذي يواجه عقوبة السجن لمدة 30 عاماً، بارتكابه الجريمة قائلاً: "اشعر بالأسف الشديد والألم العظيم، وانا انصح المسلمين في جميع أنحاء العالم بعدم ارتكاب مثل هذه الأفعال لأنها لا تجلب الخير للبشرية".
ويعد المهدي، الذي كان يرأس "شرطة الأخلاق" في جماعة "أنصار الدين" التابعة لتنظيم "القاعدة"، أول متطرف اسلامي تتم محاكمته امام المحكمة الجنائية الدولية، كما يعد أول متهم تتم محاكمته في جرائم حرب تتعلق بتدمير تراث ثقافي. ففي 2012، أمر المهدي بمهاجمة اماكن مقدسة مما ادى الى تدمير تسعة أضرحة وباب مسجد.
وتأسست مدينة تمبكتو في الفترة ما بين القرن الخامس و القرن الثاني عشر، وكان يُطلق عليها "مدينة ال 333 ولياً" بسبب عدد حكماء المسلمين المدفونين هناك. وقال المهدي "أود أن اطلب العفو من كل الناس في تمبكتو، اعدكم أن هذا كان أول وأخر فعل غير مشروع ارتكبه في حياتي".
وكان المدعون في المحكمة قد اعلنوا في بداية جلسة المحاكمة أنهم قد توصلوا إلى اتفاق مع فريق دفاع المتهم للمطالبة بعقوبة السجن لمدة تصل ما بين تسع إلى 11 سنة، ولكن قال القضاة أنهم غير ملزمين بالاتفاق، ولذلك لا يزال المهدي يواجه عقوبة السجن لمدة أقصاها 30 عاماً.
ويأمل خبراء الآثار أن تكون المحاكمة قد ارسلت تحذيراً شديد اللهجة يشير الى أن نهب القطع الأثرية وتدمير المواقع الأثرية لن يمر دون عقاب. وقالت مدعية المحكمة الجنائية الدولية، فاتو بنسودا لوكالة الانباء الفرنسية: "مهاجمة وتدمير المواقع الثقافية والدينية تعد اعتداء على تاريخ الشعوب، أي شخص يقوم بتدمير جذور الشعوب لا يجب أن يفلت من العقاب".
وقال محامي المتهم، محمد عويني أن مهدي قرر منذ تسليمه للمحكمة الجنائية الدولية بواسطة النيجر في أواخر عام 2015 أن يعترف بذنبه لأنه مسلم يؤمن بالعدالة. "هو يريد أن يكون صادقاً مع نفسه وأن يعترف بالأفعال التي ارتكبها".
وأعلنت المديرة العامة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "يونيسكو"، ايرينا بوكوفا أنها كانت مهتمة للغاية بهذه الواقعة، مشيرة الى أنها لن تنسى أبدا مشاهد الأضرحة المنهوبة والمدمرة اثناء الزيارة التى قامت بها إلى تمبكتو في يناير 2013 بعد وقت قصير من طرد الجهاديين.
وكان نشطاء حقوقيون من مالي سافروا إلى لاهاي لحضور المحاكمة، قد دعوا المحكمة الجنائية الدولية لمواصلة تحقيقاتها في الجرائم الأخرى التي تم ارتكباها خلال الصراع في مالي. "إن النساء في الشمال عانت من الزواج القسري والاغتصاب من قبل الجهاديين"، قال مسؤول في الجمعية المالية لحقوق الإنسان، باكاري كامارا.