أبو ظبي - سعيد المهيري
شدَد الشيخ ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد آل نهيان على عظم المسؤولية الملقاة على عاتق العلماء تجاه المجتمعات الإسلامية، بحكم علمهم ومعرفتهم الواسعة بنصوص الشريعة وأحكام الدين، وأهمية دورهم في تبيان مقاصد الإسلام الحقيقية وقيمه السمحة وعظمة الإسلام في دعوته إلى التسامح والعدل والسلام والخير والتعايش، والتصدي بحزم لانحرافات فرق الغلو والتطرف التي شوّهت صورة الإسلام وروحه السمحة.
جاء ذلك خلال استقباله ، مساء أمس في قصر البطين، أصحاب الفضيلة العلماء ضيوف الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، يرافقهم الدكتور محمد مطر الكعبي، رئيس الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف.
ورحب الشيخ محمد بن زايد، بأصحاب الفضيلة العلماء، وتبادل معهم التهاني والتبريكات بمناسبة شهر رمضان المبارك، داعين الله عز وجل أن يعيده على دولة الإمارات العربية المتحدة والأمتين العربية والإسلامية باليمن والخير والبركات.
وتبادل وضيوف رئيس الدولة الأحاديث عن إحياء ليالي شهر رمضان المبارك بالفعاليات والمحاضرات التي تهدف إلى تبصير الناس بشؤون دينهم وتعاليمه السمحة وإثرائها بالثقافة والمعرفة.
من جانبهم، أعرب العلماء والوعاظ عن سعادتهم بوجودهم في دولة الإمارات العربية المتحدة، والمشاركة في هذه السنّة الطيبة التي أرساها الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، من خلال إلقاء المحاضرات والبرامج الدينية والاجتماعية التي تهم المجتمع المسلم، داعين الله عز وجل أن يديم الأمن والاستقرار على دولة الإمارات العربية المتحدة وعلى شعبها الخير والتقدم والازدهار.
إلى ذلك، شهد الشيخ محمد بن زايد في مجلسه الرمضاني أمس، أول محاضرة في الشهر الكريم عن حماية المجتمع من التطرف.
وركز الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف المصري، خلال المحاضرة التي قدمها، على تحصين المجتمع من الأفكار المتطرفة، وغلق منافذ التطرف، ومتابعة منع المتطرفين من الدعوة والفتوى، وتفنيد شبهات المتطرفين وكشف أغراضهم وسوء أفعالهم.
وأكد أننا لسنا في حاجة إلى تجديد الخطاب الديني فقط، بل بحاجة إلى تجديد المناهج الدراسية والخطاب الإعلامي والثقافي، لأن ما نعانيه ناتج عن انسداد في الأفق الثقافي، ولو جددنا الجانب الثقافي والعلمي والفكري يمكن لأي إنسان أن يجدد فكره.
وأكد الدكتور محمد مختار جمعة أن بلاده تسعى إلى التنسيق والترابط في الفتاوى ومجال الأوقاف مع دولة الإمارات، من أجل توحيدها وأخذها من رجال الدين والعماء المتخصصين، مشيراً إلى أننا يجب ألا نعتمد على وسائل التواصل الاجتماعي مصدر للعلم برغم أهمية تلك الوسائل، وعلينا أن نأخذ العلم من العلماء وأهله.
وقال إن الفكر المتطرف يشكّل خطراً دائماً على الدين والوطن والإنسانية، لأن الجماعات المتطرفة والإرهابية التي تحمل أو تنتسب إلى الإسلام ظلماً وبهتاناً تخدع وتضل تحت اسم الإسلام وراية القرآن، والإسلام بريء منها.
وأضاف أن هذه الجماعات المتطرفة لا تؤمن بوطن أو دولة، وولاء أفرادها للتنظيمات التي ينتمون إليها، مع أنهم لا وفاء لهم، لأن الإرهاب يأكل كل من ينتمي إليه أو يموله، لأنهم لا أخلاق لهم.
وأكد أن الجماعات الإرهابية لعبت بقضية الخلافة ونظام الحكم، فدين الله لا مجاملة فيه، والإسلام لم يفرض على المسلمين أو جاء بنظام جامد للحكم، لكنه وضع أسساً عامة إذا ما طبقت سيكون الحكم رشيداً، وهو الذي يتحقق من خلال إقامة العدل ومنع الفساد بين الناس والعمل على تحقيق مصالحهم ما أمكن ذلك، بأن يوفر لهم مقومات الحياة الأساسية ويمكّن الناس من إقامة شعائر دينهم، فالمطلوب أن يكون هناك نظام واحد من رئيس واحد ومؤسسات، وإلا حلت الفوضى في أي دولة لم تحقق ذلك.
وأشار وزير الأوقاف المصري إلى أننا يجب أن نركز على العائدين من "داعش" والحركات الإرهابية، ونؤكد لشبابنا أن النعيم في الآخرة كما يدّعون بقتل النفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق ما هو إلا خداع، وأنهم لن يجدوا زوجة ولا الحور العين في الجنة كما يدعون بعد تنفيذهم للعمليات الإرهابية بالأحزمة الناسفة، بل سيجدون العذاب المقيم، مؤكداً ضرورة استماع أبنائنا إلى من يدعو إلى الرحمة والتسامح وحب الوطن والعمل والإنتاج وإلى صحيح الدين، وألا يستمعوا إلى من يدعون إلى القتل والفساد وسفك الدماء، فالدين الإسلامي لا يحب الفساد والمفسدين، وهو دين الخير والعطاء وحب الخير للإنسانية جمعاء.