الجيش الوطني الليبي

أكد مصدر عسكري، اليوم الخميس، أن نحو 70 جنديًا من قوات القائد العسكري الليبي خليفة حفتر، نقلوا جوًا إلى روسيا، للعلاج وذلك في إحدى الإشارات الأولى العلنية، إلى تعاون بين موسكو وأحد التشكيلات العسكرية الليبية. ويشعر معارضو حفتر الذي يقود ما يسمى الجيش الوطني الليبي المتمركز في شرق البلاد بالقلق من أن يكون ارتباطه بروسيا، محاولة لتحدي الحكومة الهشة المدعومة من الأمم المتحدة في طرابلس، التي يرفض التعاون معها.

 وأوضح مسؤول من قوات حفتر أن الجنود سافروا إلى روسيا من مصر، لكنه لم يقدم أي تفاصيل. وذكر مصدر عسكري أن الجنود نقلوا إلى مصر بطائرة أقلعت من مطار بنينة في بنغازي، ثم نقلوا من مصر إلى روسيا، وأضاف أن هذه لن تكون العملية الأخيرة من نوعها لمصابي الجيش الوطني الليبي. وتربط حفتر علاقات جيدة مع مصر. وتقاتل قوات حفتر منذ عامين تحالفًا من متشددين وثوار سابقين في بنغازي. وسعى إلى تعزيز صداقته مع روسيا، وزار موسكو مرتين العام الماضي، لطلب مساعدات عسكرية.

وقال فايز السراج، رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني في ليبيا، إن الانقسام السياسي والوضع السياسي في ليبيا خلال السنوات السابقة، أدى إلى تشرذم المؤسسة العسكرية. وأوضح في تصريحات له من داخل مقر حلف الـ"ناتو" في بروكسل أمس، أن حكومة الوفاق الوطني "تعمل على إعادة توحيد المؤسسة العسكرية، وبعدها يمكن الحديث عن علاقة مع الأطراف الأخرى كافة".

  وأضاف السراج في مؤتمر صحافي مشترك مع الأمين العام للـ"ناتو" ينس ستولتنبرغ، عقب محادثات ثنائية بعد ظهر أمس الأربعاء أن الأطراف الدولية كافة "تسعى في الوقت الحالي إلى مساعدة ليبيا ودعم الاستقرار في البلاد، ولكن قبل العمل مع المجتمع الدولي لا بد من توحيد المؤسسة العسكرية تحت قيادة سياسية واحدة". وحول مشاركة بلاده في "مهمة صوفيا" لمكافحة الهجرة في البحر المتوسط قال السراج: "لقد سبق أن تحدثنا في هذا الموضوع. فمن ناحية السيادة هناك مياه إقليمية، والتحرك فيها يجب أن يتم من خلال قيادة مشتركة بين القوة البحرية الليبية وأي طرف آخر يريد مساعدة ليبيا في هذا الأمر، لكن قبل كل هذا نسعى إلى تحديث الأسطول الليبي وقدراته، وأعتقد أن مؤسسة "الناتو" بشكل عام، أو الدول الأعضاء بشكل ثنائي، يمكن أن تساعد بشكل كبير حتى نتمكن من أن نقوم بدورنا بشكل فعال".

من جانبه، قال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي "الناتو" إن الحلف على استعداد لتقديم المساعدة المطلوبة منه، في حال تقدمت ليبيا بطلب للحصول على هذه المساعدة، موضحا أن محادثاته مع السراج تناولت سبل القيام بهذا الدور، كما نوّه بالتقدم في محاربة تنظيم "داعش" داخل ليبيا. وبخصوص التعاون الأمني بين الجانبين قال ستولتنبرغ إن حلف الـ"ناتو" مستعد لمساعدة ليبيا على بناء مؤسسات الأمن والدفاع، وتعزيز قدرتها في مكافحة الإرهاب، وتهيئة الظروف من أجل تحقيق السلام، مضيفا أن "الناتو" يمكنه في المستقبل تقديم المشورة إلى السلطات الليبية بشأن "إنشاء وزارة حديثة في الدفاع والقوات المسلحة والخدمات الأمنية والاستخباراتية إذا طلبت ليبيا ذلك"، مشيرا إلى مساهمة "الناتو" في دعم المهمة البحرية التي يقوم بها الاتحاد الأوروبي قرب السواحل الليبية لتعزيز عمل حفر السواحل، وحماية الحدود، ومهمة مواجهة الهجرة غير الشرعية.

وجاءت محادثات السراج في بروكسل أمس مع الأمين العام لـ"الناتو" ينس ستولتنبرغ، عقب زيارة السراج إلى بروكسل، التي تشمل لقاءات أخرى مع عدد من المسؤولين في مؤسسات الاتحاد الأوروبي، إذ من المقرر أن يلتقي السراج مع دونالد تاسك، رئيس مجلس الاتحاد اليوم الخميس في مقر المجلس الأوروبي، ثم يلتقي بعدها مسؤولين آخرين، من بينهم فيدريكا موغيريني منسقة السياسة الخارجية بالاتحاد. وتأتي زيارة السراج إلى بروكسل قبل أيام قليلة من اجتماع وزراء خارجية دول الاتحاد، وهو الاجتماع الذي سيبحث الأوضاع في ليبيا والتعاون بين الجانبين في ملفات مكافحة الإرهاب، والهجرة غير الشرعية.

 وحسب مصادر في بروكسل فإن المناقشات الأوروبية - الليبية ستتمحور حول الوضع السياسي والأمني والاقتصادي في ليبيا، والجهود التي يبذلها الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة لدعم التسوية السياسية في البلاد. وفي هذا السياق قالت مصادر أوروبية مطلعة إن الاتحاد سيعيد التأكيد على استمرار دعمه لحكومة الوفاق الوطني في ليبيا، وسيكرر الدعوة لجميع الأطراف المعنية للعمل بروح إيجابية من أجل إنجاح التسوية السياسية التي ستصب في مصلحة كل الليبيين.

 كما سيتركز البحث خصوصًا حول التعاون على إدارة ملف الهجرة، بخاصة أن الاتحاد الأوروبي يضطلع بمهمة تدريب عناصر خفر السواحل الليبية، بواسطة عملية "صوفيا" في المتوسط. وكانت قيادة عملية صوفيا قد أطلقت قبل يومين الدورة الثانية لتدريب 20 ضابطًا من البحرية الليبية برتب مختلفة من أجل رفع كفاءتهم وقدراتهم على ضبط الحدود البحرية لبلادهم، وتوعيتهم بالجوانب القانونية لإدارة ملف الهجرة، ضمن القرارات الدولية وقيم حقوق الإنسان. وتأتي محادثات السراج مع المسؤولين الأوروبيين في إطار مشاورات مكثفة يجريها هؤلاء فيما بينهم، إذ سيعود الموضوع الليبي إلى النقاش أثناء قمة مالطا غير الرسمية غد الجمعة، وبعده خلال اجتماع وزراء الخارجية الدوري الاثنين المقبل في بروكسل.  ويُذكر أن أوروبا تولي الكثير من الاهتمام لعودة الاستقرار والأمن في ليبيا، على اعتبار أن استمرار حالة الفوضى الأمنية والسياسية في البلاد ستؤدي إلى تفاقم خطر الإرهاب والهجرة غير الشرعية، ما يهدد دول الاتحاد الأوروبي بشكل مباشر.