أبوظبي ـ سعيد المهيري
أكد معالي زكي أنور نسيبة وزير دولة، أن قرارَ حكومة دولةِ الإماراتِ العربيةِ المتحدةِ بإعلانِ العام 2019 عامَ التسامحِ حملَ دلالاتٍ مهمةٍ للمجتمعِ الدولي الذي يُعاني اليومَ من تمزقِ النسيجِ المجتمعي وتفشي العصبيةِ والعنفِ في العديدِ من دوله، قائلاً: "تعتبرُ الإماراتُ بأننا أحوجُ ما نكونُ فيهِ اليومَ للتضامنِ معاً على مستوى الإنسانيةِ لمواجهةِ المخاطرَ المصيريةِ التي نواجهها معاً، وأنه من أجلِ تحقيق ذلكَ علينا الإقرار أولاً بأنَّ التسامحَ ليسَ حالةً تلقائيةً لدى الشعوبَ، والدولِ بلْ هو ثقافةٌ يجبُ العملُ على تعزيزها وتحصينها محلياً وإقليمياً وعالمياً".
جاء ذلك خلال محاضرة ألقاها بجامعة الغرير بعنوان «عام التسامح والأخوّة الإنسانية في فكر زايد»، شهدها الأستاذ الدكتور باسم الذهبي، رئيس جامعة الغرير وعدد من أعضاء مجلس الأمناء والأكاديميين وأعضاء الهيئة التدريسية والإدارية والطلبة والمهتمين بالدراسات والبحث العلمي.
وأوضح في محاضرته أنه لمْ يكنْ إعلان عام 2019 عاماً للتسامحِ في دولةِ الإماراتِ العربيةِ المتحدةِ بعدَ «عام زايد» مُجردَ صدفةٍ، بلْ جاءَ تأكيداً لرؤيةِ القيادةِ الحكيمةِ للتسامحِ كامتدادٍ للقيمِ النبيلةِ التي جسّدتها شخصيةُ المغفورِ له بإذن الله الشيخ زايد خلالَ حياته فخلالَ السنواتِ الماضيةِ، شهدتْ دولةُ الإماراتِ تعزيزاً ملحوظاً للتسامحِ كنهجَ حياةٍ، وكمُكونٍ للهويةِ الوطنيةِ الجامعةِ التي تستمدُ صيرورتها من التسامحِ والتعايشِ المشتركِ، والتنوعِ الثقافي، والحضاري، والانفتاحِ على الثقافاتِ، ومكافحةِ الكراهيةِ والعنفِ، ومدَّ يدَ العونِ للمحتاجينَ والملهوفينَ في كلِّ مكانٍ.
إقرا ايضًا:
الإمارات تشدد في مجلس الأمن الدولي على الصلة بين تغير المناخ والأمن الدولي
وأشار إلى أن العاصمةُ أبوظبي استضافتْ في مُستَهلِ عام التسامحِ حدثاً تاريخياً اعُتبرَ الأول من نوعهِ في الجزيرةِ العربيةِ، نظّمهُ مجلسُ حكماءِ المسلمين، وهو لقاءُ الأخوّةِ الإنسانيةِ بحضورِ كلٍّ من قداسةِ البابا فرانسيس الثاني، بابا الفاتيكان والدكتور أحمد الطيب، إمامُ الأزهر، وبمشاركةِ 700 شخصيةٍ دينيةٍ من رجالِ وعلماءِ الدينِ منْ مُختلفِ الدياناتِ والطوائفِ.
وهَدَفَ المؤتمرُ لتكريسِ الحوارِ والتواصلِ بينَ الأديانِ السماويةِ، وتعزيز دورِ الإماراتِ كمركزٍ عالميٍ للحوارِ بينَ الحضاراتْ. وقال معالي زكي أنور نسيبة إنه حدث تاريخي آخر كرّسَ رمزيةَ عامَ التسامحِ لدولةِ الإماراتِ في أذهانِ المجتمعِ الدولي، استضافتْ أبوظبي الألعابَ الأولمبيةَ العالميةَ لأصحابِ الهممِ في الفترةِ من 8 إلى 22 مارس 2019 شاركَ فيها أكثرَ من 170 دولةٍ.
وذكر معاليه أن الحدثينِ أتيا تعزيزاً لمبادرةِ صاحبِ السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولةِ، حفظهُ الله، إعلانَ «عام 2019» عاماً للتسامحِ، يُرسّخُ دولةَ الإماراتِ عاصمةً عالميةً للتسامحِ ويؤكدَ قيمةَ التسامحِ، باعتبارهِ عملاً مؤسسياً مُستداماً من خلالِ مجموعةٍ من التشريعاتِ والسياساتِ الهادفة إلى تعميقِ قيمَ التسامحِ والحوارِ وتقبل الآخرِ والانفتاح على الثقافاتِ المختلفةِ خصوصاً لدى الأجيالَ الجديدةِ، بما تنعكسُ آثارهُ الإيجابيةُ على المجتمعِ بصورةٍ عامةٍ.
وأشار إلى أنه منْ أبرزَ المحطاتِ التي شهدَتها دولةُ الإمارات خلالَ الخمس عشرةَ سنةً الماضيةَ على المستويين الرسمي والأهلي، لإعلاءِ شأنَ التسامحِ كقيمةٍ وممارسةٍ، إنشاءَ وزارةٍ للتسامحِ، وإطلاقَ البرنامجَ الوطني للتسامحِ، وتنظيمَ الملتقياتِ العالميةِ والوطنيةِ حولَ التسامحِ، وتعزيز حوار الأديانِ وحوار الحضاراتِ، ومكافحة التمييزِ والكراهيةِ، وإطلاقَ المبادراتِ المختلفةِ لتعزيزِ الأخوةِ الإنسانيةِ والعيشِ المشتركِ. ففي عامِ 2016، تمَّ تأسيسُ أول وزارةٍ للتسامحِ في العالمِ، وأعلنتْ عدداً من المبادراتِ الفاعلةِ في مجالِ تعزيزِ الحوارِ بينَ الشعوبِ والأديانِ، مثلَ «البرنامجَ الوطني للتسامحِ» و«جائزةُ محمد بن راشد للتسامح» و«المعهدَ الدولي للتسامح»، إلى جانبِ تأسيسها العديدَ من المراكزِ الهادفةِ إلى مُحاربةِ التطرفِ.
وأكد معاليه أن دولةُ الإماراتِ تلتزمُ بالعديدِ من الاتفاقياتِ الدوليةِ المعنيةِ بالتسامحِ والتعايشِ ونبذِ العنفِ والتطرفِ، منها على سبيلِ المثالِ لا الحصرِ: الاتفاقيةُ الدوليةُ للقضاءِ على جميعِ أشكالِ التمييزِ العنصري لعام 1974. كما وتعتبرُ دولةُ الإماراتِ نموذجاً وقدوةً تُحتذى في التسامحِ وقبولِ الآخرِ لاحتضانها أكثرَ من 200 جنسيةٍ على أراضيها يعيشونَ بانسجامٍ ووئامٍ، ويضمنُ القانونُ الحقَ للمقيمينَ في استخدامِ مرافقِ الدولةِ الصحيةِ والتعليميةِ والثقافيةِ والترفيهيةِ أسوةً بمواطنيها بدونَ أيَّ تمييزٍ.
وتابع: يعتبرُ التسامحُ ركيزةً أساسيةً في السياسةِ الخارجيةِ للدولةِ، والتي ترسّختْ منذُ قيامِ الدولةِ من خلالِ تطبيقِ مبدأ الاحترامِ المتبادلِ والحوارِ والتعاونِ وعدمَ التدخلِ في الشؤونِ الداخليةِ للدولِ الأخرى، ونبذَ العنفِ والتطرفِ.
وأكد معالي زكي نسيبة أن رؤيةُ القيادةِ في دولةِ الإماراتِ تقومُ في كلِّ ذلكَ على ترسيخِ قيمِ التسامحِ والتعدديةِ الثقافيةِ ونبذَ التمييزِ والكراهيةِ، وقبولَ الآخرِ، وقد عُرفَ المجتمعُ الإماراتي بإرثهِ الأصيلِ في السماحةِ والسلامِ والتعدديةِ الثقافيةِ والانفتاحِ والتعايشِ مع الغيرِ، ورسّخَ هذا الإرثُ المغفورُ له بإذنِ الله الشيخ زايد والقادةُ المؤسسونَ الأوائل.
وقدْ انعقدتْ القمةُ العالميةُ للتسامحِ في 14-16 نوفمبر 2018 في دبي تحتَ رعايةِ صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، تحتَ شعارَ «تحقيقُ المنفعة الكاملة من التنوعِ والتعدديةِ: مجالٌ حيويٌ للابتكارِ والعملِ المشترك». ونظمَّ القمةَ المعهدُ الدولي للتسامحِ التابعَ لمؤسسةِ مُبادراتِ محمد بن راشد آل مكتوم العالمية بمشاركةِ مسؤولين رفيعي المستوى من دولةِ الإماراتِ وخارجها.
وقال معاليه: "لقد كانَ لفكرِ الشيخ زايد القائمِ على التسامحِ والأخوةِ الإنسانيةِ صدى كبير بين القريبِ الذي عرفهُ والبعيدِ الذي لم يعرفه. ولقد وصفهُ العديدُ من رجالِ الدولةِ والسياسةِ العرب والأجانب بأنهُ زعيمٌ تاريخيٌ وقدوةٌ استثنائيةٌ يُحتذى به. نعاهُ الرئيسُ نيلسون مانديلا بالقولِ إن وفاتَه خسارةٌ للبشريةِ كلِها،ووصفهُ دبلوماسيٌ بريطانيٌ في العام 1966 (آرشي لامب) بالقول إن الشيخَ زايد كانَ يسيرُ بين أفرادِ القبائلِ فتبدو للمراقبِ وكأن نسائمَ الجنةِ تتناثرُ من عباءتهِ.
قد يهمك أيضًا:
زكي نسيبه يلتقي وزير الشؤون الخارجية الكاميروني
زكي أنور نسيبة يستعرض جوانب الرؤية التنموية للشيخ زايد بن سلطان