القاهرة ـ صوت الإمارات
تفاقمت أزمة الهيئة العامة لقصور الثقافة، فى الأيام الأخيرة الماضية، وتسببت فضيحة نشر كتاب "حكاية محمود سامى البارودى شاعر الثورة العرابية"، بغلاف يحمل صورة الخديوى عباس حلمى الثانى، ضمن إصدارات الهيئة، فى زيادة الأصوات الساخرة منها.
بعد فضيحة كتاب "البارودى" بأيام قليلة، ترددت الأنباء عن الإطاحة بالدكتور محمد أبو الفضل بدران، رئيس هيئة قصور الثقافة، خصوصًا بعد خروج عدد من موظفى الهيئة فى وقفة احتجاجية، وتأكدت الأنباء، ليحل محله الدكتور سيد خطاب، الذى سبق وأن تولى رئاسة الهيئة، إلا أن حلمى النمنم، وزير الثقافة، خرج يؤكد أنه لم تتم الإطاحة بـ"بدران"، وإنما خروجه من منصبه جاء تنفيذا لرغبته.
"خطاب" شغل عدة مناصب تنفيذية فى مؤسسات وزارة الثقافة، وتنقل بينها خلال حياته المهنية، بدأها بتوليه منصب مدير بحوث الثقافة المسرحية بالمركز القومى للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية، ثم رئاسته للإدارة المركزية للرقابة على المصنفات الفنية، ثم تولى منصب رئيس البيت الفنى للفنون الشعبية والاستعراضية، وتولى الهيئة العامة لقصور الثقافة، وخرج منها بعد شيوع تورطه فى قضايا فساد.
فور خروج "بدران" من الهيئة، وقبل إعلان حسم رئاستها لـ"خطاب"، اعترف "النمنم" أنه "لم يستطع إدارة الهيئة العامة لقصور الثقافة، بسبب ضعف قياداتها، لأن معظمهم لم يحصلوا على مؤهلات سوى الإعدادية فقط"، تلك المعلومة التى كشفها تقرير سيادى قبل أيام. وأضاف "النمنم" أن قيادات بهذا الشكل لم تملك القدرة على إعطاء بعض المعارف التنويرية للناس.
جاء ذلك ردًا على سؤال أحد أعضاء لجنة الأعلام بالمجلس الأعلى للثقافة حول انهيار الهيئة العامة لقصور الثقافة، التى أشار إليها الرئيس عبد الفتاح السيسى ثلاث مرات فى خطاباته إيمانًا منه بدورها فى تشكيل وجدان الأمة وحمايتها من أفكار التطرف والإرهاب.
بمجرد نشر تصريحات "النمنم" فى الصحافة المصرية، وبدأت موجة من الانتقادات الحادة من المثقفين، خاصة على موقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك"، وقال الناقد والروائى سيد الوكيل، على حسابه الشخصى: "أنا مش مصدق أن حلمى النمنم قال الكلام ده، وأنا عادة لا أثق فى كلام الصحافة، لأن النمنم وغيره من كبار أدباء ومثقفى مصر، طالما تعامل واستفاد من الهيئة العامة لقصور الثقافة، ولا داعى لذكر الأسماء وعلى يدى فلا أحد يستطيع أن ينكر".
كما أكد صاحب "شارع بسادة": "حال المجلس الأعلى للثقافة ليس أفضل يا عمنا من الهيئة العامة لقصور الثقافة، فالتركة مهلهلة ورثة كلها، لكن هناك نظرة دونية طوال الوقت لقصور الثقافة، وهناك رغبة قديمة فى التخلص منها، وظهرت بوضوح عند الدكتور جابر عصفور، وهناك وقائع ثابته تشير إلى ذلك، والواقع أن الحكاية ليست فى الشهادات، الكثير منها فاسد وانتهازى، ومرتزقة بلا عمل غير لجان التحكيم التى تحولت إلى رشاوى مقنعة وهبات توزع على مجموعة محددة بالدور".
وأضاف "الوكيل": مشكلة الهيئة العامة لقصور الثقافة يا سيدى أنها أهملت لسنوات عديدة، وعوملت بوصفها البطة السوداء، غير المرغوب فيها، ومن باب بتوع الأقاليم خليهم يتسلوا، كانت تتعثر وتترنح، واختزال الأمر فى قيادة بعينها يعمينا عن رؤية الحقيقة، وعبر سياسات التدجين التى مارسها فاروق حسنى، اكتظت الهيئة بمثقفين عواطلية، وترهلت".
وتابع: النصيحة التى أقدمها لك لأنى أؤمن بإخلاصك ورغبتك فى عمل شىء حقيقى، هى أنك تحتاج مستشارين من خارج الصندوق القديم، لأنه تعفن ورائحته صارت تزكم الأنوف، شكل لجنة لا تقوم على الشهادات بل تقوم على الخبرات، ولا على الأسماء اللامعة بل على الشغيلة الذين يعرفون القاصى قبل الدانى، ويقرأون للبعيد قبل القريب، ققط يا سيدى وسع دوائر العمل الثقافى ربما ترى ما لم تره مع أهل الثقة، وأنت كنت دائما من بين الشغيلة المشائين فى كل ربوع مصر، بجد وبإخلاص، ما يعرفه الصغار أكثر وأخطر مما يفهمه الكبار، لأنهم ينخدعون فى الكبار أمثالهم، وبجد وبإخلاص اعتقد أنك تقدر، فقط تخلص من صناديق العفن القديم، فأى محاولة لتضميد الجراح على ما فيها من صديد، تنتهى بالبتر".
وقال الدكتور أحمد مجاهد، الرئيس السابق للهيئة المصرية العامة للكتاب، تعليقًا على تصريحات "النمنم": "وحضرتك مش كنت عضو مجلس إدارتها قبل أن تكون وزيرًا للثقافة عملت إيه؟ وبعد أن أصبحت وزيرًا مش اخترت لها رئيس على مزاجك ثم أطحت به قبل أن يأخذ فرصته بأسباب ملفقة "بلوغه المعاش.. طلب الاستقالة".
وأضاف: "وبعدين مش لما يجى لحضرتك معلومة من تقرير سيادى طلبه وزير الثقافة السابق "30% من قيادات قصور الثقافة بمؤهلات متوسطة" يبقى دورك معالجة ما كشفه التقرير من قصور وليس الدفاع به عن نفسك؟ ولازم تبقى عارف كمان إن عندهم ناس بمؤهلات متوسطة بيفهموا فى الشغل أحسن من ناس كتير معاها دكتوراه، المهارة ليست فى التحايل للهروب من المسئولية بل فى محاولة حلها".
تصريحات "النمنم" اعتبرها المثقفون تبريرًا لفشله فى إدارة قصور الثقافة، أغلبهم انتقدوا تصريحاته، إلا أن هناك من اعتبرها شجاعة من الوزير التنويرى، لكنها فى الوقت نفسه تحمل دلالات أخرى، فربما بانتقاده لقيادات الهيئة تكون هذه بداية الإطاحة بعدد منهم.