أكد الكاتب والناقد الدكتور يسري عبدالله أستاذ الأدب الحديث والنقد بجامعة حلوان أن موجتي الثورة المصرية، في يناير 2011، ويونيو 2013، كشفتا عن ذلك التحالف القذر والمشبوه ما بين الفساد، والرجعية، وقوى الاستعمار الجديد، والذي نأمل أن تكون ثورة الثلاثين من يونيو قد وضعت له نهاية حقيقية، لتفرغ مصر إلى مستقبلها الذي يخصها وحدها، ولا يخص أحدا سواها. وأضاف في تصريح لوكالة أنباء الشرق الأوسط أن ثمة واقعا جديدا يتشكل الآن مركزه القاهرة بقدرتها على مجابهة القوى الظلامية، ودحرها، وحفاظها على فكرة الاستقلال الوطني بوصفها غاية أساسية من غايات ثورة يونيو، لتبتعد مصر - ومن ثم - عن الدوران السابق في فلك القطب الأمريكي بنفوذه المتآكل بفضل التعاطي اللا أخلاقي للإدارة الأمريكية مع الحالة المصرية الراهنة، والتي كشفت - من بين ما كشفت - من يقف بحق في خندق الإرهاب الأسود، ومن يحاربه. وقال :"يبدو السياق الراهن مشابها - مع الفارق بالطبع - لتلك اللحظة الخمسينية من القرن الماضي، بالغة النصاعة في تاريخ العالم، وفي حياة شعوبه المقهورة تحديدا، والتي امتلكت إرادتها الخاصة بعد صراعات مريرة مع قوى الهيمنة والاستعمار، لنصبح أمام لحظة يجب فيها الحفاظ على مقدرات الدولة المصرية، وقرارها الخارج من عباءة المصالح الوطنية والقومية العليا، لا من موائد واشنطن العامرة برياح الصفقات، ودهاليزها الرخيصة". ورأى أن هذه لحظة تاريخية لا لبس فيها، حيث تدافع مصر عن هويتها الثقافية بنت التعدد والتراكم الحضاري الخلاق، كما تدافع عن ناسها وجماهير شعبها، وتعلن انحيازها بلا مواربة إلى قيم التقدم والحداثة والحرية والاستقلال الوطني، فتسعى لاجتثاث الإرهاب وملاحقة صناعه من القتلة والمجرمين. ولاحظ أن المعركة لم تكن يوما أكثر وضوحا مما هي عليه الآن، فالدولة المصرية بأطيافها المختلفة وبتنويعاتها المتعددة تحارب معركتها العادلة والنبيلة ضد من خانوها وروعوا شعبها ودنسوا مساجدها وحرقوا كنائسها، ليقف المصريون بصلابة ضد ناهبي ثورتهم، وسارقيها، من الرجعيين وتجار الدين وكافة المرتزقة والموالين لهم، من صبيان الأمريكان وخدم الاستعمار الجديد. وقال إن مصر الآن تنفض عن كاهلها غبارالرجعية، مثلما تخرج أيضا من فخ التبعية المنصوب لها من زمن، والذي وقعت فيه بإرادتها - للأسف - وها هي تحاول الخروج منه بإرادتها أيضا، وستنجح لا محالة، لأن مصر الآن موصولة بثورتها، وبلحظتها المواتية في آن، تأخذ زمام المبادرة الحقة لتدشين دولة مدنية ديمقراطية حديثة، بنت الخيال الجديد، والطليعة الثورية الشابة، والنخب الوطنية التقدمية، فالثورة ستخط طريقها رغم أنف كل معارضيها ومعوقي حركتها في الداخل أو الخارج، خاصة وأن الوجدان الجمعي للأمة المصرية أظهر في أكثر من مرة رفضه القاطع لدولة الاستبداد، والإرهاب الديني، والتي ثرنا عليها من أجل عالم أكثر عدلا وجمالا وإنسانية.