القراءة

يؤكد كتاب "متعة القراءة"، لمؤلفه دانيال بِناك، أن القراءة هي فعل متعة قبل كل شيء، ويتناولها كـ"فعل إرادي حرّ، لا وسيلة تعذيب تربوي"، ويتطرّق إلى ملكة القراءة، باعتبارها "هواية قد نمارسها أو نتجنّبها". وذلك، قبل أن يختم كتابه بطرح وصاياه العشر التي يسمّيها "حقوق القارئ الدائمة".
 
وعلى امتداد أربعة فصول رئيسيّة، تتفرّع منها فروع تابعة لكل فصل تشي بمحمول النص وما يقدّمه الفصل أيضاً: "الخميائي"، "يجب أن تقرأ.. عقيدة لا تُناقش"، "التشجيع على القراءة" و"ما الذي سيقرأه الآخرون، أو حقوق القارئ الدائمة"، يتحدث المؤلف بطريقة مختلفة عن روح الكتاب بشكل عام، بدءًا من الورق ولونه، مروراً بعتق الكتاب وجمال غلافه والحروف والألوان التي تتخلّله، ووصولاً الى الصمت الموجود بداخله، وحتى الفراغ الذي يتخلّل الصفحات وما تتركه اليد من لطخات فيه، أو تجرحه حين تطوي رأس صفحته كعلامة نستدلّ بها عليه.
 
يتطرّق المؤلّف إلى أسباب ابتعاد الأولاد عن القراءة والى الجفاء الحاصل في هذه العلاقة، نتيجة تحوّلها فرضًا وواجبًا وافتقارها إلى المتعة والحميميّة. وهنا، يستعيد مرحلة الطفولة، حيث إن القصص والحكايات التي يرويها الأهل للطفل قبل النوم "تفتح عينيه على التنوّع اللانهائي للأشياء الخياليّة وتعرّفه على فرح السفر العمودي، وتزوّده بالقدرة على أن يكون في كل مكان"، قبل أن يشير الى "الانتقال الدراماتيكي" الذي يحصل في المدرسة، إذ "تصبح القراءة نوعًا من الأشغال الشاقّة، إذ يطلب من التلميذ مطالعة كتاب يقرب من 500 صفحة في 15 يومًا وتلخيصه في خمس صفحات، ومهما بلغت اعتراضات التلاميذ إلا أن حكم الأستاذ مبرَم".
 
ويرى بِناك أن وسائل اللهو والإلهاء كثرت في عصرنا و"هي تبعد هذا الجيل من الكتاب"، ولكن هناك أيضًا: عدم ملاءمة البرامج المدرسية، عدم كفاية المدرّسين، قلّة المكتبات، وضآلة الحصص المخصّصة للكتاب. وبالتالي، "فُقدت هذه الحميمية بين التلميذ والكتاب، ولم تعد القراءة مجانيّة بل وجب أن تدرّ مردودًا وفائدة فوريّين وفق ما تقتضيه العملية التربوية، وإلا اعترى التربويّين شكّ في أنفسهم".