واشنطن - رولا عيسى
توجد الكثير من الأشياء التي لا يستطيع الإنسان القيام بها، ولا يمكن لأدمغتنا حتى التفكير في تحقيقها، فلا يمكننا الركض كالنمر أو الطيران كالصقور أو حتى رصد هدف ما بالموجات الصوتية "الصدى" كالخفاش التي يستخدمها في صيد فريسته، إلا أن الإنسان يتميز بمعجزات كثيرة سخرها الله له من أهمها استيلاد الأفكار وابتكارها .
أفكار البشر من الممكن أن تتخطى حدود الخيال ربما يتغير العالم بها، ولا بد أننا نتساءل في أنفسنا من أين تأتي الأفكار؟ وكيف لها أن تفز لما وراء حدود معرفتنا لتصنع أفكاراً جديدة لم تكن في بالنا؟ ربما يكون الجواب أننا نملك في عقولنا مجموعة من الأفكار الموجودة مسبقاً في اللاشعور وهي المسؤولة عن توليد أفكار جديدة .
خلط الأفكار في العقل الباطن للإنسان عملية رئيسية ونتيجة لهذا الاندماج بين أفكار قديمة وجديدة في اللاشعور تنشأ أفكار أولية تحتاج فيما بعد إلى التطوير، من هنا يمكن القول إن ابتكار الأفكار طريقة علمية وعملية .
نشأت في أواخر الثلاثينات من القرن الماضي نظرية جديدة في الحصول على الأفكار أو ما بات يسمى في أيامنا بمصطلح "العصف الذهني" وهي طريقة جماعية إبداعية لطرح الأفكار لحل المشكلات، وظهرت الطريقة بالتحديد على يد الأميركي مدير الإعلانات ألكس أوسبورن في العالم 1939 .
وأصبح ما يسمى "العصف الذهني" الطريقة الجماعية المشهورة لابتكار الأفكار الإبداعية، واعتمدها أوسبورن بسبب عدم قدرة موظفيه على تطوير وإيجاد أفكار فردية للحملات الإعلانية، لذلك قام بجمعهم ضمن جلسات تفكير جماعي واستنتج من ذلك تحسناً كبيراً في الجودة والكمية في الأفكار التي أنتجها موظفوه .
أراد أوسبورن أن يبرهن على أن النجاح وإيجاد حل للمشكلات يمكن من خلال ابتكار أفكار جديدة عبر تجميع الأشخاص لطرح أفكارهم العفوية .
يمكن القول إن توليد الأفكار المهمة لا يقتصر على المثقفين وأصحاب العلم، بل إن أي شخص بسيط يمكنه أن يعمِّق فكرة بسيطة، ولم لا ربما تغير العالم بأكمله .
استمد مدير الإعلانات الأميركي تقنية ابتكار الأفكار من تقاليد هندوسية قديمة، وتعمل طريقته وفق مبادئ بسيطة وهي عدم انتقاد الأفكار مهما كانت تافهة أو مستحيلة، وأن الأفكار المتهورة ذات فائدة عظيمة، كما أن دمج الأفكار مع بعضها أمر مهم في تحسينها .
يمكن "للعصف الذهني" أن يكون له فعالية واستخدام كبير في وجود المجموعة وخاصة في حل المشكلات وبناء فريق العمل والإعلانات التجارية والتخطيط العملي وإدارة المشاريع، ولهذه الطريقة مبدأين رئيسيين بحسب ألكس أوسبورن للظفر بأفكار فعالة وهما، تأجيل الحكم على الفكرة، والوصول إلى كمية معينة من الأفكار .
وتوجد 4 قوانين عامة للعصف الذهني وهي: التركيز على الكم ويعني هذا المبدأ تعزيز الإنتاج المختلف، ويهدف إلى تسهيل حل المشكلة من خلال الكمية الكبيرة من الأفكار وبالتالي تولد جودة، وهذه الفرضية تعتمد على أن طرح أكبر عدد من الأفكار يزيد الفرص لإنتاج حل قوي وفعال .
ثانيا: حجب النقد، يجب أن يركز المشاركون في التوسيع والإضافة لأفكارهم، والاحتفاظ بالنقد لوقت لاحق لحين موعدها، وبتعليق النقد سيقوم الأفراد بتطوير وتوليد أفكارهم غير الاعتيادية .
ثالثاً: الترحيب بالأفكار غير الاعتيادية، وذلك للحصول على قائمة عريضة وطويلة من الأفكار، و يمكن إيجاده بالنظر للأمور والمشكلات من منظورات جديدة وتعليق الافتراضات، هذه الطريقة الجديدة للتفكير يمكن لها أن تزودنا بحلول أفضل .
أخيراً خلط وتطوير الأفكار، حيث يمكن بخلط الأفكار الجيدة الحصول على فكرة واحدة أفضل، ويُعتقد أنها تثير بناء الأفكار بطريقة الاشتراك وعمل مجموعات .
يستطيع المديرون عن طريق العصف الذهني الإلكتروني في مختلف المؤسسات اتخاذ القرار، من خلال جمع الموظفين في اجتماع بغرفة مغلقة، ويوضع أمام كل عضو فيها شاشة حاسوب مرتبطة مع جهاز تحكم مركزي، وتبدأ هذه المرحلة بعد أن يتم تحديد المشكلة، ويتم من خلال العصف الذهني إلكترونياً إدارج كل المقترحات التي ربما تخطر ببال أي من المجتمعين، من دون مناقشة لأي منها، وبعد أن ينتهي الجميع من وضع مقترحاتهم بسرية تامة، تنتهي هذه المرحلة لتبدأ مرحلة تحليل المقترحات وتجميعها واختيار البديل الأنسب بالتصويت وبالتالي تتم عملية اتخاذ القرار بأسرع وقت ممكن وباستشارة جميع المختصين .
ما يميز هذه الطريقة هو إمكان كل الأعضاء تقديم اقتراحاتهم بسرية تامة، ما يمنع الحساسيات بين الموظفين، وما يمكنهم من التصويت من دون حرج لأي من تلك المقترحات .