طهران ـ مهدي موسوي
نظّم الآلاف من شباب وفتيات مدينة أصفهان، وسط إيران، احتجاجات ضد اعتداء العناصر المتطرفة على الفتيات اللاتي لا يلتزمنّ بالحجاب، عبر قذفهنّ بـ"الأسيد الحامض" الذي تسبّب بوفاة فتاة الثلاثاء الماضي وأثار الرعب والغضب.
واستقلّ المهاجمون درّاجة ناريّة ثم ألقوا الحامض في وجه 8 سيدات خلال قيادتهم السيارة ونوافذها مفتوحة؛ حيث قالت وسائل الإعلام الإيرانيّة إنَّ عدد الضحايا من الممكن أنَّ يكون أعلى، فيما أوضح موقع معارض أنَّ الهجوم تسبّب في مقتل فتاة واحدة.
ويعتقد الكثير من الإيرانيين أنه تمّ استهداف الفتيات لارتدائهن ملابس غير مناسبة في نظر المتشدّدين وهو ما نفته السلطات بشدة.
ويشعر المواطنين في أصفهان بالرعب من حجم الإعتداءات الوحشيّة، وقد تجمعوا أمام وزارة العدل، داعين السلطات لوضع حدٍ لتلك الجرائم التي تسلّط الضوء على التحديّات التي تواجهها النساء في إيران، خاصة المتعلّقة بإلزامية الحجاب.
وردّد المحتجّون شعارات تصف مهاجمي الفتيات بأنهم يشبهون تنظيم "داعش" المتطرف ولكن بالنسخة الإيرانيّة.
ورفعت فتاة لافتة مكتوب عليها "أوقفوا العنف ضد المرأة"، كما أنَّ الصور المنشورة على موقع "تويتر" كان بها لافتات" الحرية والأمن من حقوق المرأة الإيرانية".
وقدّرت وكالة "فارس" الإيرانية، شبه الرسميّة، أعداد المشاركين بنحو ألفين متظاهر، ولكن بعد ساعات قليلة فرّقت الشُرطة المحلية التجمّع.
كما تضامن العشرات في طهران مع ضحايا أصفهان، من خلال تنظيم وقفة صغيرة أمام البرلمان الإيراني، داعين النواب لوقف مشروع القانون الذي يسمح للشرطة الدينيّة بالتحكُّم في ملابس النساء وشنّ الحملات ضدهنّ لاتّهامهنّ بارتداء حجاب سيء.
وتلتزم النساء في إيران بقانون ارتداء الحجاب الكامل من الرأس وحتى أصابع الأرجل، ولكن العديد منهنّ تكشف عن جزء من شعرهنّ.
وردًا على ذلك تنتشر الشُرطة الأخلاقية في الساحات الكبيرة والمباني العامة لتحذير النساء ومطالبتهنّ بتغطية الرأس بالكامل.
وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، نظر نواب البرلمان الإيراني مشروع قانون جديد يحذر استخدام العنف خلال الحملة الأمنيّة للحجاب، ولكنه في نفس الوقت يعطي المسؤولين حرية أكبر.
وتذكر ناشطة إيرانية في مجال حقوق الإنسان، تُدعى نسرين ستودة: " كيف يمكنك العيش في مجتمع لايبالي تجاه مثل هذه الهجمات المروعة، نحن نعارض القانوني البرلماني، وحال تمّ تمريره، فأولئك الذين يمارسون العنف ضد المرأة سوف يشعرون بأنَّ لديهم حماية".
وتضيف ستودة أنَّ شُرطة مكافحة الشغب تداخلت مع الاحتجاج في طهران، والذي حضره نحو 300 من الإيرانيين، وصادرت عددًا من كاميرات المصوّرين والناشطين؛ حيث إنَّ السلطات قلقة بشأن حجاب المرأة، ولكن هل هو أكثر أهمية من البشر.
فيما أكد قائد الشُرطة الإيرانية، إسماعيل أحمدي مقدم، أنَّ نحو سبع أو ثمانية سيدات تمّ استهدافهنّ في إصفهان، وتلك الهجمات الحمضية ذميمة وبغيضة، كما أنَّ هذه الهجمات أسوأ من القتل.
وأوضح أنه تمّ تحديد عدد المشتبه بهم ولكن الدافع خلف الهجوم غير واضح حتى الآن، ووفقًا للضحايا كان هناك شخص واحد فقط ونحن نبذل الجهود للتعرف عليه.
ولمواجهة الاعتداءات، ذهب مسؤولون إيرانيون إلى موقع الهجوم، وسارعوا باستنكار أنَّ الهجوم على النساء كان بسبب الحجاب.
وزار وزير الصحة الإيراني، سيد حسن الهاشمي، أحد الضحايا، سهيلة جوركيش 27 عامًا، والتي يتم علاجها في مستشفى شهيد شيرودي في طهران.
وأصبح وجه سهيلة مشوّه خلف الضمادات، وأكد الوزير إنها فقدت البصر في عينها اليمنى والعين اليسرى تحتاج للمزيد من العلاج، وهي محترقة بشدة وتحتاج لإجراء عمليات أخرى في جسدها.
وتذكر الفتاة الضحية:" كنت عائدة من حمام السباحة عندما حدث ذلك، وحين ألقوا الأسيد على جسدي خلعت كل ملابسي وألقيتها على الأرض، تجمع الناس ولكن لم يساعدني أحد لغسل جسدي من الأسيد، جميعهم كانوا يلقون الملابس عليّ حتى لا أصبح عارية".
وهيمن الحادث على الصفحات الرئيسية الأولى للصحف الإيرانية، ولكن مسؤولون إيرانيون حذّروا من تغطية وسائل الإعلام للحادث داخل البلاد، وحذّروا الصحفيين من نشر الخوف داخل المجتمع؛ حيث أعلنت السُلطات الإيرانية غضبها من ربط الحادث بالحجاب.
وأضاف رئيس ميليشيا الباسيج التطوعي، محمد رضا نغادي، إنَّ وسائل الإعلام الغربية تربط الحادث بقضية الحجاب، محاولين تشويه صورة الإسلام، وفي رأيه أنَّ أجهزة الاستخبارات الغربية تقف خلف الحادث.
ووصف وزير العدل الإيراني، مصطفى بور محمدي، اعتداءات أصفهان بأنها تخريب للسلامة قي المدينة، مضيفًا:" نحن قلقون ونفعل ما بسعنا لتقديم هؤلاء الأشخاص للعدالة".
ويرى مسؤولو وزارة السياحة أنَّ "الهدف الرئيسي هو الإضرار بصناعة السياحة في أصفهان؛ حيث أكد شارع إنَّ الحادث أثّر بالفعل على السُيّاح الأجانب، فبعضهم سأل هل يمكن مهاجمتهم بالأسيد حال عدم ارتدائهم الحجاب، ونحن ضمنا لهم أنَّ ذلك لن يحدث".