النيابة الإدارية المصرية

أمرت النيابة الإدارية المصرية بإحالة إمام مسجد الأربعين، في قرية ميت حبيب، التابعة لمدينة المحلة الكبرى، إلى المحاكمة التأديبية العاجلة، على خلفية اتهامه بالتورط في تزويج ما يقارب 27 من الفتيات القاصرات، اللائي لم يبلغن السن القانونية في القرية التي يعمل فيها إمامًا للمسجد، والتابع للجمعية الشرعية. وقال المستشار محمد سمير، المتحدث الرسمي للنيابة الإدارية، في بيان له، إن النيابة تلقت البلاغ المقدم من مديرية الأوقاف في محافظة الغربية، بناء على شكوى إحدى الأمهات المقيمة في القرية من قيام إمام المسجد بتزويج ابنتها وتزويج العديد من الفتيات القاصرات، اللائي لم يبلغن السن القانونية، زواجًا عرفيًا غير موثق، بزعم أن هذا الزواج حلال شرعًا وذلك حتى بلوغ الفتيات السن القانونية، وإتمام الزواج بصورة رسمية أمام المأذون الشرعي في القرية، وحتى ذلك الموعد يقوم المتهم بتحرير إيصالات أمانة على الزوج والاحتفاظ بها عنده لحين إتمام الزواج الرسمي، تحايلاً على القانون.

وباشر التحقيقات رئيس النيابة، محمد الأدهم، بإشراف المستشار عبد الفتاح علام، مدير النيابة الإدارية للتعليم والبحث العلمي، في المحلة الكبرى. وأكدت الشاكية في شكواها أمام النيابة أن زوج ابنتها، والذي تزوجها بعقد عرفي حرره له المتهم، نظرًا لكونها قاصرًا لم تبلغ السن القانونية، وعقب وصول ابنتها للسن القانوني للزواج، رفض الزوج إتمام الزواج بالصورة الرسمية أمام المأذون، فذهبت الشاكية إلى المتهم تطالب بإيصالات الأمانة المحررة من الزوج للضغط عليه، إلا أنه رفض إعطاءها الإيصالات وأبلغها بأن الزوج رفض الزواج بالفتاة رسميًا، رغم علمه بأنها حامل في الشهر السابع من تلك الزيجة غير القانونية.

واستمعت النيابة إلى أقوال مدير إدارة الدعوة في مديرية الأوقاف، في محافظة الغربية، والذي أفاد بأن الأهالي يلجأون لإتمام الزواج في المساجد بهدف التهرب من شرط السن ورسوم الإشهار، كما أكد أن إمام المسجد لايجوز له إبرام عقد الزواج، وأن ذلك من اختصاص المأذون الشرعي فقط، كما أشار الشهود من أبناء القرية إلى قيام المتهم بتزويج القاصرات عرفيًا من خلال مشاركته في تحرير عقد الزواج، وتحرير إيصالات الأمانة وإشهار الزواج في المسجد. وبسؤال إمام المسجد المتهم، أنكر الاتهام المنسوب إليه، فواجهته النيابة بمقاطع الفيديو المسجلة عن عقد قران ابنة الشاكية، والتي يظهر فيها وهو يقوم بإجراءات عقد القران وإلقاء خطبة عن الزواج. وأكدت تحريات البحث الجنائي في مركز شرطة سمنود قيام المتهم بتزويج الفتيات القاصرات في القرية، واللاتي لم يبلغن السن القانونية، زواجًا عرفيًا.

وقال المستشار محمد سمير إن النيابة الإدارية أوصت بضرورة وجود نص تشريعي يحظر الزواج العرفي (غير الموثق) للأطفال القصر، دون سن الـ18، ويجرم كل من شارك أو ساهم فيه، وتشديد العقوبة على مرتكب الجريمة إذا كان من أئمة المساجد، نظرًا لما لوحظ من مشاركتهم بشكل كبير في إتمام مثل تلك الجرائم، خاصة في القرى والمناطق الريفية، متسترين بعباءة الدين. كما أوصت النيابة الإدارية بضرورة التوعية المجتمعية بالآثار السلبية لزواج القاصرات، وأن تتكاتف جميع مؤسسات الدولة الرسمية الدينية والاجتماعية والإعلامية، وتلك المعنية بحقوق الطفل، ومنظمات المجتمع المدني ذات الصلة، للتوعية بخطورة تلك الجريمة الدينية والاجتماعية وآثارها المدمرة، على أن تتضمن التوعية قيام المؤسسات الدينية بدورها في نزع القداسة الدينية الزائفة عن تلك الجريمة، وهو الأمر الذي يستغله بعض ضعاف النفوس لإتمام تلك الجريمة.

وأبلغت النيابة الإدارية وزارة العدل ووزارة الأوقاف ونقابة المحامين والمجلس القومي للطفولة والأمومة، بما كشفت عنه التحقيقات في القضية، إضافة إلى اقتراحات النيابة الإدارية في هذا الصدد. ويذكر أن الرئيس عبد الفتاح السيسي أكد ضرورة الحفاظ على البنات القاصرات من ظاهرة الزواج المبكر، مبديًا تعجبه من عدد المتزوجات في سن الـ12، قائلاً: "إحنا قاسيين أوي على أولادنا وبناتنا". وأضاف، خلال كلمته في مؤتمر التعداد السكاني: "فوجئت بأن عدد المتزوجات في سن 12 عاماً ليس بسيطًا، بنت عندها 12 عامًا نحملها مسئولية زواج وبيت، انتبهوا لأولادكم وبناتكم لأن ذلك يؤلمني ويؤلم أي إنسان عنده ضمير حقيقي واهتمام حقيقي بأبنائه وبناته".