كاتب لبناني

أكد الكاتب اللبناني المختص بالشؤون التركية محمد نور الدين أن تفجير اسطنبول الذي وقع الثلاثاء الماضي يكمل حلقات الإخفاق إلى حد الإفلاس الذي وصلت إليه السياسة الخارجية لنظام رجب اردوغان .

وقال الكاتب في مقال له بصحيفة السفير اللبنانية نشر اليوم إنه وخلال أقل من شهر واجه نظام اردوغان في أربعة أماكن مختلفة أربعة إخفاقات كانت تختزل الانسداد في النهج الذي يتبعه هذا النظام تجاه أكثر من قضية , الأول بحسب الترتيب الزمني هو الدخول عنوة إلى منطقة بعشيقة شرق الموصل في العراق ورغم طلب الحكومة العراقية من أنقرة سحب هذه القوة القتالية فإنها حتى الآن لم تنسحب ما يؤكد أن أنقرة باتت دولة تنتهك سيادة الدول ولا تحترمها.

وأضاف الكاتب إن الاخفاق الثاني هو سيطرة الجيش العربي السوري على بلدة سلمى في ريف اللاذقية معقل الإرهابيين المدعومين من تركيا حيث كانت لوحات السيارات التركية لا تزال في أرض المعركة مشيرا إلى أن سلمى بحد ذاتها هي رمز للنهج الأعمى الذي اتبعته تركيا تجاه سورية وبدحر الإرهابيين منها أصبحت اليد التركية في سورية مغلولة والتقدم الميداني للجيش السوري وحلفائه وحده الذي سيسقط المشروع التركي من جذوره من أرض إبراهيم هنانو وسلطان باشا الأطرش وزكي الأرسوزي.

ولفت الكاتب إلى أن الاخفاق الثالث تمثل بتفجير ديار بكر الذي أوقع العشرات بين قتيل وجريح وذلك بعد ساعات فقط من تفجير اسطنبول وهذا يضيء على تلك المعارك اليومية داخل العديد من المدن الكردية في تركيا والمستمرة منذ أكثر من شهرين ما يعني أن سياسات الطمس التي تواصل الفئات السياسية الحاكمة في تركيا ممارستها تجاه حقوق الأكراد لن تكون تداعياتها سوى المزيد من العنف والفوضى والتفرقة والفتنة .

ورأى الكاتب أن الحدث الرابع في مربع الإفلاس التركي هو التفجير الانتحاري الذي ضرب عمق اسطنبول وقلبها السياحي الثلاثاء الماضي وأسفر عن مقتل عشرة سياح ألمان وجرح أكثر من 15 اخرين معتبرا أن هدف الانفجار هذه المرة أصاب للمرة الأولى مصالح تركية مباشرة فيما كل التفجيرات السابقة كانت تستهدف داخل تركيا مصالح أو أهدافا كردية ما يعني أن ادعاءات وقوف تنظيم داعش الإرهابي وفق زعم مسؤولي نظام اردوغان غير صحيحة لأنه وفي المعطيات الموضوعية لا يوجد أي دليل على أن داعش غير موقفه من تركيا فالعلاقات بينهما عضوية وبنيوية والحماية التركية للتنظيم مستمرة لم يغير منها قصف استعراضي لبعض مواقعه.

وأوضح الكاتب أن نظام اردوغان يدرك أنه بسياساته الحالية ينتقل من إخفاق إلى آخر وحتى التضامن الخارجي معه بعد تفجير اسطنبول كان ضعيفا ولذلك فإن الإمعان في المكابرة والامتناع عن الاعتراف بالفشل والاستمرار في دعم التنظيمات الإرهابية المتطرفة لن يجلب له أي إنجاز ونجاح بل على العكس جلب له فعلا الفوضى والدم والقلق والخوف.

وتابع الكاتب إن أخطر ما تنتجه هذه السياسات أنها تنشئ جيلا من الشبان الأتراك المؤيدين لحزب العدالة والتنمية على منطق دعم التطرف وتبني العنف وغض النظر عن جماعات أخرى في المجتمع التركي أكثر تطرفا وهو ما يخلق الشروط الملائمة لزرع بذور العنف والتعاطي مع المشكلات المطروحة وفي العلاقة مع الآخر بمنطق لا تسامح فيه ولا تسويات وهو ما يجعل تركيا أسوة ببلدان أخرى بلدا يستولد ويصدر التطرف والتكفير .