إصلاح مجلس الأمن وعوائق الدول الكبرى

إصلاح مجلس الأمن وعوائق الدول الكبرى!

إصلاح مجلس الأمن وعوائق الدول الكبرى!

 صوت الإمارات -

إصلاح مجلس الأمن وعوائق الدول الكبرى

بقلم: آمال مدللي

 

استبقتِ الولاياتُ المتحدةُ انعقادَ الجمعيةِ العامةِ للأمم المتحدة بإعلانِ موقفٍ مهمٍّ في شأنِ إصلاحِ مجلسِ الأمن وزيادةِ عددِ أعضائه الدائمين وغيرِ الدائمين.

السفيرةُ الأميركية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد، أعلنت أنَّ واشنطن تدعمُ إضافةَ مقعدين دائمين لأفريقيا في المجلس، إضافةً إلى المقاعدِ غير الدائمة الثلاثة التي تحتلُّها أفريقيا، ويجري ملؤها بالتداولِ بين الدول الأفريقية. وقالت إنَّ هذا إضافة إلى الدول التي تدعم الولاياتُ المتحدة عضويتَها الدائمةَ في مجلس الأمن، وهي الهند وألمانيا واليابان. كما أكَّدت غرينفيلد أنَّ واشنطن تدعم أيضاً إضافةَ مقعدٍ يُنتخبُ لدولِ الجزرِ الصغرى النامية.

والمفاجأة كانت قولها إنَّ الولايات المتحدة تدعم الدخولَ في مفاوضات لإصلاح المجلس، على أساسِ نصّ مكتوب. هذا مهمٌّ جداً، لأنَّه وخلالَ أكثرَ من عقدين من المفاوضات كانتِ الدولُ الكبرى لا تقبل مفاوضاتٍ بناءً على نصّ مكتوب، فغدت هذه المفاوضات مثلَ الكلام في طاحونة هواء ولم تصل إلى نتيجة.

هذا الموقف يحرك عملية الإصلاح، حيث لم تسفر مفاوضاتُها حتى اليوم عن اختراق كبير.

دولُ العالم تعدّ أنَّ مجلسَ الأمنِ لم يعد يمثل العالمَ كما هو اليوم، بل يمثّل عالمَ عامِ 1945، بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، إذ وضعت الدول المنتصرة نظاماً عالمياً جديداً يمثلها، ومجلس الأمن يمثّل هذا الواقع: في البداية كان المجلس يتألف من 11 عضواً، جرى التعديلُ وتوسعته إلى 15 عام 1965، خمس دول كبرى دائمة العضوية وصاحبة «الفيتو»، و10 دول غير دائمة يجري انتخابها لمدة سنتين بالتداول بين المجموعات الإقليمية، ولا تتمتَّع بحق «الفيتو». ولكن وبعدَ أكثرَ من نصف قرن ازدادَ الضغط على الأمم المتحدة من قبل الدول التي تطالب بأن يصبحَ المجلسُ أكثرَ تمثيلاً، وازداد التشكيك في شرعية مجلس لا يمثل عالمَ اليوم وقواه الحقيقية، فهناك دولٌ حالياً أقوى من بعض الدول دائمة العضوية في المجلس اليوم.

المجموعة الأفريقية وعددها 54 بلداً ملتزمة بإجماع اوزوليني، الذي تبنَّته المجموعة بأديس أبابا في 2005 ويدعو إلى منح أفريقيا مقعدين دائمين في مجلس الأمن مع حق النقض (الفيتو)، وعلى الأقل ثلاثة مقاعد غير دائمة، إضافة إلى المقاعدِ غير الدائمة التي تتمتَّع بها اليوم وهي ثلاثة.

الإعلان الأميركي يضع الصين وروسيا في موقع الدفاع، خصوصاً أنَّ الصين لم تكن تحبذ النصَّ المكتوب للمفاوضات حول مجلس الأمن، وكانت هناك اتهامات للصين بأنَّها تمنع التَّقدمَ في مفاوضات توسعة المجلس، وأنَّها تعارض مفاوضات حول نصّ مكتوب، وتضغط على أفريقيا لكيلا تقبله.

كلٌّ من فرنسا وبريطانيا تدعمان توسعةَ المجلس، ولكن بينما تقول فرنسا إنَّها تدعم مقعدين لأفريقيا وحق النقض لها، تقول بريطانيا إنها تدعم الفئتين؛ الدائمة وغير الدائمة، لكن من دون تفاصيل.

الصين تقول إنَّها تدعم إصلاح المجلس وزيادة التمثيل وصوت الدول النامية وإعطاء الدول الصغرى والمتوسطة الفرصةَ للمشاركة في عملية اتخاذ القرار.

الموقفُ العربي يطالب بمقعد دائم للمجموعة العربية مع «الفيتو» في حالِ توسيع المجلس، إضافة إلى مقعد آخر غير دائم.

طبعاً ردُّ فعلِ المجموعة الأفريقية لم يكن موحَّداً، وهناك آراء عدة مختلفة. الجميعُ رحَّب بالإعلان الأميركي وعدّه خطوةً جديدةً في الاتجاه الصحيح، كما قالَ دبلوماسيٌّ أفريقي. ولكن ذلك غير كافٍ من دون «الفيتو». وقال آخر إنَّ هذا الإعلان مهمٌّ جدّاً لأفريقيا، لأنَّه يضع الضغطَ على الصين والدول الدائمة الأخرى لتتَّخذَ موقفاً أوضحَ من توسيع المجلس.

الواقع أنَّ الدولَ الدائمة لن تتخلَّى أبداً عن حق «الفيتو» ومترددة في مشاركته مع الآخرين. السفيرة الأميركية قالت: «نحن لا ندعم توسيع الفيتو». ويرى دبلوماسيون أنَّ الهدفَ الأميركي من دعم توسيع المجلس، هو إحراج الصين التي تتنافس معها على أفريقيا، ويرون أنَّ كلَّ ما قامت به واشنطن «افتراضي»، لأنَّ الإدارة لن تحصل على الـ67 صوتاً التي تحتاجها، لكي يوافق مجلس الشيوخ على تعديل ميثاق الأمم المتحدة لتوسيع المجلس. وبما أنَّ عملية التوسيع هذه ستكون طويلة، لا أحدَ يعلم من يكون في الإدارة في واشنطن، وما إذا كان سيستمر في هذا الموقف الأميركي أم يتراجع عنه.

ويضع هذا أيضاً الضغط على أفريقيا لكي تتَّفق على المعايير لمن سيمثل أفريقيا أعضاء دائمين في المجلس إذا تقدَّمت العملية، وهذا لن يكون سهلاً، والمنافسة حامية جدّاً بين الدول الأفريقية الكبرى. سفير كينيا السابق لدى الأمم المتحدة كتبَ على منصة «إكس»، أنَّ «العضو الدائمَ يجب أن يتمتَّعَ بالقوة الحقيقية، وأن تكونَ لديه القوة الاقتصادية ليتمكَّنَ من تحمّل المسؤولية، والعضو الدائم مع حق (الفيتو) لا يمكن أن يتلقَّى المساعدات الغذائية من عضو زميلٍ في المجلس».

المفاوضات التي لا تزال جارية حول وثيقة «عهد المستقبل التي ستصدر عن قمة المستقبل في الأمم المتحدة، تم التوافق فيها على نص يدعم توسيع مجلس الأمن ويعالج مسألة (الفيتو). يأملون في أن تتكثف الجهود للتوصل إلى اتفاق حول مستقبل (الفيتو) بما فيه محادثات حول الحد من (نطاق واستخدام الفيتو)».

ربما هذا يكون حلاً وسطاً كمقعد دائم من دون «فيتو» ولكن تقييد «الفيتو». إلا أنَّ هذا لن ينهي الشعور بعدم العدالة في المجلس بين نادي الخمس الكبار وباقي العالم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إصلاح مجلس الأمن وعوائق الدول الكبرى إصلاح مجلس الأمن وعوائق الدول الكبرى



GMT 21:52 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

نفط ليبيا في مهب النهب والإهدار

GMT 21:51 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

نموذج ماكينلي

GMT 21:51 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

أخطر سلاح في حرب السودان!

GMT 21:49 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

الإرهاب الأخضر أو «الخمير الخضر»

GMT 21:48 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

الإرهاب الأخضر أو «الخمير الخضر»

GMT 21:48 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

اللبنانيون واستقبال الجديد

GMT 21:47 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

لا لتعريب الطب

GMT 21:46 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

في ذكرى صاحب المزرعة

GMT 20:08 2018 الأربعاء ,23 أيار / مايو

طريقة تحضير السبرنغ رول بالخضار

GMT 13:02 2018 الثلاثاء ,03 إبريل / نيسان

المعلمون يعلنون عن أهمية التعلم في الهواء الطلق

GMT 23:21 2016 السبت ,16 إبريل / نيسان

آبل تستعد لبيع هاتفها المليار

GMT 16:04 2016 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

شروط جديدة للراغبين بشراء الوحدات العقارية على الخارطة

GMT 13:41 2019 الثلاثاء ,12 شباط / فبراير

تراجع أعداد الحشرات يُهدّد بحدوث انهيار للطبيعة

GMT 00:46 2018 الخميس ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

إبراهيم عيسى يؤكد أن حراسة النصر مسؤولية كبيرة

GMT 15:56 2018 الأربعاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

"سم العناكب" يعالج أحد أخطر أنواع السرطان

GMT 14:54 2018 الإثنين ,15 تشرين الأول / أكتوبر

تطبيق الرسائل الخاص بـ"فيسبوك" يختبر ميزة جديدة

GMT 15:13 2015 الأربعاء ,28 كانون الثاني / يناير

عزيزة يدير ندوة عن مسرح سلماوي في معرض القاهرة

GMT 14:37 2015 الجمعة ,30 تشرين الأول / أكتوبر

أمطار متفرقة على منطقة جازان في السعودية

GMT 08:53 2013 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

صدور "نادى السيارات" للروائى علاء الأسوانى

GMT 22:58 2013 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

صدور 3 كتب عن تاريخ المغرب وشمال أفريقيا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates