الأزهر والقضية الفلسطينية

الأزهر والقضية الفلسطينية

الأزهر والقضية الفلسطينية

 صوت الإمارات -

الأزهر والقضية الفلسطينية

بقلم:مصطفى الفقي

ظل الأزهر الشريف قلعة منيعة للدفاع عن الحريات والانتصار لقضايا الإنسان وتاريخه يشهد واضحًا أنه انحاز دائمًا للجانب العادل فى كل قضية، ودافع عن الإنسان المقهور فى كل مجال، وتعاطف مع المستضعفين من كل الشعوب والديانات ورفض دائمًا منطق القهر والعدوان وظلم الإنسان لأخيه الإنسان، والأزهر بالنسبة للمصريين هو الملاذ عبر العصور حتى إنهم يرددون دائمًا إذا احتدمت أزمة عبارة (يا خراشى) نسبة إلى واحد من أقدم شيوخ الأزهر، وهو الأزهر الشريف أيضًا الذى واجه مظالم العصر التركى والتسلط المملوكى وظل ملاذًا لكل من يلجأ إليه وتاريخ العلاقة بين الأزهر الشريف والقضية الفلسطينية ناصع البياض، فقد وقفت تلك القلعة الإسلامية المصرية إلى جانب الأشقاء الفلسطينيين منذ البداية ونجحت فى تأكيد أن الصراع سياسى بشرى وليس دينيًا روحيًا على الإطلاق ولقد كان ذلك واضحًا فى أطروحة الدكتوراة للإمام الراحل شيخ الأزهر السابق الدكتور محمد سيد طنطاوى وكانت عن اليهود فى القرآن الكريم، فقد نأى الأزهر بنفسه عن التورط فى تعصب دينى أو الانغماس فى هوس عقائدى حول تلك المشكلة المعقدة وهى الصراع العربى الإسرائيلى، وحتى عندما تجاوب الأزهر مع قضية القدس وقدسية المسجد الأقصى فإنه فعل ذلك من منظور سياسى أيضًا على اعتبار أن القدس جزء من الضفة الغربية المحتلة وهى أرض فلسطينية لكل أهل الديانات على حد السواء لذلك فإن تعامل الأزهر الشريف مع القضية الفلسطينية كان دائمًا تعاملًا موضوعيًا من منظور سياسى.

وفى أحداث غزة الأخيرة ومأساة الشعب الفلسطينى الدامية المكللة بالأحزان والأوجاع والدموع وقف الأزهر الشريف خصوصًا إمامه الأكبر الدكتور أحمد الطيب موقفًا شد الانتباه ولفت الأنظار لأن الأزهر الشريف فى ظل شيخه - أستاذ الفلسفة الإسلامية - وعى جيدًا أبعاد المأساة من يومها الأول ودافع بقوة عن الشعب الفلسطينى المقهور رغم بسالة أبنائه التى لا نظير لها، وشجاعة مقاتليه التى تبدو وكأنها أسطورة نضال من أعماق التاريخ السحيق وملحمة جهاد من ضمير الإنسانية المعذبة فى مواجهة القوى العنصرية العدوانية الاستيطانية.

ولقد حرص الأزهر الشريف فى ظل شيوخه العظام على أن يكون ركيزة للشعب الفلسطينى وظهيرًا له ليس دينيًا فقط بل ثقافى وتعليمى أيضًا، فالجامعة الأزهرية فى غزة كانت ومازالت وسوف تظل منارة للهدى وحسمًا للحق ولحسن الحظ فإن الأزهر الشريف قد وسع دائرة انتشاره عالميًا وامتدت مظلته فى أركان الدنيا تدافع عن الحقوق وتحمى الحريات وترفض الضيم بل إن للأزهر الشريف - لمن لا يعرفون - مكانة فريدة وقيمة كبيرة لا فى العالم الإسلامى وحده بل وعلى الساحة الواسعة لأصحاب الديانات الكبرى سماوية أو أرضية، ولا شك فى أن انفتاح الأزهر الشريف فى السنوات الأخيرة على الثقافات والحضارات الأخرى هو أمر يستحق الثناء ويستوجب التقدير فلم يتوقف جهد الإمام الطيب ومعاونوه الأجلاء على العالم الإسلامى وحده، ولكنه اتجه إلى أرجاء العالم وأصقاع الدنيا ينشر العدل ويبشر بالحق ويدعو إلى السلام.

ولقد دعيت شخصيًا منذ أيام إلى ندوة سياسية فى كلية اللغة العربية بجامعة الأزهر بالقاهرة بحضور رئيس الجامعة وراعنى كثيرًا أن الدراسات الحديثة قد اندمجت مع الدراسات التقليدية، وأصبحنا أمام سبيكة متميزة من المعارف التراثية فى جانب والعصرية فى جانب آخر بحيث يمثلان معًا عمودًا فى تلك الجامعة العريقة التى حافظت على الإسلام واللغة العربية عبر القرون، ولا عجب فهو الأزهر السباق فى كل معارك الحق، وهو المدافع عن كل قضايا الضمير الإنسانى فى عمومه بل هو أيضًا الرائد فى ميدان العلم والمعرفة حتى إنه يقال إن توصيف كليات جامعة أوكسفورد البريطانية تم الوصول إليه من خلال نظام الأروقة فى الأزهر الشريف (نظام شيخ العمود) وفقاً للأئمة وأصحاب المذاهب وذوى الفضل من العلماء الذين يقودون سفينة المعرفة فى بحار متلاطمة من المظالم والجرائم فما أقسى ظلم الإنسان لأخيه الإنسان!

إن معارك غزة قد كشفت عن الجوانب المضيئة فى حياتنا وأوضحت أيضًا الجوانب المظلمة لدى خصومنا، وسوف يبقى الأزهر الشريف - جامعًا وجامعة وشيخًا - مصدر ضياء يقود إلى الحق، ويدعو إلى الخير، ويرفض الظلم ويلفظ العدوان.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأزهر والقضية الفلسطينية الأزهر والقضية الفلسطينية



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 18:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 صوت الإمارات - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 18:59 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 صوت الإمارات - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 06:14 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

العاهل الأردني يلقي خطاب العرش في افتتاح مجلس الأمة العشرين
 صوت الإمارات - العاهل الأردني يلقي خطاب العرش في افتتاح مجلس الأمة العشرين

GMT 19:13 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
 صوت الإمارات - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
 صوت الإمارات - "نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 18:09 2018 الثلاثاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

تصميمات مختلفة لسلاسل من الذهب رقيقة تزيدك أنوثة

GMT 11:26 2018 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

الصين تتسلم الدفعة الأولى من صواريخ "أس-400" الروسية

GMT 16:28 2017 الجمعة ,20 كانون الثاني / يناير

تسمية بافوس القبرصية عاصمة للثقافة الأوروبية

GMT 18:36 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تنجح في عمل درسته جيداً وأخذ منك الكثير من الوقت

GMT 12:16 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

تجنّب أيّ فوضى وبلبلة في محيطك

GMT 17:14 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

بن راشد يُصدر مرسوماً بضم «مؤسسة الفيكتوري» إلى نادي دبي

GMT 01:20 2019 السبت ,20 تموز / يوليو

نبضات القلب المستقرة “تتنبأ” بخطر وفاتك!

GMT 02:41 2019 السبت ,05 كانون الثاني / يناير

"الفاتيكان" تجيز استئصال الرحم من المرأة لهذا السبب فقط

GMT 23:19 2013 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

"Gameloft" تستعرض لعبة "Asphalt"بهذا الصيف

GMT 13:12 2013 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

معرض الكتاب الكويتي منصة متميزة لأصدارات الشباب الأدبية

GMT 09:48 2013 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

الإذاعة المِصرية تعتمد خِطة احتفلات عيد "الأضحى"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates