اعترافات ومراجعات 63 شرف الجندية والخدمة العسكرية

اعترافات ومراجعات (63).. شرف الجندية والخدمة العسكرية

اعترافات ومراجعات (63).. شرف الجندية والخدمة العسكرية

 صوت الإمارات -

اعترافات ومراجعات 63 شرف الجندية والخدمة العسكرية

بقلم:مصطفى الفقي

 

استقر فى أعماقى شعور بأن الحياة العسكرية هى تضحية حقيقية من جانب الفرد تجاه الجماعة، بل هى ضريبة «الراية» التى يدفعها المواطن دفاعًا عن وطنه وذودًا عن ترابه المقدس، ومازلت أتذكر ظروف تجنيدى فى القوات المسلحة حيث تخرجت فى كلية الاقتصاد والعلوم السياسية فى مايو ١٩٦٦ وكان لى صديقان من زملاء الدفعة أعتز بهما كثيرًا، أحدهما ابن مسؤول كبير فى العصر الناصرى.

وكان ذلك الوالد صاحب قلب كبير يحتوى زملاء ابنه ويعاملهم فى مساواة كاملة وحرص شديد على مستقبلهم جميعًا، وبعد تخرجنا بشهور قليلة ذهبنا الإدارة العامة للتجنيد بالقاهرة، وكانت النتيجة أن زميلىّ منحا شهادة الإعفاء من التجنيد فى الحال، لأن أحدهما من مواليد القاهرة والثانى من مواليد بورسعيد وتخضع المدينتان لمنطقة تجنيد القاهرة، أما أنا فلأننى من مواليد محافظة البحيرة فقد قال لى الضابط الذى استقبلنا إننى أتبع منطقة تجنيد الإسكندرية ولا حق له فى التعامل معى.

لأننى لا أتبع منطقة تجنيد القاهرة، وبالفعل تقدمت بعد ذلك بأسابيع قليلة إلى تجنيد الإسكندرية، حيث جرى تجنيدى فى سلاح الحدود، ثم تقرر إعادة توزيع الجنود من حملة المؤهلات العليا على الأسلحة الثلاثة الرئيسية: المشاة والمدرعات والمدفعية، ثم كان هناك كشف طبى آخر بعد شهور قليلة للتعرف على مشكلات المرضى من بين المجندين.

وقضيت عدة شهور فى الخدمة العسكرية لم أر أشد صعوبة منها فى حياتى، فلقد كان الطقس قاسيًا والجو باردًا والحياة العسكرية جافة، خصوصًا بعدما جرى استبدال المجندين فى سلاح الحدود وسلاحى التعيينات والمهمات إلى الأسلحة الرئيسية الثلاثة الكبرى، وكان عدد منّا يتردد على المستشفيات العسكرية خصوصًا من يشتكون من مشكلات صحية، وكنت منهم أعانى من تسطح شديد بالقدمين يؤدى إلى صعوبة المشى لمدة طويلة.

وعرفت فى تلك الشهور القليلة طرفًا من الحياة الصعبة والمعاناة الشديدة التى تفصل بين الحياتين العسكرية والمدنية، فالانضباط العسكرى شديد والالتزام فيها واضح ولا مفر من طاعة الأوامر وتنفيذ التعليمات وتحمل المشاق فى صبر وصلابة، ولا شك أن التحاق دفعة من حملة المؤهلات العليا بالكامل فى صفوف القوات المسلحة قد أعطى دفعة إيجابية للجيش المصرى مع الشهور الأولى بعد نكسة ١٩٦٧.

لذلك تقرر إعادة الكشف الطبى على عدد من الحالات لذلك العام، وكنت واحدًا منهم، فتقدمت للكوميسيون العسكرى فى طب العظام بمستشفى الحلمية، وتقرر إعفائى طبيًا من الاستمرار فى الخدمة العسكرية والاكتفاء بالشهور التى أمضيتها فى القوات المسلحة وحملت خلالها شرف الانتماء لتلك المؤسسة الوطنية العريقة فلقد تعلمت منها الكثير.

وتعرفت على ملامح الحياة العسكرية والمعاناة التى يمر بها الجندى الجديد، كما تعلمت منذ ذلك الوقت تقدير الظروف التى يعيش فيها هؤلاء الجنود وهم يدفعون ضريبة الوطن بكل حب واحترام، حتى انتقلنا من مرحلة كانت القرى المصرية تودع فيها أبناءها الذاهبين إلى الخدمة العسكرية بالبكاء والنحيب إلى فترة أخرى ازداد فيها الوعى واستيقظ الوجدان الوطنى.

فأصبحت الجندية مركز جاذبية يتطوع فيها الشباب إعمالا للمثل المنوفى الشهير الذى ذكرته من قبل (شريط على كمى ولا فدان عند أمى)، فالخدمة العسكرية مدرسة مختلفة تمامًا عن الحياة المدنية لا مجال فيها للخواطر ولا مكان للوساطة، فكل شىءٍ يمضى وفقًا لنظام محسوب وأسلوب صارم، ومازلت أحتفظ بصورة فوتوغرافية لى بملابس الجندية متذكرًا اليوم الذى سلمت فيه مهامى وخرجت من بوابة إدارة التجنيد أحمل شهادة انتهاء الخدمة العسكرية وكأنما ولدت من جديد.

وتذكرت زملائى من أبناء تلك الدفعة الذين قضوا سنواتٍ امتدت إلى ثمانى فى خدمة متصلة للقوات المسلحة، ولكن الله رعى ظروفهم ومازلت أتذكر ما كان يقصه علينا صديقنا العزيز الدكتور «فاروق العقدة» الذى أمضى تلك السنوات كاملة فى فترة ما بين النكبة وانتصار ١٩٧٣ وما بعدها، ثم استطاع أن يستكمل دراسته العليا، وأصبح واحدًا من ألمع المصرفيين فى تاريخنا الحديث بعلمه وكفاءته.. تحية لقواتنا المسلحة وجنودها البواسل الذين يرفعون العلم المصرى دائمًا فى شموخ واعتزاز وكبرياء وكرامة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اعترافات ومراجعات 63 شرف الجندية والخدمة العسكرية اعترافات ومراجعات 63 شرف الجندية والخدمة العسكرية



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 02:36 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة
 صوت الإمارات - إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة

GMT 00:59 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
 صوت الإمارات - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 00:55 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024
 صوت الإمارات - الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024

GMT 09:15 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

يحذرك هذا اليوم من المخاطرة والمجازفة

GMT 19:12 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج السرطان السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 20:20 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك

GMT 11:21 2020 الإثنين ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الدلو الأثنين 30 تشرين الثاني / نوفمبر2020

GMT 10:58 2012 الإثنين ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

"البرلمان الأوروبي" يمنع قطع زعانف سمك القرش في البحر

GMT 13:54 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

محمد بن راشد يهنئ المواطنين هاتفيًا بـ"اليوم الوطني"

GMT 15:55 2017 الخميس ,15 حزيران / يونيو

منزل غريب في نيوزيلندا يصلح للشخصيات الخيالية

GMT 19:23 2017 الأحد ,06 آب / أغسطس

خالد باوزير يعود إلى تدريبات الوحدة

GMT 12:20 2013 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

التليفزيون المصرى يعرض أول مسلسل صيني في الشرق الأوسط

GMT 21:50 2017 الخميس ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتحاد للطيران تعلق رحلات أبوظبي " دالاس فورت وورث " في 2018

GMT 07:01 2017 الخميس ,07 أيلول / سبتمبر

شركة يابانية تكشف عن أسرع سيارة في العالم

GMT 22:12 2021 الأحد ,10 تشرين الأول / أكتوبر

وضعيات "يوغا" تقلل من تساقط الشعر

GMT 08:44 2021 الإثنين ,26 إبريل / نيسان

فساتين راقية بلمسات شرقية لها سحرها الخاص

GMT 03:44 2019 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

نسخة مسرحية من «عائلة آدم» في «أميركية الشارقة»

GMT 09:38 2019 الأربعاء ,05 حزيران / يونيو

هيفاء وهبي تعلن الاعتزال الفني بشكل مؤقت
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates