تطور السياسات أم تغيير الشخصيات

تطور السياسات أم تغيير الشخصيات؟

تطور السياسات أم تغيير الشخصيات؟

 صوت الإمارات -

تطور السياسات أم تغيير الشخصيات

بقلم - مصطفى الفقي

ترتبط قضية التغيير فى بلادنا بتغيير الشخصيات دون تجديد السياسات، فالأصل فى العلاقة بين الفرد والمؤسسة يقوم على اعتبار أن التوازن بينهما هو الفيصل فى استقرار الإدارة ورشادة القرار الذى يصدر عنها، ولقد تعددت الكتابات المصرية والأجنبية حول الأسباب الحقيقية لعدم تحقيق النتائج المرجوة لكثير من مراحل التاريخ الحديث والأسباب التى أدت إلى ذلك والتى حالت دون تحقيق الأهداف بما يؤدى إلى استقرار معدلات التقدم فى القطاعات المختلفة، إذ إننا نفاجأ أحيانًا ـ على مر السنين ـ بتراجع ملحوظ فى عوائد الوحدات المنتجة لأسباب غير معلومة، بينما يؤكد الغوص فى أعماق كل مشكلة أن السبب هو افتقاد الرؤية البعيدة المدى مع الاكتفاء بالحلول الترقيعية دون الدخول بشكل حاسم فى جذور كل مشكلة، ولا أدعى هنا أننى خبير فى الإدارة الحديثة، ولكنى أزعم أن الإدارة علمٌ مهم للغاية وأنه يمثل قاطرة التقدم، لذلك فلم يعد سرًا أن كثيرًا من الشركات الكبرى والمؤسسات العالمية تشترط فيمن يتولى رئاستها أو منصبًا مهما فيها أن يكون حاصلًا على درجة علمية وخبرة تطبيقية فى فروع الإدارة المختلفة، وهناك جهات كثيرة تشترط حصول طالب الوظيفة على مؤهلٍ حديث فى أحد فروع علم الإدارة ذى صلة بنوعية المشروع أو طبيعة المؤسسة ولا يعنى ذلك أن الدراسات النظرية هى الفيصل، ولكن المهارة التجريبية أمر مهم للغاية، ولقد قال لى أحد وزراء الخارجية المصرية السابقين إنه فى أحد الأعوام عُرض عليه اسمان لشخصين يتم الاختيار بينهما لوظيفة مهمة وحساسة وهى رئاسة البعثة المصرية فى الأمم المتحدة وكان الاختيار بين دبلوماسى يحمل درجة الدكتوراة حول آليات العمل فى مجلس الأمن ولكنه لم يعمل فى منظمة دولية من قبل، بينما الزميل الآخر خدم كدبلوماسى فى الوفد المصرى بالأمم المتحدة لعدة سنوات، ولكنه لا يحمل الدرجة العلمية المطلوبة نظريًا للعمل فى المجلس واستقر رأى وزير الخارجية الحصيف بلا تردد على اختيار ذلك الذى يحمل خبرة عملية تطبيقية مباشرة تفضيلًا له على حامل الدرجة العلمية نظريًا دون أن يمارسها عمليًا، إننى أريد أن أقول هنا إن الخبرة هى أحد العوامل الحاكمة فى أفضلية الاختيار للمواقع المختلفة، لذلك لم يكن غريبًا أن تأخذ المؤسسة الوزارية المصرية قبل عدة عقود بمفهوم الوكيل الدائم للوزارة وهو ذلك الذى يدير دولاب العمل اليومى، ويعتبر الوزير الإدارى الحقيقى، بينما يتفرغ الوزير السياسى الذى يقف على قمة الوزارة لرسم السياسات العامة والخطوط العريضة لوزارته، ولعلى أجازف هنا وأقول إننى أميل إلى ذلك النمط لأنه يضمن استمرارية قوة الدفع ومواصلة تطبيق السياسات دون النظر لتغيير شخوص الوزراء مثلما يحدث أحيانًا عندما يأتى وزير جديد ليثبت فشل سابقيه ويسعى لترك بصمته الشخصية، ولو على حساب المصلحة العامة واستمرارية حل المشكلات، ولذلك فإن الأمر فى ظنى يحتاج إلى ثبات السياسات واستقرار القرارات دون الاعتماد كليًا على تغيير الشخصيات، كما أن كثرة الإجراءات تعطى انطباعًا هى الأخرى بغيبة الرؤية وقصور النظرة وتردد الفكرة، ويكفى أن نتذكر أن لدينا غابة من القوانين التى لا يجرى تطبيقها رغم الحاجة إليها، لذلك فإن ثبات الأوضاع الذى يمكن أن يوحى بثقة يمكن أن يعطى أيضًا إحساسًا بالجمود إذ إن ترهل الجهاز الإدارى هو واحد من الأمراض التى تعانيها المجتمعات المعاصرة ومنها مصر، إننى أريد أن أخلص من ذلك بعدة نتائج:

أولًا: إن التغيير لا يكون فى المظهر دون الجوهر أى لا يكون بتغيير الأسماء أو تحريك بعضها على حساب جوهر الخبرة ومعيار الكفاءة واضعين فى الاعتبار أننا نفكر فى دولة للمستقبل، لذلك فالشباب له أولوية، لأن القرارات السليمة هى مزيج من حيوية الشباب وحكمة الشيوخ.

ثانيًا: إن تقليص عدد الإدارات المعنية بالشأن الواحد هو أمر مهم، لأننا نلاحظ أحيانًا أن الموضوع الواحد مشترك بين عدد من الوزارات والمؤسسات فى حالة اشتباك دائم تؤدى إلى تعطيل العمل وليس لسرعة إنجازه.

ثالثًا: إن التنسيق العرضى بين الوزارات والمؤسسات التى تدور حول قضية مشتركة أو مشكلة تمس قطاعات كبيرة من الشعب أقول إن مثل هذه الأحوال تحتاج إلى جلسات مصغرة لخبراء متمرسين إلى أن يتم طرح الأمر على سلطات أعلى أو مؤسسات أكبر واضعين فى الاعتبار أن البقاء دائمًا سوف يكون للمؤسسة حتى لو كان المجد للفرد وقتيًا.

إذا كنا على أعتاب تغيير فى الأشخاص أو الحقائب الوزارية فإن الأولى هو النظر فى السياسات القائمة قبل الأفراد مدركين أن السياسات خطوط عريضة تتشكل بها صورة الحكم وتتحدد ملامح الإدارة والتى تقترن بمجموعة مدروسة من الإجراءات تجعل الإنجاز ممكنًا مهما كانت العقبات والتحديات والمشكلات والأزمات!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تطور السياسات أم تغيير الشخصيات تطور السياسات أم تغيير الشخصيات



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 18:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 صوت الإمارات - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 18:59 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 صوت الإمارات - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 06:14 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

العاهل الأردني يلقي خطاب العرش في افتتاح مجلس الأمة العشرين
 صوت الإمارات - العاهل الأردني يلقي خطاب العرش في افتتاح مجلس الأمة العشرين

GMT 19:13 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
 صوت الإمارات - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
 صوت الإمارات - "نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 18:09 2018 الثلاثاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

تصميمات مختلفة لسلاسل من الذهب رقيقة تزيدك أنوثة

GMT 11:26 2018 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

الصين تتسلم الدفعة الأولى من صواريخ "أس-400" الروسية

GMT 16:28 2017 الجمعة ,20 كانون الثاني / يناير

تسمية بافوس القبرصية عاصمة للثقافة الأوروبية

GMT 18:36 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تنجح في عمل درسته جيداً وأخذ منك الكثير من الوقت

GMT 12:16 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

تجنّب أيّ فوضى وبلبلة في محيطك

GMT 17:14 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

بن راشد يُصدر مرسوماً بضم «مؤسسة الفيكتوري» إلى نادي دبي

GMT 01:20 2019 السبت ,20 تموز / يوليو

نبضات القلب المستقرة “تتنبأ” بخطر وفاتك!

GMT 02:41 2019 السبت ,05 كانون الثاني / يناير

"الفاتيكان" تجيز استئصال الرحم من المرأة لهذا السبب فقط

GMT 23:19 2013 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

"Gameloft" تستعرض لعبة "Asphalt"بهذا الصيف

GMT 13:12 2013 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

معرض الكتاب الكويتي منصة متميزة لأصدارات الشباب الأدبية

GMT 09:48 2013 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

الإذاعة المِصرية تعتمد خِطة احتفلات عيد "الأضحى"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates