ترافات ومراجعات 69 ذكريات عربية

ترافات ومراجعات (69).. ذكريات عربية

ترافات ومراجعات (69).. ذكريات عربية

 صوت الإمارات -

ترافات ومراجعات 69 ذكريات عربية

بقلم: مصطفي الفقي

 

كان من أمتع المناسبات بالنسبة لى خلال السنوات الثماى التى قضيتها فى مؤسسة الرئاسة لقاؤنا بنظرائنا فى مؤسسات الرئاسة أو القصور الملكية فى الدول العربية، ومازلت أتذكر يوم اصطدم وجهى بالباب الزجاجى المغلق أثناء اجتماع الرئيس مبارك والعاهل الأردنى فى ميناء العقبة كجزء من اللقاءات الدورية التى كان يحرص العاهلان المصرى والأردنى على الاحتفاظ بها ركيزة للحوار الدائم والتفاهم المشترك بين مصر والأردن.

فقد نادانى الرئيس مبارك أثناء اجتماعه بالملك حسين بن طلال فهرعت إليه من الحجرة المجاورة التى لا يفصلها عن قاعة الاجتماع إلا لوح زجاجى شفاف ولأنى دخلت إلى الرئيس مندفعًا فقد اصطدم وجهى بالزجاج وكدت أصاب بجراح منه، فانزعج يومها الملك حسين وتقدم إلى بضع خطوات مستفسرًا عمًا أشعر به بعد ارتطام رأسى بالباب الزجاجى وظل واقفًا للتخفيف عنى حتى إن الرئيس مبارك قال له يا جلالة الملك هذا كثيرٌ علينا فلن نستطيع تشغيله بعد أن حظى بتلك العناية الملكية.

وتذكرت يومها أن الحسين بن طلال كان داهية سياسيًا فأنا أذكر عندما اتصل بى الأستاذ سيف الإسلام البنا، ابن مؤسس جماعة الإخوان المسلمين، وكنت وقتها سكرتير الرئيس المصرى للمعلومات، وطلب الأستاذ سيف الإسلام، رحمه الله، اللقاء بى لأنه يريد أن يتحدث معى فى بعض الأمور الخاصة بعلاقة جماعة الإخوان بالسلطة والحكم حينذاك.

وقد استأذنت الرئيس مبارك فى ذلك اللقاء فأذن لى والتقيت الأستاذ سيف الإسلام الذى كان حينها أمينًا عامًا لنقابة المحامين ومسؤولاً كبيرًا فى الجماعة، وكان معروفًا بأنه إنسان طيب القلب عاطفى المشاعر رقيق الحس، وقد حكى لى يومها، رحمه الله، أنه ذهب برفقة المهندس إبراهيم شكرى الذى كان رئيس حزب مصرى كبير معارض إلى عمان فى الأردن لتهنئة فرع الجماعة هناك لحصوله على أعلى الأصوات فى انتخابات الدورة البرلمانية حينذاك.

وقد كان لتلك النتيجة أصداؤها فى العالمين العربى والإسلامى، ويضيف سيف الإسلام أنهم ذهبوا حينها إلى القصر الملكى للتوقيع فى دفتر التشريفات كما تقضى بذلك التقاليد الملكية، لكنه فوجئ بمن يأتى إليهم ويطلب الأستاذ سيف الإسلام تحديدًا لكى يذهب معه إلى صالون مجاور ويغلق الباب عليه عدة دقائق، ثم إذا به يفتح فجأة ويجد سيف الإسلام نفسه وجهًا لوجه أمام العاهل الأردنى الملك حسين الذى رحب به وقال له إنك فى بلدك الثانى الأردن ومهما كانت خلافاتنا معكم عقائديًا وسياسيًا.

إلا أننا ندعو إلى التقدم نحو الإسلام لا العودة إليه لأنه فى الواقع يسبقنا بأزمنة بعيدة ويتقدم على البشرية بعدة عقود، وهنا انهمرت الدموع غزيرة من سيف الإسلام وقال لى انظر إلى الاستخدام السياسى الذكى من الملك الأردنى فى مواجهة المعاملة الموروثة القاسية فى مصر دون محاولة للاستفادة أو لاستعادة أساليب التعامل المثلى مع المختلفين عقائديًا والمتنافسين سياسيًا.

ثم أضاف سيف الإسلام أنه كان يتمنى من اليوم الأول تحسين العلاقات بين الجماعة والدولة، لكن الجانبين خذلاه، وقد حكى لى قطب إخوانى سابق أننى عندما توليت موقعى سكرتيرًا للرئيس للمعلومات كلفه المرشد العام حينذاك، الشيخ عمر التلمسانى، بالاتصال بى مهنئًا وداعيًا أن أكون جسر تواصل بين قيادات الجماعة ومؤسسة الرئاسة فى وقت كان فيه شعور عام بتحسن العلاقة بينهما فى السنوات الأولى لتولى الرئيس مبارك الحكم، لكن ذلك لم يتحقق على كل حال.

فهم لا يتمسكون بمبدأ ولا يحرصون على علاقة سوية وعلنية مع نظم الحكم المصرية فى تعاقبها منذ العصر الملكى وسنوات الاغتيالات فى نهاية أربعينيات القرن الماضى، وأتذكر بهذه المناسبة أن الصحافة المصرية كانت تقع فى مأزق كل عدة سنوات نتيجة هجومها على نظام عربى أو اختلافها مع ساسة يختصمون مع القاهرة، فإذا تحسنت الأجواء وعادت المياه إلى مجاريها وجرى تبادل الزيارات الرسمية بين الوفود الرئاسية فى مصر والبلد الآخر شعر الصحفيون الذين تباروا فى الهجوم على الضيف القادم فى مرحلة معينة أنهم مضطرون لحسن استقباله وفقًا للظروف الجديدة.

وأتذكر أن الرئيس الراحل حافظ الأسد قد استقبل الرئيس مبارك والوفد المرافق له بعد سنوات من القطيعة وكان يتحدث بمرارة عن بعض مقالات الأستاذ أنيس منصور بينما ينظر بشدة للأستاذ مكرم محمد أحمد خالطًا بين الشخصيتين مما دفع الأستاذ مكرم لأن يرفع يده ويقول يا فخامة الرئيس أنا اسمى مكرم محمد أحمد وقد لزم التنويه، لتضج القاعة كلها بالضحك فى جو من الصفاء الحقيقى الذى افتقده الطرفان لسنوات.

ولا أنسى أيضًا أن الأستاذ موسى صبرى أصيب بوعكة صحية أثناء مرافقته للرئيس مبارك بعد رحيل السادات بفترة قصيرة وقد اعتنى به الجانب السعودى عناية كبيرة حينها ونجح الأطباء هناك فى علاجه، فكان يتذكر بخجل هجومه على المملكة فى سنوات الخلاف المصرى السعودى بعد اتفاقيات كامب ديفيد وما صاحبها.. هذه سطور من ذكريات متآكلة، تبدو بسيطة، لكنها تفتح الباب لتأملات عربية أعمق.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ترافات ومراجعات 69 ذكريات عربية ترافات ومراجعات 69 ذكريات عربية



GMT 19:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تحت البحر

GMT 19:45 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

انتصرنا

GMT 19:45 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفكر السياسي سيرورات لا مجرّد نقائض

GMT 19:44 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

«إنت بتفهم في السياسة أكتر من الخواجه؟!»

GMT 19:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس ترمب؟!

GMT 19:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

مجموعة العشرين وقمة اللاحسم

GMT 19:42 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لو أنه أنصف لبنان

GMT 19:42 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

مأساوية الحرب وأفكار النهايات

GMT 18:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 صوت الإمارات - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 18:59 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 صوت الإمارات - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 19:13 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
 صوت الإمارات - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
 صوت الإمارات - "نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 18:09 2018 الثلاثاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

تصميمات مختلفة لسلاسل من الذهب رقيقة تزيدك أنوثة

GMT 11:26 2018 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

الصين تتسلم الدفعة الأولى من صواريخ "أس-400" الروسية

GMT 16:28 2017 الجمعة ,20 كانون الثاني / يناير

تسمية بافوس القبرصية عاصمة للثقافة الأوروبية

GMT 18:36 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تنجح في عمل درسته جيداً وأخذ منك الكثير من الوقت

GMT 12:16 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

تجنّب أيّ فوضى وبلبلة في محيطك

GMT 17:14 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

بن راشد يُصدر مرسوماً بضم «مؤسسة الفيكتوري» إلى نادي دبي

GMT 01:20 2019 السبت ,20 تموز / يوليو

نبضات القلب المستقرة “تتنبأ” بخطر وفاتك!

GMT 02:41 2019 السبت ,05 كانون الثاني / يناير

"الفاتيكان" تجيز استئصال الرحم من المرأة لهذا السبب فقط

GMT 23:19 2013 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

"Gameloft" تستعرض لعبة "Asphalt"بهذا الصيف

GMT 13:12 2013 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

معرض الكتاب الكويتي منصة متميزة لأصدارات الشباب الأدبية

GMT 09:48 2013 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

الإذاعة المِصرية تعتمد خِطة احتفلات عيد "الأضحى"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates