اعترافات ومراجعات 77 رؤساء عرفتهم

اعترافات ومراجعات (77).. رؤساء عرفتهم

اعترافات ومراجعات (77).. رؤساء عرفتهم

 صوت الإمارات -

اعترافات ومراجعات 77 رؤساء عرفتهم

بقلم : مصطفى الفقي

 

قادتنى الظروف لأن ألتقى بعدد كبير من رؤساء الدول وكبار المسؤولين، بحكم عملى فى مؤسسة الرئاسة المصرية لما يقرب من ثمانى سنوات، فعرفت عن قرب السيدة مارجريت تاتشر، رئيسة وزراء بريطانيا السابقة، والرئيسين الفرنسيين فرانسوا ميتران وجاك شيراك، والرئيسين التركيين تورجوت أوزال وسليمان ديميرل، فضلًا عن كل الحكام العرب تقريبًا؛ بدءًا من خُدَّام الحرمين الشريفين الملوك: فهد، وعبدالله، ثم الملك سلمان، قبل أن يعتلى العرش، بالإضافة إلى الملك الحسن عاهل المغرب، والشيخ زايد مؤسس دولة الإمارات، وغيرهم من قادة الدول العربية والإسلامية، فضلًا عن الحاكمين اللذين أثارا جدلًا فى التاريخ العربى المعاصر، وأعنى بهما صدام حسين ومعمر القذافى.

وكان لكل رئيس شخصيته وطريقة تفكيره وأسلوب حديثه، فقد كان الرئيس حافظ الأسد هادئًا، له حديث خافت لا ينم عن شخصيته بما فيها من صعود وهبوط، أما الملك حسين بن طلال فقد كان نسيجًا وحده فى التواضع والأدب وحسن المعشر، كما عرفت الرئيس نميرى عن قرب وهو فى السلطة، وأكثر وهو خارجها بعد الإطاحة به، وإقامته بفيلا بشارع العروبة بمصر الجديدة، حيث كنت مسؤول اتصال الرئيس الراحل مبارك به فى سنوات إقامته لدينا قبل عودته إلى السودان.

ولقد اكتشفت عن يقين أن رفع غطاء السلطة عن أى حاكم عربى أو أجنبى يحيله إلى إنسان عادى لا يكاد يملك من أمره شيئًا، لذلك فإن حصيلة معرفتى بالرؤساء والحكام كبيرة، بمن فيهم الرئيسان الأمريكيان رونالد ريجان وجورج بوش الأب، وزعماء الصين الكبار، وجورباتشوف الذى دقَّ آخر مسمار فى نعش الدولة السوفيتية، وزعيم كوريا الشمالية بكل الأطوار الغريبة التى شهدتها فى ذلك البلد الفريد من نوعه. وخلاصة ما أريد الوصول إليه هو أن الحكام والرؤساء الذين يدركون الحقيقة يكونون دائمًا أكثر تواضعًا وقربًا من الناس.

وأتذكر أن الوزير الراحل صفوت الشريف، ونائب رئيس المخابرات العامة محمد عبدالسلام محجوب، وكاتب هذه السطور، قد أوفدنا الرئيس الراحل مبارك برسالة منه حول تداعيات حادث لوكيربى الخطيرة على دولة ليبيا، وبعد انتهاء اللقاء قال القذافى: إننى أريد أن آخذ صورة تذكارية مع مصطفى الفقى فقط حتى أدمغه بخاتم الإرهاب الذى يلصقونه بى، قال ذلك وهو مستغرق فى ضحك متواصل!.

وقد أوفدنى الرئيس مبارك مع تلك المجموعة يومها على غير المعتاد كعقوبة لى لأننى وصلت إليه فى مقر الرئاسة بمدينة الإسماعيلية متأخرًا نصف ساعة، فكانت العقوبة هى تلك التى تحملتها برحلة استخدمت فيها أربع وسائل مواصلات من القاهرة إلى السلوم، ومن السلوم إلى مصراته، ثم العودة إلى سرت، وكان الرئيس يعلم أن علاقتى بالطيران ليست جيدة فقال لى قبل السفر إنه قد تمت مقاطعة ليبيا ولا توجد قطع غيار جديدة للطيران بعد حادث لوكيربى، والله يتولاك فى هذه الرحلة!. قال لى ذلك وهو يبتسم مما أشعر به من قلق من تلك الرحلة التى لا أنساها.

أما الرئيس العراقى صدام حسين فقد كانت علاقتى به من خلال لقاءات متكررة، فهو الذى قام فى تواضع وبساطة يرفع طبقًا من قطع البطيخ لكى توضع أمامى وأنا على مائدة الغداء بحضور الرئيسين المصرى والعراقى والوفدين الكبيرين، ومن يراه يفعل ذلك لا يتصور أبدًا أنه ذلك الزعيم الكبير الذى يحكم بالإعدام وينفذه هو فى ذات الوقت.

هذه صفحات وذكريات من علاقتى بعدد من الرؤساء فى مؤسسة الرئاسة. وهناك رؤساء آخرون عرفتهم بعد ذلك مثل الرئيس النمساوى كورت فالدهايم، الذى شغل منصب السكرتير العام للأمم المتحدة دورتين كاملتين، وأصدر كتابًا يرد على مزاعم اليهود فى اتهامه بالخدمة مع قوات النازى فى الحرب العالمية الثانية، وقد طلب منى أن أكتب مقدمة الطبعة العربية للكتاب، وفعلت ذلك فى النصف الثانى من تسعينيات القرن الماضى.

كما التقيت بالرئيس يعقوب جوون، رئيس نيجيريا، بعد الانقلاب عليه فى محطة خدمة سيارات الفولكس المجاورة لمنزلى فى لندن، ودعوته يومها لتناول الإفطار معى فقبل فى تواضع وسعادة، وحكى لى أنه وُلد فى أسرة مسلمة وشقيقته اسمها فاطمة، ولكنه تحول إلى المسيحية نتيجة حملات التبشير الكنسى فى نيجيريا فى منتصف القرن الماضى.

كما استقبلنى رئيسا جمهورية اليونان وجمهورية البرتغال، كلٌّ على حدة، فى مكتب الرئاسة بعاصمة بلاده أثناء عملى مديرًا لمكتبة الإسكندرية، فاكتملت لدىّ حصيلة لا بأس بها من معرفة الملوك والرؤساء والحكام، اقتنعت بعدها بأنهم بشر يأكلون الطعام ويمشون فى الأسواق، ولكنهم لا يرتفعون إلى المقام الرفيع للنبوة المعصومة!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اعترافات ومراجعات 77 رؤساء عرفتهم اعترافات ومراجعات 77 رؤساء عرفتهم



GMT 03:28 2025 السبت ,01 شباط / فبراير

«ودارت الأيام»

GMT 03:28 2025 السبت ,01 شباط / فبراير

المساعدات والهيمنة

GMT 03:27 2025 السبت ,01 شباط / فبراير

حين يصبح التحرير تهجيراً وعودة

GMT 03:26 2025 السبت ,01 شباط / فبراير

هل يمكن إنتاج أوبريت «ترمب في طهران»؟

GMT 03:26 2025 السبت ,01 شباط / فبراير

لبنان... عن علي مراد وعقلانية الاعتراض الشيعي

GMT 03:24 2025 السبت ,01 شباط / فبراير

بودكاست ترمب

GMT 08:52 2015 الأحد ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

1.2 مليون زائر لمعرض الشارقة الدولي للكتاب

GMT 23:26 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السودانية هديل أنور بطلة تحدي القراءة العربي

GMT 10:26 2013 الثلاثاء ,20 آب / أغسطس

دار إبداع تصدر الكتاب الساخر "يا صلاة العيد"

GMT 14:26 2013 الخميس ,12 كانون الأول / ديسمبر

10 أخطاء يجب تجنبها عند اختيار ديكورات المنزل

GMT 12:22 2015 الثلاثاء ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق اختبارات مسابقة "جولدن سينجر" للمواهب

GMT 07:52 2012 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

موسكو تستضیف منتدي اقتصادی إیراني -روسي مشترك

GMT 23:40 2017 الجمعة ,24 شباط / فبراير

إكسسوارات تمنحك الهدوء والراحة في غرفة النوم
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates