اعترافات ومراجعات 89 البابا شنودة وأنا

اعترافات ومراجعات (89).. البابا شنودة وأنا

اعترافات ومراجعات (89).. البابا شنودة وأنا

 صوت الإمارات -

اعترافات ومراجعات 89 البابا شنودة وأنا

بقلم : مصطفى الفقي

إن قصة علاقتى بهذا الحبر الجليل قد وضعتنى فى قلب الأحداث المصرية والشؤون الداخلية للوطن، فقد عدت من لندن أحمل درجة الدكتوراة فى موضوع يدور حول (الأقباط فى السياسة المصرية- مكرم عبيد سكرتير عام حزب الأغلبية نموذجًا)، وقد كتبت فى هذا الموضوع لسببين، الأول هو أننى قد لاحظت فى مطلع سبعينيات القرن الماضى أن الفتنة الطائفية بعد رحيل الرئيس جمال عبدالناصر، الذى كان يجمع أركان الدولة فى قبضة محكمة.

قد أصبحت تنذر بأحداث شغب بين المتطرفين الإسلاميين وبعض الأقباط، خصوصًا فى مناطق التركز المسيحى فى محافظات الصعيد، أما السبب الثانى فهو أن أستاذى فاتكيوتس قد قال لى إنه يفضل أن يكتب كل طالب دكتوراة فى جامعة لندن عن موضوع يتصل ببلاده الأصلية، بحيث تكون هناك ميزة نسبية للكاتب، وفى الوقت نفسه يكون إثراء ضخمًا للمكتبة السياسية والأرشيف التاريخى للجامعة، وقد علم الرئيس الراحل مبارك عندما عملت معه بتخصصى فى جامعة لندن أثناء الدراسة.

فتكون لديه انطباع بأن لى خبرة فى هذا الشأن واهتمامًا خاصًّا بقضايا الأقباط باعتبارهم جزءًا لا ينفصل من النسيج المصرى العريق، وبالفعل عمد الرئيس الراحل إلى إيفادى لقداسة البابا شنودة أثناء الفتن الطائفية والأزمات الدينية حتى أصبحت تقريبًا مبعوث الحكومة إلى الكنيسة القبطية فى الفترات الصعبة التى شهدت بها بعض المناطق مشكلات مختلفة تدور حول بناء الكنائس وتوسعات الأديرة، ولقد وجدت من قداسة البابا شنودة عونًا كبيرًا.

فلقد كان صاحب عقلية متفتحة ورؤية واضحة، إلى جانب وطنية صادقة وحكمة تراكمت لديه من سنوات الرهبنة والتأمل وصولًا إلى سنوات الاشتباك مع عقد الرئيس السادات، والذى لعبت فيه بعض الأوساط الإسلامية والقبطية دورًا سلبيًّا انتهى بنفى البابا شنودة الثالث إلى الدير نفيًا اختياريًّا، بعد أن سحبت الحكومة المصرية اعترافها بخاتمه الشخصى على الوثائق والأوراق لأنها لا تستطيع أن تنتزع منه اللقب البابوى لأنه منحة إلهية وليس تكليفًا بشريًّا.

وقد حكى لى قداسة البابا الراحل فى لقاءات عديدة وصداقة قوية الكثير من شؤون الأقباط وهمومهم وأسرار خلافه مع الرئيس الراحل السادات واختلاف وجهات النظر بين البابا والأنبا متى المسكين، الذى حاول من جانبه أن يلطف درجة الصدام المحتدم بين البابا والرئيس، ولقد عثرت شخصيًّا بالمصادفة على رسالة من الأنبا متى المسكين إلى الرئيس السادات يدعوه فيها إلى إعادة النظر فى أسباب الخلاف مع البابا شنودة، ويدعو إلى التهدئة والمحبة باعتبارها طقسًا مسيحيًّا خالدًا.

وكان البابا صحفيًّا سابقًا وضابط احتياط وشاعرًا وأديبًا، ويكفى أنه هو الذى أحيا العبارة الخالدة لمكرم عبيد باشا، والتى تقول (إن مصر ليست وطنًا نعيش فيه ولكنها وطن يعيش فينا)، وأذكر أنه كان يحدثنى عن خلافه مع الرئيس الراحل السادات بكثير من الهدوء والسماحة، ويعبر دومًا عن حزنه لاغتياله فى يوم انتصاره، وكان يستخدم تعبير (لقد قلت للرئيس الراحل فمًا لأذن مباشرة) للإشارة إلى القرب فى العلاقة بينهما.

وكان بالإضافة إلى ذلك مفكرًا فاخرًا لا يرفض الدعابة ولا يهجر المحبة، قال عنه صديقه الراحل، الدكتور على السمان، فى يوم تأبينه الذى شاركت فيه منذ سنوات إن البابا شنودة (كان عبقرى المودة)، وقد قال لى ذات يوم: عندما يتحدث المتطرفون عن التكفير والهجرة نتحدث نحن الأقباط على الجانب الآخر عن التفكير فى الهجرة!، ولقد سمعت من الرئيس الراحل مبارك ثناءً كثيرًا عليه عندما قرر الرئيس أن يكون الكريسماس القبطى فى السابع من يناير عطلة مصرية رسمية للأقباط وكل المصريين على السواء.

ويومها قال الرئيس مبارك للبابا الراحل إنه يفكر فى أن يجعل عيد القيامة أيضًا إجازة رسمية مثل عيد الميلاد، ولكن البابا الحكيم قال له لا يا سيادة الرئيس لسنا بحاجة لذلك لأنه أمر قد يثير الفتنة ويفتح باب الجدل، فميلاد السيد المسيح متفق عليه بيننا وبينكم، أما قيامته فهى قضية خلافية يؤمن بها كل طرف بما جاء فى كتابه المقدس.

كانت رحلتى فى العلاقة القوية والقريبة من البابا الراحل زادًا أتواصل فيه مع البابا الحالى تواضروس الثانى بهدوئه وسماحته وصفاء نفسه. تلك كانت سطورًا موجزة من علاقتى بالبابا شنودة الراحل، تذكرتها فى أسبوع الأعياد.. طيّب الله ثراه دائمًا.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اعترافات ومراجعات 89 البابا شنودة وأنا اعترافات ومراجعات 89 البابا شنودة وأنا



GMT 22:31 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

كبير الجلادين

GMT 22:30 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

التغيير في سورية... تغيير التوازن الإقليمي

GMT 22:29 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

أحاديث الأكلات والذكريات

GMT 22:29 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

هل مع الفيروس الجديد سيعود الإغلاق؟

GMT 22:28 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

سوريا... والهستيريا

GMT 22:28 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

لا يطمئن السوريّين إلّا... وطنيّتهم السوريّة

GMT 22:27 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

هيثم المالح وإليسا... بلا حدود!

GMT 22:26 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

جرعة تفاؤل!

GMT 19:42 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الدلو السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 10:03 2018 الأربعاء ,09 أيار / مايو

"بهارات دارشان" رحلة تكشف حياة الهند على السكك

GMT 11:22 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

شيرين عبد الوهاب تظهر بوزن زائد بسبب تعرضها للأزمات

GMT 14:04 2013 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

حامد بن زايد يفتتح معرض فن أبوظبي 2013

GMT 06:44 2012 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

نشر كتاب حول أريرانغ باللغة الإنكليزية

GMT 19:39 2017 الثلاثاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

٣ خلطات للوجه من الخميرة لبشرة خالية من العيوب

GMT 15:58 2017 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

لوتي موس تتألق في بذلة مثيرة سوداء اللون

GMT 17:22 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

فتيات عراقيات يتحدين الأعراف في مدينة الصدر برفع الأثقال

GMT 09:17 2021 الجمعة ,21 أيار / مايو

4.1 مليار درهم تصرفات عقارات دبي في أسبوع
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates