فى صالون السعدنى 14

فى صالون السعدنى (1/4)

فى صالون السعدنى (1/4)

 صوت الإمارات -

فى صالون السعدنى 14

بقلم - مصطفى الفقي

أمضيت بعض سنوات شبابى حريصًا على ملازمة الكاتب الراحل محمود السعدنى، مستمعًا إلى تحليلاته الساخرة ورؤيته العميقة لمشاهد متناثرة من حياته الثرية، وآمنت دائمًا أن لديه فلسفة من نوع خاص جعلته من أروع الحكائين الذين عرفتهم وأذكى المحدثين الذين استمعت إليهم، وقد ارتبط جزء كبير من تلك العلاقة بينى وبين ذلك الأستاذ الكبير بمدينة لندن، حيث كان عملى الدبلوماسى في النصف الأول من سبعينيات القرن الماضى، وكان محمود السعدنى يعيش مرحلة النفى الاختيارى بعيدًا عن الوطن بعد اتهامه في القضية المسماة مراكز القوى في أعقاب حركة التصحيح التي قادها الرئيس الراحل أنور السادات، والذى كانت تربطه علاقة طويلة بالسعدنى وزكريا الحجاوى وغيرهما من المرتبطين بالشارع المصرى والمعبرين بصدق عن آدابه وثقافته وفنونه. وكان لقائى الأول بالأستاذ محمود السعدنى في بهو أحد فنادق لندن الكبرى عندما كنت على موعد لقاء مع الكاتب الكبير أحمد بهاء الدين أسترشد بنصيحته حول موضوع أطروحتى للدكتوراة من جامعة لندن، التي اقترح علىّ وقتها أن تدور حول دور أقباط مصر في سياستها المعاصرة خصوصًا في أعقاب ثورة 1919،

وعندما دخلت على الأستاذ بهاء الدين وجدت إلى جانبه الأستاذ محمود السعدنى وعندما قدمنى إليه الأستاذ بهاء الدين بوظيفتى كسكرتير ثالث للسفارة المصرية حينذاك وجدت السعدنى يقول بلا مقدمات يا أستاذ بهاء لا بد أن هذا الشخص هو أحد جواسيس نظام السادات المنتشرين في لندن لرصد تحركات معارضيه، فأصابتنى دهشة أفزعتنى كثيرًا، ولكن الأستاذ بهاء تولى الرد بحسمٍ قائلًا: إن مصطفى أبعد ما يكون عن تصوراتك. ومنذ ذلك الحين أصبحت رفيقًا ملازمًا للأستاذ السعدنى في لندن كلما أتيحت لى الفرصة، ووقتها وفد إلى العاصمة البريطانية الأستاذ محمود أبووافية المحامى والبرلمانى وزوج شقيقة السيدة جيهان السادات- رحمهم الله جميعًا- ووجدت أن أبووافية لا يسأل إلا عن محمود السعدنى، وعندما التقيا في عاصمة الضباب كان الحوار الضاحك الذي ينبض بالسخرية من جانب السعدنى، وأبووافية يضحك من أعماقه في سعادة، ويأخذ الكاتب الساخر الفيلسوف المثقف بالأحضان ويلازمه فترة بقائه في لندن للعلاج الذي جاء من أجله، وأتيح لى من الحوار المتبادل بينهما والقصص التي يرويها كل طرف، أن أطلع على قدر كبير من خفايا السياسة والحكم في مصر في عصرى عبدالناصر والسادات، كما استمعت إلى رواياتٍ دقيقة من كواليس الحياة السياسية في ذلك العصر،

وقد قال لى الأستاذ بهاء الدين وقتها: إننى أعرف علاقتك بزميل دراستك، وهو واحد من وزراء دولة الإمارات وأقربهم إلى قلب الشيخ زايد رحمه الله، وأنا أتمنى عليك أن تجمعه بالأستاذ محمود السعدنى أثناء زيارته للندن لأنه يريد إصدار صحيفة عربية من العاصمة البريطانية، وبالفعل أخذت موعدًا مع ذلك المسؤول الإماراتى الكبير وجلسنا بجناحه بالفندق الكبير، وبدأ السعدنى يتحدث عن مشروعه للصحيفة المقترحة وتمويلها من دولة الإمارات الناشئة في ذلك الوقت، واشترط المسؤول الإماراتى على السعدنى ألا يهاجم السادات ولا الوضع في مصر ولا شاه إيران ولا الصراعات المكتومة في بلده، فضحك السعدنى في سخرية، وعندما سأله المسؤول الإماراتى الكبير عن اسم الصحيفة قال له: سوف أسميها (القافلة)، فسأله: لماذا هذا الاسم تحديدًا؟، فأجاب: لأنها سوف تصدر عددين وتقفل أبوابها!، تعبيرًا عن رفضه اشتراطات المسؤول الإماراتى الذي كان معروفًا بالهدوء والحكمة وحب مصر التي درس في جامعتها، ومن خلال تلك العلاقة الممتدة بالأستاذ السعدنى عبر السنين فإننى أريد أن أكتب عنه كما كتب الأستاذ أنيس منصور (فى صالون العقاد كانت لنا أيام)، ولا يعنى ذلك أننى أشبه نفسى بالأستاذ أنيس منصور ولا أشبه الأستاذ السعدنى بالأستاذ العقاد، ولكنها رغبة في توثيق تلك الصالونات الثقافية التي حملت الكثير من الفكر والمعرفة والطرائف النادرة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فى صالون السعدنى 14 فى صالون السعدنى 14



GMT 02:30 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

السادة الرؤساء وسيدات الهامش

GMT 02:28 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

«وثائق» عن بعض أمراء المؤمنين (10)

GMT 02:27 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

من يفوز بالطالب: سوق العمل أم التخصص الأكاديمي؟

GMT 02:26 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

روبرت مالي: التغريدة التي تقول كل شيء

GMT 02:24 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

السعودية وفشل الضغوط الأميركية

GMT 17:40 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تطرأ مسؤوليات ملحّة ومهمّة تسلّط الأضواء على مهارتك

GMT 19:20 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العذراء الأحد 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 15:06 2020 الإثنين ,17 آب / أغسطس

طريقة تحضير ستيك لحم الغنم مع التفاح الحار

GMT 20:28 2018 الأربعاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

غادة عادل تنشر صورتها مع زميلاتها في إحدى صالات الجيم

GMT 22:38 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

الغساني يبدي سعادته بالأداء الذي يقدمه مع الوحدة

GMT 16:15 2015 الأربعاء ,04 شباط / فبراير

"بي بي سي" تطلق موقعًا جديدًا على الإنترنت

GMT 21:06 2021 الإثنين ,26 إبريل / نيسان

طقس غائم وفرصة سقوط أمطار خلال الأيام المقبلة

GMT 20:01 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 06:47 2021 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

ابرز النصائح والطرق لتنظيف السيراميك الجديد لمنزل معاصر

GMT 08:14 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

"أدهم صقر" يحصد برونزية كأس العالم للخيل في باريس

GMT 09:42 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

"بيوتي سنتر" مسلسل يجمع شباب مصر والسعودية

GMT 22:57 2019 الأربعاء ,06 آذار/ مارس

بن راشد يعتمد 5.8 مليار درهم لمشاريع الكهرباء
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates