ستارت – 3

ستارت – 3

ستارت – 3

 صوت الإمارات -

ستارت – 3

عبدالحسين شعبان
بقلم - عبدالحسين شعبان

كان برنارد باروخ مستشار الرئيس الأمريكي هاري ترومان أول من استخدم مصطلح “الحرب الباردة” في 16 إبريل (نيسان) عام 1947 ، التي تعني المجابهة العالمية الجيوسياسية والإقتصادية والآيدولوجية بما فيها الحرب النفسية ووسائل القوة الناعمة الإعلامية والثقافية والرياضية ضد الإتحاد السوفيتي السابق ، وبعده جاء خطاب ونستون تشرشل الذي ألقاه في مدينة فولتن بولاية ميسوري الأمريكية ، ومع أنه لم يكن حينها رئيساً لوزراء بريطانيا ، لكن فكرته سرت مثل النار بالهشيم حين طرح تشكيل حلف عسكري للدول الإنكلوساكسونية بهدف “مكافحة الشيوعية” وكان ذلك ترسيخاً لفكرة الحرب الباردة ، حيثُ تأسس حلف الناتو في العام 1949 وبالمقابل أُنشأ حلف وارشو في العام 1955 من جانب الإتحاد السوفيتي وحلفائه .
وقد دامت الحرب الباردة والصراع الآيديولوجي طيلة فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية ولغاية نهاية الثمانينات ، وشهدت سباقاً محموماً للتسلح على الرغم من محاولات الطرفين البحث عن فرصٍ لتخفيض ترسانة الأسلحة عبر معاهدات واتفاقيات دولية جماعية أو ثنائية دون أن تخلو من عقباتٍ وكوابح تعكّر صفو علاقات “التعايش السلمي” وتزيد من سباق المنافسة التسليحية والتي كان آخرها ما عُرف بـ “مشروع حرب النجوم”الذي خصصت له واشنطن ترليوني دولار ، وكان ذلك أحد أسباب فشل الإتحاد السوفيتي وتفكّكه في تلك المنافسة غير المتكافئة التي جرّته إليها الولايات المتحدة، خصوصاً في عهد الرئيس ريغان، إضافة إلى أسباب إقتصادية وسياسية واجتماعية وغيرها .

 

خلال شهر فبراير (شباط) الجاري 2021 سينتهي مفعول إتفاقية ستارت – 3 التي تمّ التوقيع عليها في 18 إبريل (نيسان) 2010 بين الرئيس الأمريكي باراك أوباما والرئيس الروسي السابق ديمتري مدفيديف ،وقد توصّلت واشنطن إلى “إتفاق مبدئي” مع روسيا على تمديدها لخفض ترسانة الأسلحة النووية ، علماً بأنها كانت قد طلبت من الصين الإنضمام إلى المفاوضات التي يشهد برنامجها النووي نموّاً مطرّداً، لكنه لا يقارن من حيث الحجم بالترسانتين الأمريكية والروسية ، حيث تمتلكان نحو 93 % من القنابل النووية في العالم ، ويدرك الطرفان إن من شأن عدم تمديد المعاهدة رفع جميع القيود المتبقية على نشر رؤوس حربية نووية ، وكذلك الصواريخ والقاذفات القادرة على حملها، مما سيؤدي إلى تأجيج سباق التسلح، ويزيد من حدّة التوتر ويعيد الأجواء إلى مناخ الحرب الباردة .

 

ولعلّ فوز جو بايدن الذي كان نائباً للرئيس أوباما حين تم التوقيع على ستارت – 3 إلاّ أنه يعتبر روسيا العدو الرئيس والأول للولايات المتحدة ، أما الصين فيعتبرها منافساً وليس عدواً ، الأمر الذي قد يجعل العلاقات الروسية – الأمريكية تعيش أوقاتاً صعبة، على الرغم من توفّر الفرصة لتمديد إتفاقية نيوستارت – 3 ، وكان قد عبّر عن نيّته في تمديد المعاهدة خلال حملته الإنتخابية .
تعتبر ستارت – 3 ، واحدة من 9 إتفاقيات نووية وقّعتها موسكو مع واشنطن خلال العقود الماضية ويعود تاريخها إلى ستينات القرن الماضي، ومن أهمها معاهدة منع التجارب النووية وهي معاهدة متعددة الأطراف تمّ التوقيع عليها العام 1963 وما تزال سارية المفعول ، إضافة إلى معاهدة الحدّ من انتشار الأسلحة النووية لعام 1963 وهي معاهدة متعدّدة الأطراف تم تمديدها في العام 1995 وهي مفتوحةٌ وغير محدّدة بزمن .
ومن المعاهدات الثنائية بين البلدين معاهدة سالت – 1 و ABM و سالت – 2 ، الأولى تم التوقيع عليها في العام 1972 لغرض تجميد عدد قاذفات الصواريخ البالستية العابرة للقارات بين البلدين (لمدة 5 سنوات) في حين أن الثانية منعت إنشاء درع مضاد للصواريخ ، أما الثالثة (سالت – 2) فقد تم التوقيع عليها العام 1979 بشأن الأسلحة النووية ، لكنها لم تدخل حيّز التنفيذ، إضافة إلى معاهدة الصواريخ المتوسطة والقصيرة المدى التي تمّ التوقيع عليها في العام 1987 بين دونالد ريغان وميخائيل غورباتشوف ، وهي المعاهدة التي انسحب منها دونالد ترامب في فبراير (شباط) 2019 ، ومن المعاهدات المهمة ستارت – 1 (1991) و ستارت – 2 (1993) التي لم تدخل حيّز التنفيذ ، وتكمن أهمية ستارت – 3 بتحديد عدد الرؤوس النووية بـ 1550 رأساً ، وهي خاصة بالأسلحة الهجومية ، وقد أبدى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إستعداد بلاده لتمديد المعاهدة ، كما أعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس أهمية تمديد ستارت – 3 ، وذلك خدمة للسلم والأمن الدوليين .
وسيؤدي تمديد المعاهدة إلى تفعيل نظام الرقابة النووية وتخفيف حدّة التوتر في أوروبا وآسيا ومنطقة المحيط الهادي وإقامة نظام مؤتمن في مجال التكنولوجيات، بما يطمئن واشنطن من إلتزام موسكو بأحكام المعاهدة ، ويطمئن موسكو من حسّاسيتها بنصب صواريخ نووية في بولونيا وأوكرانيا وتشيكيا وعلى حدود روسيا .

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ستارت – 3 ستارت – 3



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 00:59 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
 صوت الإمارات - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 00:55 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024
 صوت الإمارات - الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024

GMT 18:53 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الثور السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 02:56 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

تعرفي على أفضل مطاعم العاصمة الأردنية "عمان"

GMT 15:37 2014 الجمعة ,10 تشرين الأول / أكتوبر

تسريحة "الريتو" تشهد إقبالًا شديدًا من النجمات العالميات

GMT 10:07 2012 الجمعة ,14 كانون الأول / ديسمبر

"خدعنى الفيس بوك" مجموعة قصصية للكاتب أشرف فرج

GMT 15:15 2014 الجمعة ,17 تشرين الأول / أكتوبر

مجموعة العيد ترجع بنا الذاكرة إلى سنوات الزمن الجميل

GMT 19:03 2020 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

13.8 تريليون درهم تداولات «دبي للذهب والسلع» في 15 عاماً

GMT 14:48 2018 الإثنين ,24 كانون الأول / ديسمبر

كايلا موريس تستعرض جسدها بالبكيني في تينيريفي

GMT 20:45 2013 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

"سوني" تعرض أول فيديو تجريبي للعبة "DriveClub"

GMT 03:12 2015 السبت ,17 كانون الثاني / يناير

"كول أوف ديوتي" اللعبة الأكثر مبيعًا في 2014

GMT 16:14 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

هادي الجيار يجسد شخصية تاجر سلاح من مطروح في "الأب الروحي"

GMT 16:12 2015 الخميس ,03 أيلول / سبتمبر

"الأصفر" سيد الألوان في موضة 2015
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates