الكابيتول وصورة أمريكا
آخر تحديث 02:13:44 بتوقيت أبوظبي
الثلاثاء 23 أيلول / سبتمبر 2025
 صوت الإمارات -
أخر الأخبار

الكابيتول وصورة أمريكا

الكابيتول وصورة أمريكا

 صوت الإمارات -

الكابيتول وصورة أمريكا

عبدالحسين شعبان
بقلم - عبدالحسين شعبان

سدّد مشهد اقتحام أنصار الرئيس دونالد ترامب مقر الكونغرس ومبنى الكابيتول ضربةً قاسيةً وموجعةً لصورة أمريكا التي ظلّ العالم ينظر إليها باعتبارها “منارةً للديمقراطية” بغض النظر عن الاختلاف بشأن سياساتها الخارجية وحروبها إزاء الشعوب.
وبقدر ما أثار الأمر صدمةً كبيرةً للأمريكيين على المستويين الرسمي والشعبي فإنه أوقع الجميع في حالة من الذهول والحيرة، لاسيّما على المستوى الدولي، سواء لحلفاء واشنطن ومريديها مثلما لخصومها وأعدائها، لأن مثل ذلك السلوك الذي انتهجه ترامب للتشبث بالسلطة والتشكيك بنتائج الانتخابات ومن ثم دعوة أنصاره للتظاهر بهدف الضغط على الكونغرس لعدم التصديق على فوز غريمه جو بايدن بمنصب الرئاسة، لم يحصل في تاريخ الولايات المتحدة وربما في تاريخ الديمقراطية الغربية. وقد شبّه هايكو ماس وزير الخارجية الألماني ماحصل بحريق الرايخشتاغ (البرلمان الألماني في برلين 27 شباط/فبراير 1933 ) خلال الحقبة النازية، كما وصفت صحيفة لاريببليكا الإيطالية ما حدث يوم 6 كانون الثاني/يناير الجاري بـــ”الزحف على روما” بقيادة بنيتو موسوليني (نهاية تشرين الأول/أكتوبر 1922 ) ليس هذا فحسب، بل وردت ردّات فعل غاضبة على ما حصل في الكابيتول على لسان رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون ورئيسة وزراء أسكتلندا نيكولا ستورجن ورئيس الجمهورية الفرنسي ايمانويل ماكرون والكثير من زعماء العالم، كما تندر الكثير من السياسيين والإعلاميين بوصف ما حصل مشبهين إياه بما يجري في العديد من بلدان العالم الثالث تلك التي غالبًا ما يُهرع الدبلوماسيون الأمريكان للتنديد بها ومطالبة الحكومات باحترام نتائج الانتخابات والمعايير الديمقراطية المعروفة.

 

نظرتان مختلفتان إزاء ما حصل من هجوم على مبنى الكونغرس الأمريكي؛
النظرة الأولى- عاينت الأحداث من باب الشماتة والمناكفة بسبب تأثرها السلبي من سياسات الرئيس ترامب وضغوطه وتهديداته غير المألوفة.
والنظرة الثانية- قلّلت من أهمية ما حصل باعتباره أمرًا عابرًا وأن واشنطن ستستعيد عافيتها بــ”الديمقراطية”.

 

النظرة الأولى اعتبرت ما حصل أزمةٌ للنظام الرأسمالي العالمي، ولاسيما الأمريكي وهي أزمة دورية ومستمرة وما حصل إحدى حلقاتها المهمة وهي دليل تدهورٍ وانحدارٍ ونكوصٍ، في حين أن النظرة الثانية اعتبرت قوّة النظام الأمريكي ورسوخ ديمقراطيته كفيلة بتجاوز ما حدث بلحاظ رد فعل الرأي العام الأمريكي القوي والحازم ضد التجاوزات والانتهاكات التي اعتبرت تحديًا للديمقراطية بما فيها من بعض أنصاره وقياديين في حزبه.
وبغض النظر عن وجود مؤسسات تستند إلى قوانين وقضاء مستقل ورقابة ورأي عام مؤثر وإعلام حرّ ومجتمع مدني نشيط، إلّا أن دور الفرد يبقى مهمًا ومؤثرًا في إطار منظومة النظام السياسي والقانوني الأمريكي الذي يمنحه الدستور صلاحيات كبيرة، فخلال فترة رئاسة ترامب وسياسته الشعبوية وقصر نظره وعدم تفهمه لقواعد السياسة الدولية، أقدم ودون وعي بمخاطر ذلك، على نشاط محموم لتدمير القانون الدولي وتجاوز قرارات الشرعية الدولية بما فيها بشأن القدس الشريف والخروج عن الأعراف الدبلوماسية الدولية والعلاقات التجارية وتقاليدها وزعزعة الثّقة بوسائل التعامل التجاري وابتزاز الشعوب، وتجيير ذلك لصالح السياسة الأمريكية الأنانية الضيقة ولفئة متنفذة من الطاقم المحيط به، وكان ذلك يعني تدمير صورة أمريكا.
كما ساهمت سياسة ترامب في خلخلة السلم المجتمعي في الولايات المتحدة مكرسًا نهجًا عنصريًا استعلائيًا وهو الذي تمّ وضع حدٍّ له منذ العام 1964 في إطار المطالبات بالحقوق المدنية بقيادة مارتن لوثر كينغ الذي اغتيل في العام 1968، وإن بقيت شوائب وذيول عنصرية كثيرة من الناحية العملية إلّا أن الرئيس ترامب حاول تغذيتها، الأمر الذي أدّى إلى انتشار الأعمال العنفية وارتفاع موجة العداء للأجانب، فضلًا عن بناء جدار مع المكسيك وتقليص الهجرة ومنع مواطني 7 بلدان من دخول الولايات المتحدة.
ولعبت شخصية ترامب النرجسية وتعطشه للسلطة وغروره وتعامله بالسياسة من موقع التجارة إلى إحداث صدع كبير في جدار الديمقراطية الأميركية العريقة انعكس سلبًا على الفكرة الديمقراطية لدى أوساط كثيرة ودفع جهات عديدة إلى المطالبة باتخاذ إجراءات قانونية لعزله حتى قبل انتهاء المدة القانونية المتبقية من حكمه( 20 كانون الثاني/يناير 2021 ) وهي سابقة لم تحصل في تاريخ الولايات المتحدة، خصوصًا اتهامه بعدم أهليته العقلية، وهو الذي حكم الولايات المتحدة أربع سنوات، وكان لاعبًا أساسيًا على المستوى العالمي، متخذًا قرارات خطيرة ومصيرية غيّرت من صورة الولايات المتحدة، والأكثر من ذلك هناك من طالب بتقديمه إلى القضاء بتهمة تحريض الرأي العام لاقتحام الكونغرس وقبل ذلك الضغط على سكرتير إدارة ولاية فرجينيا وتهديده وترغيبه، بل والتوسل إليه لتغيير نتائج الانتخابات لصالحه، وهو ما نشرته صحيفة الواشنطن بوست.
لم يقف الديمقراطيون ضد ترامب فحسب، بل إن جمهوريين ومن أخلص أتباعه وقفوا ضده بما فيهم وزيرة التربية بيتسي ديفوس ووزيرة النقل يلين تشاو اللتان أعلنتا عن استقالتهما وعدد آخر من موظفي البيت الأبيض، إضافة إلى نائبه مايك بنس الذي كان له الضلع الأكبر في توجه الكونغرس لاقرار نتائج فوز بايدن.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الكابيتول وصورة أمريكا الكابيتول وصورة أمريكا



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

الملكة رانيا تسحر الأنظار بإطلالة بيضاء راقية وتؤكد مكانتها كأيقونة للبدلات الرسمية

مكسيكو سيتي - صوت الإمارات
في كل ظهور رسمي، تؤكد الملكة رانيا العبدالله أنها ليست فقط رمزًا للأناقة الملكية، بل أيضًا ملهمة في اختياراتها للبدلات الرسمية التي أصبحت جزءًا لا يتجزأ من أسلوبها الشخصي. بإطلالة تجمع بين الرقي العصري والكلاسيكية الراقية، تألقت الملكة رانيا مؤخرًا خلال مشاركتها في مؤتمر "سيغلو المكسيك" (القرن الواحد والعشرين) بمدينة مكسيكو، مجددة تأكيدها على أن البدلة بالنسبة لها ليست مجرد زي رسمي، بل تعبير عن هوية أنيقة متجذّرة في شخصيتها، تُوازن بين القوة والأنوثة، وتُعزّز حضورها اللافت في أبرز المحافل العالمية. بخطى واثقة وحضور مميز، اختارت الملكة رانيا للمؤتمر بدلة بيضاء كلاسيكية مصممة بقصّة Tailored دقيقة، تألفت من بليزر أنيق مزود بأزرار أمامية، وسروال واسع الساقين يمنح الإطلالة انسيابية راقية. وتحت البليزر، نسّقت بلوزة عالية ا�...المزيد

GMT 18:33 2013 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

راقصة بترت ساقها إثر تفجير بوسطن تتعهد بالعودة

GMT 05:35 2018 الجمعة ,03 آب / أغسطس

صالح سليم في السينما

GMT 15:06 2017 الثلاثاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار مدهشة للفناء الخلفي للمنزل بشكل عصري

GMT 13:38 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

التلفزيون العراقي يعلن مقتل قاسم سليماني و"الحشد" تقر

GMT 11:35 2019 الإثنين ,11 شباط / فبراير

يوفنتوس يخشى تكرار مأساة بوجبا في صفقة إيسكو
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
Pearl Bldg.4th floor
4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh
Beirut- Lebanon.
emirates , Emirates , Emirates