عماد الدين أديب
هل يوجد فى مصر معارضة سياسية منظمة؟
يوجد فى مصر معارضة، لكنها ليست سياسية وليست منظمة وليست شرعية، تلك هى أزمة النظام السياسى المصرى منذ يوليو 1952، ومنذ أن تم إلغاء كافة أشكال الأحزاب السياسية التقليدية التى كانت قبل عام 1952.
هذا القرار هو كارثة الكوارث؛ لأنه قتل كل التراكم السياسى الشعبى الذى كان فى البلاد، وانتظم تحت مظلة أحزاب سياسية منذ ثورة 1919 العظيمة.
وعشنا منذ 1952 حالة الحزب الواحد المسيطر على مقاليد الأمور.
وأصبح للسلطة حزب واحد وحيد، وأصبح الحزب الواحد هو سلطة بلا قوى شرعية شعبية تستطيع معارضته.
تحول حزب السلطة إلى إحدى أدوات السيطرة الإدارية على البلاد والعباد.
وعشنا تجارب هيئة التحرير، ثم الاتحاد الاشتراكى، ثم الحزب الوطنى، وكدنا نعيش تحول جماعة الإخوان إلى حزب سلطة يسيطر على عقول الناس من خلال الجماعة الدعوية، وعلى أصوات الناس من خلال حزب الحرية والعدالة.
وظل مطلب الجماهير واضحاً وصريحاً، وهو حق الجميع، ونقصد بذلك الجميع دون تمييز، فى إنشاء أحزابهم السياسية دون إقصاء أو محاباة.
وظل حلم كل مؤمن بالديمقراطية الحقيقية فى مصر أن يرى قوى سياسية متنافسة على أساس برامج واضحة تطرح نفسها على المجتمع من خلال إطار انتخابى نزيه، كما هو متعارف عليه فى دول العالم الحرة.
وللأسف ظلت قواعد اللعبة فى مصر قائمة على قوى تحكم، وأخرى معارضة فى حالة إقصاء.
وظلت المعادلة من يحكم يحصل على كل شىء، ومن يعارض لا يحصل على أى شىء.
والآن نحن على أعتاب انتخابات برلمانية بالغة الأهمية فى تاريخ مصر تستدعى المشاركة الشعبية الفعالة للجميع من أجل إظهار شكل التمثيل السياسى الحقيقى للقوى السياسية فى البلاد.
الآن، الخارطة السياسية تقول إن القوى المؤيدة للحكم ليست منظمة بشكل جيد فى شكل تحالف سياسى على مستوى الشارع الانتخابى.
والآن، القوى المعارضة منقسمة على نفسها ما بين قوى مدنية لديها من المشاكل الداخلية أكثر من مشاكلها مع الحكم، أو قوى معبرة عن تيار الإسلام السياسى تعانى من مشاكل العزل السياسى أو الرفض الشعبى.
لذلك كله أقول إن أى نتيجة، وأكرر أى نتيجة، سوف تسفر عنها الانتخابات البرلمانية المقبلة لن تكون أفضل تعبير عن برلمان ثورة 30 يونيو العظيمة.