فى المحادثة الهاتفية الثلاثية بين الشيخ محمد بن زايد والرئيس ترامب، ونتنياهو، كان الإصرار الإماراتى واضحاً وصريحاً على أنه اتفاق مبادئ بين أبوظبى وتل أبيب بضمانة أمريكية فعالة.
فى هذه المحادثة -المسجلة بالتأكيد- من الأطراف الثلاثة صوتاً، ومدونة كتابة كوثيقة تاريخية كان إصرار الشيخ محمد بن زايد على ضرورة التطبيق الإسرائيلى الكامل لمبدأ إيقاف الضم للأراضى من أجل إيقاف تفجير أى أمل فى المفاوضات المتعثرة وتمهيد المناخ أمام مفاوضات إسرائيلية - فلسطينية جادة وصادقة لتحقيق مشروع الدولتين.
لم يصدر عن الشيخ محمد صراحة أو تلميحاً، من قريب أو بعيد، بشكل مباشر أو غير مباشر 5 أمور أساسية:
1- تغيير أى حرف من حروف المبادرة العربية للسلام الصادرة عام 2002.
2- أن تتدخل الإمارات فى إرادة أو رغبة أو اتجاهات المفاوض الفلسطينى، على أساس أن الفلسطينيين وحدهم دون سواهم هم الذين يحق لهم تقرير شكل مصيرهم.
3- أن إيقاف الضم هو خطوة إسرائيلية تقابلها خطوة إماراتية، وأن مقابل كل خطوة إيجابية إسرائيلية فى التفاوض سيجد خطوة إماراتية مدعومة من العالم العربى الذى أعلن رغبته الكاملة فى إنجاز اتفاق سلام من 18 عاماً.
4- أن «إنقاذ» المفاوضات الإسرائيلية - الفلسطينية المحتضرة تم باختراق وتدخل إماراتى، لكن الشفاء الكامل يعتمد على نوايا وسلوك الطرفين الإسرائيلى - الأمريكى.
5- أن أبوظبى بكل ثقلها تشارك الولايات المتحدة فى ضمانة أى جهد صادق للسلام الشامل، على أساس أن معيار السلام فى الشرق الأوسط كله يرتبط بمدى الالتزام الإسرائيلى بفلسفة الحقوق العربية.
لذلك، فإن أى مشكك فيما سبق إما جاهل بالتفاصيل، أو فى قلبه مرض أو بداخله ثأر شخصى أو سياسى تجاه الإمارات وقيادتها.
ومن خلال رصد ردود الفعل تجاه الاتفاق الثلاثى يمكن تحديد ما هو إيجابى مرحب ومشجع للخطوة التاريخية، وهناك ما هو غاضب ومهاجم وسلبى إلى حد التخوين.
تعالوا، لن نستعرض ردود الفعل الإيجابية فهى معروفة، ولكن دعونا نعرض بشفافية ردود الفعل السلبية ومناقشتها بعقل بارد وتحليل موضوعى:
أولاً: من هى الأطراف المعارضة؟
1- تركيا الرسمية.
2- إيران.
3- قطر وأدواتها الإعلامية.
4- حركة حماس.
5- حركة الجهاد الإسلامى.
6- حركة فتح.
7- حزب الله.
ثانياً: ما هى طبيعة التهم الموجهة للاتفاق وبالتالى للإمارات؟
1- تركيا: قالت وزارة الخارجية التركية «إن التاريخ لن ينسى ولن يغفر للإمارات السلوك المنافق» (على حد وصف البيان).
تركيا كدولة، هى أول دولة إسلامية تعترف «بدولة إسرائيل» عام 1949، ورجب طيب أردوغان هو أكثر سياسى تركى بعد عدنان مندريس أعطى إسرائيل مكاسب مادية وحقق تعاوناً استراتيجياً معها.
وفى ظل حكم رجب طيب أردوغان، حدث تنسيق استراتيجى بين تركيا واللوبى الإسرائيلى فى واشنطن.
وبلغ حجم التعاون الأمنى الإسرائيلى مع تركيا حينما ساعدت «الموساد» الإسرائيلى المخابرات التركية فى اعتقال الزعيم الكردى عبدالله أوجلان عام 1999 فى كينيا.
منذ عام 1996 ينشط الاتفاق الاستراتيجى الموقع بين أنقرة وتل أبيب منذ ذلك التاريخ فى كافة المجالات بدءاً من التجارة إلى الاستثمار وصولاً للسياحة.
وتعتبر حركة الطيران بين تركيا وإسرائيل هى من الأكثر نشاطاً بين البلدين، حيث تبلغ 300 رحلة، ووصل حجم التبادل التجارى بينهما 4.5 مليار دولار.
وفى اتفاق للتعاون وقعه رئيس الوزراء التركى على يلدريم جاء فى الوثيقة ما ينص: «أنه تم هذا الاتفاق بين أنقرة والقدس» وهو ما اعتبرته إسرائيل واعتبرته المعارضة التركية قبولاً من نظام أردوغان لكون القدس عاصمة للدولة العبرية.
وعلاقات التصنيع العسكرى بين وزارة الدفاع التركية ونظيرتها الإسرائيلية وصلت إلى مستوى رفيع إلى حد صيانة محركات الطائرات الأمريكية وتصنيع الدبابات والطائرات المسيرة.
من هنا تصبح الادعاءات التركية رصاصة فارغة فى الهواء، وادعاءات كيدية من طرف يمارس خطيئة التعاون مع «العدو» منذ العام 1949 ويدعم كل مجالات التقارب معه.
لكن الهوس التركى باتهام الإمارات بالتآمر على نظام أردوغان، وحجم الارتباط العضوى بين قطر وتركيا، والتفاوض الرئيسى بين البلدين فى مسألة دعم الإرهاب التكفيرى تفقد صانع القرار التركى أى موضوعية فى التعامل مع الاتفاق الثلاثى.
وهنا نسأل ماذا كان يمكن أن يكون موقف أردوغان لو -جدلاً- كانت قطر وليس الإمارات هى الطرف العربى فى الاتفاق الثلاثى؟؟
2- أما إيران: فقد وصفت الاتفاق بأنه خطوة «غير مشروعة» ووصفته الخارجية الإيرانية بأنه «خطأ استراتيجى».
هنا نسأل هل إيقاف ضم المستوطنات الجديدة وضم المتبقى من الضفة الغربية، وغور الأردن هو «غير شرعى» و«خطأ استراتيجى»؟.
والعكس بالعكس يفسر الأمور، بمعنى هل يصبح مشروعاً ترك إسرائيل تكمل مشروعها الاستيطانى المجنون الناسف للسلام، وما هو: «الصواب الاستراتيجى» فى هذه الحالة؟ هل هو استمرار الاحتلال وضم الأراضى؟
وهل طهران التى سبقت الجميع فى إيجاد خطوط سرية مع إسرائيل من خلال فضيحة «إيران كونترا» الشهيرة هو عمل «مشروع» و«صواب استراتيجى» لصالح الجهاد والنضال أم تعاون مع «العدو الإسرائيلى» و«الاستكبار العالمى الذى يقوده الشيطان الأمريكى»؟
3- الجهاد الإسلامى: وصف الاتفاق بأنه «شرعنة للاحتلال».
هنا يجب ألا نغفل معلومة جوهرية عند تفسير التصريح الذى أعلنه داوود شهاب المتحدث باسم الحركة، أن تمويل هذه «الحركة الجهادية المناضلة يأتى كله شهرياً من مكتب المرشد الأعلى للثورة الإيرانية».
وكيف يمكن أن يتم تفسير «منع أو إيقاف ضم الأراضى» شرعنة للاحتلال؟
وحركة الجهاد الإسلامى هى تنظيم عسكرى يرفع شعار «الجهاد الإسلامى منهج حياة» وهى متأثرة فى أدبياتها وعلاقاتها ومواقفها بـ«الثورة الإيرانية»، وهناك ارتباط عضوى بين تحركاتها العسكرية وإرادة التصعيد أو التهدئة فى طهران.
ولا يخفى عن الجميع التناقض الإيرانى - الإماراتى بالنسبة لملفات كثيرة: بدءاً من احتلال الجزر، إلى حرب اليمن ودعم الحوثيين، إلى السلوك الإيرانى فى العراق، وسوريا، ولبنان، والبحرين، ومن الرؤية القائمة على محاولة فرض منهج حكم ولاية الفقيه فى الخليج.
أما حركة «فتح»، فقد وصفت على لسان «الأخ المناضل» عباس زكى الاتفاق بأنه «تخلى عن الواجب القومى».
ولم تتذكر ذاكرة الأخ عباس زكى عشرات الرسائل التى وصلت أبوظبى على مر السنين تطالب دولة الإمارات باستغلال علاقاتها القوية مع الاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة من أجل «إنقاذ ما تبقى من حطام المفاوضات»، ولم تتذكر هذه الذاكرة ما قامت به دولة الإمارات من دعم للثورة الفلسطينية على مدار 50 عاماً بدءاً من الدفعات النقدية والمساعدات الإنسانية من زمن المؤسس الشيخ زايد -رحمه الله- إلى آخر قسط البالغ 12 مليون دولار لدعم منظمة التحرير.
رد الفعل المفاجأة هو رد فعل السلطة الفلسطينية التى أعلنت على لسان نبيل أبوردينة، معبراً عن الرئاسة الفلسطينية، الذى طاوعه ضميره الإنسانى وحسه الوطنى.
الهجوم الإعلامى المنفلت تماماً كان من قطر، وهو أمر غير مستغرب لأنه يأتى فى سياق «الكراهية السياسية» التى تمثلها الدوحة لدولة الإمارات، من منظور أنها ترى أن أبوظبى هى العقبة الأساسية ضد أى مصالحة قطرية مع دول الخليج.
هذا المنهج يتجاهل تماماً مسئولية السلوك القطرى المتمادى فى العداء للأمن القومى الخليجى، والمصالح العربية، من خلال دعم كل مشروع أو قوى إرهاب تكفيرى فى المنطقة تدعم مشروع الميليشيات ضد أى مشروع للدولة الوطنية.
ودون تكرار كل «أوصاف السب والقذف» التى صدرت عن وسائل وأدوات قطر هنا لا بد أن نسأل الآتى:
إذا كانت قطر ترى أى علاقة من أى نوع بين دولة عربية و«العدو» الإسرائيلى، فكيف يمكن تفسير الآتى:
1- العلاقات المفتوحة الدائمة بين الدوحة وتل أبيب منذ 22 عاماً؟
2- زيارات رؤساء الحكومات الإسرائيلية ووزراء الخارجية والمسئولين الإسرائيليين العلنية والسرية لدولة قطر؟
3 - التعاون الأمنى القطرى - الإسرائيلى فى مجالات الأمن، والاستخبارات، وتبادل المعلومات وأنظمة الاتصالات وأنظمة الحماية للنظام؟
4- مكتب الاتصال الإسرائيلى فى الدوحة؟ والمكتب التجارى الإسرائيلى فى قطر منذ العام 1996؟
5- التنسيق الأمنى القطرى - الإسرائيلى الذى يتيح عمل تحويلات شهرية منظمة عبر البنوك الرسمية الإسرائيلية لحساب ممثل قطر فى غزة كى ينفق منها على حماس والعمليات الإرهابية فى سيناء؟
6- تعاون شركات التسويق السياسى والعلاقات العامة القطرية مع مراكز الأبحاث الموالية لإسرائيل فى الولايات المتحدة؟
7- زيارات المسئولين القطريين لإسرائيل ولقاءاتهم الدائمة فى مؤتمرات وندوات عالمية؟ وقيام قطر ببيع الغاز القطرى لإسرائيل وإنشاء وجود قطرى فى بورصة الغاز بإسرائيل؟
الأمر المؤكد أن الشيخ محمد بن زايد أو أى من إخوته لم يزر إسرائيل مرات ولم يذهب «أبوخالد» مع عائلته، مثل الشيخ حمد بن جاسم ويقضى عطلته السنوية ويسبح فى شواطىء فلسطين المحتلة!!
الموقف القطرى من الاتفاق الثلاثى يؤكد أن مشاعر «الثأر المتأجج» ضد الإمارات وقياداتها تغلبت على كل عقل ومنطق ومصلحة قطرية! لماذا؟
إذا كانت قطر تسوق نفسها على أنها «الدولة الشجاعة» الراعية للسلام العربى - الإسرائيلى والتى تملك الجرأة كى تضيف وتستضاف من قبل الإسرائيليين، فهى الآن تضع علامة استفهام كبرى حول هذا الموقف.
كيف ترفض قطر خطوة نحو الحوار المؤدى للسلام العربى - الإسرائيلى؟
وكيف تبرر قطر ذلك فى وقت تتهم فيه من قبل نواب فى مجلس الشيوخ الأمريكى، وأعضاء فى البرلمان الأوروبى، ومسئولين ألمان عن اتهامات مباشرة لتمويل متكرر لكل من داعش، وجبهة النصرة، وحزب الله والحشد الشعبى العراقى؟
آخر كلام وادعاءات لقطر هى أن الاتفاق الإماراتى - الإسرائيلى - الأمريكى عديم المعنى و(النتيجة) لأنه -حسب الكلام القطرى- فإن مستقبل كل من ترامب ونتنياهو غير مضمون، وأن احتمالات رحيلهما سياسياً أقوى من بقائهما.
حتى لو افترضنا أن ذلك صحيح، فإن الرد عليه بسيط وواضح تماماً، لأن الاتفاق ليس بين أشخاص ولكن بين أنظمة دول.
وحتى لو فقد كل من نتنياهو وترامب مناصبهما، فإن «بينى جانتس» شريك نتنياهو فى رئاسة الحكومة بالتبادل «أيد الاتفاق تأييداً صريحاً، بل موافقته المسبقة كانت شرطاً أساسياً قبيل الإعلان عن الاتفاق.
وحتى لو خسر ترامب الجمهورى موقعه الرئاسى فى نوفمبر المقبل، فإن منافسه جو بايدن الديمقراطى، أعلن دعمه الكامل غير المشروط لهذا الاتفاق.
الهيستريا القطرية مبعثها هو صعود الوزن النسبى لمكانة دولة الإمارات إقليمياً ودولياً وداخل المؤسسات الأمريكية بشكل يؤثر سلباً على كل الرصيد القطرى السابق والحالى.
ورغم كل الهيستريا الإعلامية من قطر فهى من الممكن أن تكون مفهومة، لكن غير المفهوم هو موقف السلطة الفلسطينية.
هنا لم تتوقف السلطة أمام شكر دولة الإمارات التى أوقفت ضم كل ما تبقى من الضفة التى تعيش على أرضها، ومن ضم غور الأردن الاستراتيجى الغنى بالزراعة ومخزون المياه، بل اتهمتها بالخيانة!
هنا نسأل: هل جاء فيما أعلن حتى الآن اعتراف إماراتى بسيادة إسرائيل على القدس أو التفريط فى المسجد الأقصى الشريف، أو مشروع الدولتين؟؟
ما جاء ذكره حول القدس، هو إتاحة الفرصة والسماح للعرب بالصلاة فى القدس، وهى خطوة إنسانية وسياسية عظيمة تعيد ربط أهل القدس بجذورهم العربية والإسلامية التى حرموا منها منذ يونيو 1967 حتى الآن.
أن يصف الاتفاق بأنه خيانة للقدس والأقصى وقرارات القمم العربية والإسلامية.
هنا لا بد أن نتوقف طويلاً أمام هذا الكلام الذى يجب ألا يمر مرور الكرام.
تعالوا نقرأ جيداً نصوص مبادرة السلام العربية الصادرة بإجماع أعضاء جامعة الدولة العربية ومنها دولة فلسطين.
تقول المبادرة فى الجزء الثانى منها الخاص بالالتزامات -حرفياً- «اعتبار النزاع العربى - الإسرائيلى منهياً والدخول فى اتفاقية سلام بينها وبين إسرائيل مع تحقيق الأمن لجميع دول المنطقة» أما الفقرة «باء» التالية فتقول بالنص:
«إنشاء علاقات طبيعية مع إسرائيل فى إطار هذا السلام الشامل».
ها هو التاريخ يعيد نفسه، ويضيع المفاوض الفلسطينى الفرص التاريخية: مؤتمر مينا هاوس، اتفاق السلام المصرى - الإسرائيلى، اتفاق وادى عربة، مفاوضات واى ريفر، زيارة الرئيس ياسر عرفات الأخيرة لواشنطن فى نهاية عهد كلينتون.
لقد قال لى الزعيم ياسر عرفات وأنا أحاوره فى آخر حوار مطول له وهو محاصر فى مبنى المقاطعة برام الله (والمقابلة موجودة بالصوت والصورة ومذاعة فى حينها) «كانت لدينا فرصة تاريخية لإنجاز اتفاق أخير مع الرئيس كلينتون».
فرصة أخرى نطلقها فى الهواء، لأسباب فلسطينية داخلية، فالتشدد أكثر شعبوية من إنجاز اتفاق، والمباركة لأى عمل تفاوضى مع إسرائيل من جانب السلطة يعطى شعبوية أكبر لحماس والجهاد الإسلامى اللذين سيبدآن ترديد لحن «الخيانة والانبطاح» لتلك القوى التى فاوضت قبل ذلك على أوسلو وغزة - أريحا!
الموقف الشعبوى، ليس بالضرورة هو الموقف الصحيح.
والموقف الصحيح، كثيراً ما لا يكون شعبوياً.
يعرف الرئيس أبومازن شخصياً، أكثر من غيره، أن الإمارات عروبية، وأن أبناء زايد لا يفرطون فى الحقوق القومية، وأن القرار الإماراتى هو إنقاذ للمفاوضات، وللسلطة، وللمبادرة العربية.
18 عاماً مرت على مبادرة السلام العربية والجانب الفلسطينى يتفاوض، دون تدخل ودون إرغام من أى طرف عربى، فماذا حدث وماذا نتج عن ذلك؟
ثلث الضفة تم قضمه وتشريع احتلاله، حصار إسرائيلى للضفة وغزة، مشروع شرير ليهودية الدولة ونقاء الشعب الإسرائيلى، منع لأموال الضرائب المستحقة للشعب الفلسطينى الصبور؟
هل المطلوب هو تدهور التدهور، وتقسيم المجزأ، والمشاركة بالصمت، وارتكاب جريمة التغاضى والتغابى عما يحدث؟
منذ المبادرة العربية، أى منذ 18 سنة، تدهور الموقف الاستراتيجى العربى، ووصل حال العرب من سيئ إلى أسوأ.
فى 18 عاماً: تم غزو العراق، وتدخل إيران فى العراق وسوريا واليمن، ووجود عسكرى فى سوريا، وتدمير الربيع العربى لاقتصادات خمس دول عربية، واندلاع حرب اليمن، وتحول المزاج الشعبى الإسرائيلى نحو اليمين الدينى المتشدد وضعف معسكر السلام، وعربدة الجنون العسكرى التركى فى سوريا والعراق وليبيا، وتهديد ثروات شرق المتوسط.
عام 2002 اختلف تماماً عن 2020، فى توازناته ومعادلاته المحلية، والإقليمية والدولية.
لذلك كله يجب أن تكون القراءة الفلسطينية لعالم اليوم متوافقة مع معادلاته لتجنب الوقوع فى خطيئة الاستمرار فى إضاعة الفرص التاريخية.
لا أحد هنا فى أبوظبى يطلب من الفلسطينيين بيع الأراضى أو القدس أو السيادة أو الكرامة أو إسقاط مشروع الدولتين، ولكن الدخول بقوة فى باب كان مغلقاً فتحته المبادرة الإماراتية.
يمكن للطرف الفلسطينى أن يستمر فى موقفه الشعبوى ويدندن على أنغام قطر وتركيا وإيران، ولكن ساعتها لن ينفعه سوى مشروع واحد وحيد لدولة واحدة وليس دولتين، تلك هى دولة إسرائيل!