بقلم - عماد الدين أديب
قطر، إيران، تركيا، نصبوا أنفسهم مفتشين على الضمائر والنوايا للقرارات السيادية للدول المعادية لهم!قرروا أن يعطوا صكوك الوطنية لهذا، والبطولة لذاك، والاستبداد والديكتاتورية لفلان، والعمالة والخيانة لعلان!وكأنهم هيئة دولية للتفتيش أو هيئة عليا للتصنيف الأخلاقى والسلوك الإنسانى والقرارات السيادية للدول والزعماء.تقوم فلسفة «التفتيش على الضمائر» على مبدأ واحد بسيط وهو «إلصاق أسوأ التهم التى يمكن إلصاقها بأعدائك، واعمل بكل ما أوتيت من قوة لإقناع البشرية بمدى صدقها»!كان جوبلز، أكبر مستشارى الدعاية السوداء للعقل النازى الألمانى، يقول: «اكذب، اكذب، اكذب، حتى يصدقك العالم».وها هو جوبلز يعود من جديد فى وسائل إعلام فى طهران وإسطنبول والدوحة ولدى حلفائهم المنتشرين حول العالم، كى يصنع عالماً افتراضياً يمارس القتل المعنوى تمهيداً للاغتيال الجسدى.ثلاثتهم يستخدمون سلاح الإعلام المرئى والمسموع ويتحدون الآن من أجل نشر هذه التفاهات الشريرة.ثلاثتهم يستخدمون كتائب إلكترونية تسعى إلى تشويه الوعى العام للرأى الجماهيرى، والإساءة المتعمدة إلى الصورة الذهنية للزعامات التى رفضت أن تسير فى قافلتهم الملعونة.فى عالم اليوم، أصبح الانطباع المصنوع أقوى من الحقيقة الفعلية!فى عالم اليوم أصبح فن صناعة الإشاعة وصناعة تدوير الأكاذيب هو محور ما يُعرف باسم «الإعلام الأسود» الذى يهدف إلى كسر إرادة الشعوب وتشويه الوقائع وهزم الناس فى وعيها قبل هزيمتها على حدودها الجغرافية.من المستحيل مثلاً أن يذكر هؤلاء أى إنجاز حقيقى حققته مصر أو الإمارات أو السعودية خلال السنوات الست الماضية!ومن المستحيل أيضاً أن تسمع أى انتقاد للمجتمعات الملائكية فى قطر وإيران وتركيا!وفى كل مرة تذيع المعارضة أو وكالات الأنباء الأجنبية خبراً يفضح أخطاء هذه الدول يكون الرد ببساطة: «هذه ادعاءات كاذبة من قوى شريرة حاقدة».من منطلق هيئة التفتيش على النوايا نرى ونسمع فى الدوحة وأنقرة وطهران رفضاً للاتفاق الثلاثى بين الإمارات وإسرائيل والولايات المتحدة.ومن هذا المنطلق تصف طهران زيارة ماكرون إلى لبنان بأنها شريرة، وتصف قطر الفشل فى تمديد حظر الأسلحة على إيران فى مجلس الأمن الدولى بأنه انتصار للممانعة، يتم تزوير مذهل فى الجغرافيا البحرية للسواحل التركية بحيث تدّعى وسائل إعلامها الرسمية بأن الفرقاطات التركية تمارس حقها الشرعى فى الاستكشاف والتنقيب عن الغاز فى شرق المتوسط، لأن ذلك -حسب كلام أردوغان وحده- يقع فى مياهها الاقتصادية!إنها مسألة صناعة عالم افتراضى من الخيال المريض، يعيش حالة من تقديس النفس والحلفاء، ويشيطن الخصوم والأعداء.إنها نظرية «حتى لو كنتُ مخطئاً فأنا دائماً وأبداً على صواب»، وفى ذات الوقت من حقك الحصرى أن تتدخل فى سيادة وتفاصيل حقوق الغير!!يبدو أن هؤلاء أجروا لضمائرهم جراحة لاستئصال النزاهة والموضوعية والحق والعدالة! رحماك يا الله!