لا أفهم قصة هذا الفساد الذى نكتشفه فجأة.
يتحدثون فى الجزائر عن وجود فساد عمره 35 عاماً، وحجمه يصل إلى قرابة ما بين 700 و800 مليار دولار.
نفس الشىء قِيلَ عن تونس فى عهد الرئيس الأسبق زين العابدين بن على.
قيل أيضاً عن فساد أسطورى سبق يناير 2011 فى مصر، ولم يُثبت القضاء شيئاً يذكَر عنه.
ورُويَت روايات عن أطنان من الذهب ومليارات من الدولارات مدفونة فى مخابئ سرية فى ليبيا مخزَّنة من عهد الرئيس معمر القذافى فى الصحراء الليبية، ولم يعثر عليها حتى الآن.
وسمعنا عن قصور من ذهب ويخوت من بلاتين خلال حكم الرئيس صدام حسين.
وقيل ما قيل عن ثروة الرئيس السودانى جعفر النميرى، وأُشهد الله أننى زُرته فى شقة مساحتها لا تزيد على 75 متراً فى حى «الظاهر بيبرس» الشعبى فى بناية قديمة أهم ما فيها هو محل جزارة شهير.
وفى لبنان الآن يتحدثون ويتحدثون ويتحدثون عن فساد دون أدلة.
وحتى لا يفهمنى أحد بطريق الخطأ، أنا لا أنفى أن هناك فساداً عظيماً فى النظام الحكومى الرسمى العربى، وهى ذات الحال فى أفريقيا وأمريكا اللاتينية وبعض دول آسيا التى لا تلعب فيها المؤسسات السياسية دور الرقابة والمتابعة، والتى تكون فيها سلطة الحكم ذات يد ثقيلة مستبدة، مما يؤدى إلى حماية الفساد والمفسدين.
وكما علَّمنا التاريخ، فإن السلطة مفسدة، والسلطة المطلقة مفسدة مطلقة.
ولكن سؤالى اليوم لكل مَن يتباكى على الفساد، وهو سؤال منطقى ومشروع: «إذا كان الفساد أسطورياً وبالمليارات واستغرق نموه وانتشاره عشرات السنوات لماذا لم نكتشفه إلا الآن؟ ولماذا لم يوقفه أحد أو يسعى أو حتى يحاول أحد إيقافه طوال هذه السنوات؟ خاصة إذا كانت اتهامات الفساد فى بعض الحالات يكون حجمها أكبر من الناتج القومى للدول.
أزمتنا فى قضايا الفساد أننا إما:
1- أن نكون شركاء به.
2- صامتين تماماً عنه.
3- نخترع قصصاً شديدة المبالغة عنه حينما تسقط الأنظمة.
وفى بعض الأحيان نتهم ظلماً كل البشر ونصدق فى الجميع كل ما هو سيئ، ونوسع دائرة الاشتباه فى كل مَن نكره أو نريد الثأر منهم.
هذا ليس بعدل.
المخطئ عن حق يجب، وحتماً، أن يجازى ويعاقب، والبرىء لا يجب أن يطاله أى اتهام يمس شرفه أو شرف عائلته.
فى الجزائر الآن نرى نفس الفيلم «العربى الربيعى» يتكرر بنفس المواصفات السياسية والتطورات الدرامية والنهايات التراجيدية.
أخيراً نقول: نعم لمحاكمة الفساد، كل الفساد، ولا لأى تعدٍّ على الأبرياء.