الرابحون فى الخسارة والخاسرون فى الربح

الرابحون فى الخسارة والخاسرون فى الربح!

الرابحون فى الخسارة والخاسرون فى الربح!

 صوت الإمارات -

الرابحون فى الخسارة والخاسرون فى الربح

عماد الدين أديب
بقلم - عماد الدين أديب

العرب منذ سقوط دولة الأندلس عام 1492م، بعد أربعة قرون من الحكم الإسلامى العصرى، متخصصون فى تحقيق الخسائر، إلا فى حالات نادرة تاريخية أشبه بالمعجزات!طعم الربح أو الفوز أو الانتصار بعيد عنا لعقود طويلة من الزمان.من هنا يتعين طرح السؤال العظيم: لماذا نربح فى الخسارة، ونخسر فى الربح؟!تعريف الربح فى اللغة العربية هو حينما يقال «ربحت التجارة»، فإن ذلك يعنى نمت وكسبت.والتعريف التجارى للربح هو: المكسب، أى تبيع الشىء بأكثر مما أنفقت عليه.حال العرب أنهم -فى معظم الأحيان- يدفعون فى الشىء أكثر من قيمته، وأحياناً يخسرونه كله.خسرنا فلسطين عام 1948، وخسرنا القدس الشريف فى يونيو 1967 وأراضى 3 دول عربية، وخسرنا السيادة على العراق واليمن والصومال وفلسطين وسوريا ولبنان وليبيا.والآن فى ظل عالم يسيطر عليه الكبار نعيش حالة احتلال من نوع غير مباشر فى فرض أسعار سلع أو بضائع أو رسوم جمركية أو مبيعات سلاح أو غذاء أو دواء أو أمصال ولقاح.الرابح بمفهوم قوانين القوة الحالية هو القادر على فرض شروط وقواعد المعاملات الدولية والعلاقات الثنائية مع القوى المؤثرة.الرابح هو القادر على التأثير على قرارات الحرب والسلام، وإحداث حالة من الردع دون قتال.الرابح هو من يحسب حسابه فى توازنات وتحالفات اليوم.الرابح هو مَن يهابه الكبار، ولا يقدر أى مغامر أو أحمق أن يتجرأ عليه، ولا يقدر -ولو للحظة واحدة- أن يستهين به.الرابح هو الذى يدرك كيف يمكن أن يكون قوياً، مؤثراً، مهاباً، ذا مكانة، إذا قال فعل، وإذا هدد خشيه الناس، وإذا تكلم أنصت إليه العالم باحترام، وإذا وعد فإن مصداقيته لا يرقى إليها الشك.القوة تبدأ فى عصر اليوم من المعرفة، والمعرفة تأتى من الثقافة الوطنية، والثقافة الوطنية من التعليم الرشيد، والتعليم يأتى من الوعى، والوعى يأتى من الاستنارة، والاستنارة تأتى من المعلومات الحديثة، والمعلومات تأتى من التواصل مع العالم، والتواصل العالمى يأتى من ثورة الاتصالات، وتلك الثورة مصدرها ثورة التكنولوجيا، والتكنولوجيا مصدرها البحث العلمى، والبحث يعيدنا إلى التعليم المستنير البعيد عن الجهالة والظلام والعقل المُغلق!إن صناعة القوة مثل صناعة كعكة حلوى، تحتاج إلى تحضير المقادير، ومعرفة طريقة الطهو، وإحضار «الشيف الكفء».كان المفكر والشاعر المبدع الدكتور غازى القصيبى، رحمه الله، يردد عبارة بليغة تقول: «إن أى نجاح لا يتحقق إلا بفشل الآخرين هو فى حقيقته هزيمة ترتدى ثياب النصر».مغزى كلام الشاعر والمفكر الراحل أن الفوز يجب أن يعتمد على عناصر تفوقك،، وليس على عناصر فشل خصمك.أصحاب الإرادة الحديدية لا يعرفون طعم الهزيمة، ولديهم قدرة أسطورية على تضميد الجراح، وتفادى أسباب الفشل، وبناء عناصر النجاح والفوز.كان «تولستوى» يعطى الجانب المعنوى مركز الصدارة العليا فى تحقيق النجاح والفوز والانتصار، لذلك كان يقول: «خسرنا لأننا أخبرنا أنفسنا أننا خسرنا».أخطر ما ابتلينا به فى هذه المنطقة هى وفاة الأحلام وانعدام الثقة فى القدرة على تغيير الواقع!ابتلينا فى هذه المنطقة من العالم بأكبر معدلات فى النازحين واللاجئين والقتلى ومصابى الحروب وضحايا الألغام.ابتلينا فى هذه المنطقة بأكبر معدل من الراغبين فى الهجرة غير المشروعة حتى لو كانت على قوارب الموت للجوء إلى شواطئ دول وشعوب ترفضنا وتكرهنا.ابتلينا بأكبر عدد من المعتقلات والمعتقلين دون سند من القانون، ولدينا شهادات سوداء فى سجلات هيئات حقوق الإنسان.ابتلينا بأكبر عدد من الحروب الأهلية والاعتداءات الحدودية فيما بيننا. ابتلينا فى هذه المنطقة بأدنى مؤشرات الأداء فى معدلات التنمية البشرية.ابتلينا فى هذه المنطقة بضياع قيم العروبة، وأصبحنا نقدم وننصر الفارسى والعثمانى والصهيونى على شقيقنا العربى!ابتلينا فى هذه المنطقة بأن أصبح لدينا العديد من أنظمتنا التى تؤمن بأن الفساد هو أسلوب حياة، وأن المال العام وجد من أجل أن يتم الاستيلاء عليه.ابتلينا فى هذه المنطقة بكثير من النخب المخادعة، الكاذبة، المنافقة، المتلونة التى تطرح ضميرها وأخلاقها للبيع.ابتلينا فى هذه المنطقة بإعلام التحريض الذى يلوّن الخبر، ويخلط بين الهوى الشخصى والحقائق المجرّدة، ويؤمن بسياسة المصدر الواحد الوحيد، والذى يعتمد أساليب التزوير والكذب، ويستخدم مفردات السب والقذف والشتائم وانتهاك الأعراض.حينما نبتلى بذلك كله يصعب علينا أن نذوق حلاوة الفوز والربح والانتصار، ونظل أسرى منطقة الخسائر والهزائم.الآن لم يعد ممكناً الاستمرار فى هذه «الغيبوبة اللانهائية»؛ لأن التحديات الحالية من كل اتجاه، والتهديدات الوجودية التى تكاد تعصف بنا لا تحتمل إلا احتمالاً واحداً وحيداً لا بديل عنه؛ وهو «أن نربح ونفوز وننتصر».اللهم آمين

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الرابحون فى الخسارة والخاسرون فى الربح الرابحون فى الخسارة والخاسرون فى الربح



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 21:03 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان
 صوت الإمارات - عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان

GMT 02:40 2025 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

أخطاء شائعة تؤثر على دقة قياس ضغط الدم في المنزل

GMT 09:01 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

يبشرك هذا اليوم بأخبار مفرحة ومفيدة جداً

GMT 17:54 2017 الأربعاء ,11 تشرين الأول / أكتوبر

زيت النخيل مفيد لكن يظل زيت الزيتون هو خيارك الأول

GMT 04:49 2019 الثلاثاء ,12 شباط / فبراير

وحيد إسماعيل يعود لصفوف الوصل

GMT 19:51 2019 الأحد ,13 كانون الثاني / يناير

شركة "سامسونغ" تحدد موعد إطلاق أول هواتفها القابلة للطي

GMT 22:19 2018 الأحد ,02 كانون الأول / ديسمبر

تعرف إلى خطة مدرب الشارقة لمواجهة الوحدة

GMT 03:33 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

لقاء ودي بين محمد بن سلمان والرئيس الأمريكي

GMT 02:31 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

كيف تحمى طفلك المريض بضمور العضلات من الإصابة بفشل التنفس ؟

GMT 03:01 2015 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

معرض جدة الدولي للكتاب يسدل الستار على فعالياته الثلاثاء

GMT 11:49 2018 السبت ,07 تموز / يوليو

بلدية العين تنفذ حملات تفتيشية على 35 مقبرة

GMT 21:50 2014 الجمعة ,12 كانون الأول / ديسمبر

جينيف سماء ملبدة بغيوم الحنين والبهجة

GMT 22:54 2013 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

"سامسونغ" تُطلق ذراع تحكم بالألعاب لهواتف أندرويد

GMT 10:58 2013 الثلاثاء ,23 تموز / يوليو

"كلاكيت" رواية جديدة للكاتب محمد عبد الرازق
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates