ظاهرة «العدو العميل»

ظاهرة «العدو العميل»!

ظاهرة «العدو العميل»!

 صوت الإمارات -

ظاهرة «العدو العميل»

عماد الدين أديب
بقلم - عماد الدين أديب

يخطئ من يعتقد أن فايز السراج هو الذى يصنع القرار فى ليبيا، وأن «آبى أحمد على» هو من يصنع القرار فى إثيوبيا، كلاهما لا يملك حرية القرار الكامل المستقل.صراع مياه النيل فى إثيوبيا، وصراع النفط والغاز فى ليبيا، يموله ويديره ويحميه كل من قطر وتركيا!.. مصدر التحريض فى ملفى ليبيا وإثيوبيا واحد!والذى يدير الموقف والمتحكم فى قرار الحرب والتسوية فى سوريا ليس الرئيس بشار الأسد لكنه الرئيس الروسى فلاديمير بوتين.والذى يرفع سقف التوتر الداخلى أو يخفضه فى العراق ولبنان هو المرشد الأعلى الإيرانى.فقدت معظم القوى المحلية القدرة على إدارة مقادير القرارات العليا الخاصة بأمن وسلامة وتوجهات بلادهم.أصبحت هذه البلاد مرتهنة لقوى إقليمية، وأصبح القرار الوطنى خارج سيطرة أصحاب السلطة الشرعية، وتحولت المنطقة العربية إلى ساحات قتال تمارس فيها القوى الإقليمية وأصحاب المصالح الدولية صراعاتهم.تحولت الكثير من بلادنا العربية إلى ساحات قتل وقتال يتم فيها تجربة وتقديم عروض مباشرة بالذخيرة الحية تُصور وتُبث بواسطة وسائل الإعلام على الهواء مباشرة.قيمة أى سلطة وطنية هى أن «تمارس» هذه السلطة، لمصلحة «الوطن» وليس من خلال تبعية مطلقة لقوى خارجية تمسك بخيوطها وتحركها مثل «الماريونيت»!البوصلة السياسية التى تتحكم فى لعبة الصراع، هى أولاً وقبل أى شىء معرفة حقيقة اللاعبين، بمعنى معرفة دور ومركز كل لاعب.كثير من القيادات الآن فى اليمن وسوريا ولبنان والعراق وليبيا وإثيوبيا والصومال وجيبوتى وفلسطين المحتلة هم «وكلاء» لقوى تسيطر على كامل إرادتهم السياسية وتتحكم فى مصائرهم ومصائر من يتبعونهم.أحياناً يكون فعل السيطرة الخارجية تحت شعار مقدس من ناحية الشكل، شرير من ناحية المضمون، يستخدم شعارات دينية مغلوطة.أحياناً أخرى تكون العلاقة بلا تجميل مثل علاقة بائع مستسلم إزاء مُشترٍ متحكم ومسيطر على كافة بنود العقد وتفاصيل الصفقة.حينما يدخل المال، بمعنى أن يقف السياسى فى طابور بانتظار أن يقبض «يوميته» السياسية من مصدر التمويل، فإنها تتحول ببساطة إلى علاقة صاحب عمل وأجير!لذلك كله يخطئ من يتصور أن أعداءه أو خصومه فى ليبيا وإثيوبيا وسوريا ولبنان والعراق والصومال وجيبوتى هم من يتصدرون واجهة المشهد السياسى.هؤلاء ليسوا الأبطال الحقيقيين لهذا الفيلم الدموى التراجيدى المحزن، لكنهم «كومبارس» لا يملكون من أمرهم شيئاً، ولا فى ممارسة إرادتهم أى قدر من الحرية.لذلك كله يحق أن نفهم أن من تحدث فى جلسة مجلس الأمن الخاصة بمياه النيل مؤخراً ليس وزير الخارجية الإثيوبى ولكن المال والنفوذ القطرى التركى.ويجب أن نفهم أن الذى أثار القلاقل فى المنطقة الخضراء ببغداد ليس الحشد الشعبى العراقى ولكن الحرس الثورى الإيرانى!وعلينا أن ندرك أن الذى يرفض الالتزام بخط سرت - الجفرة الذى حدده الرئيس عبدالفتاح السيسى ليس السراج ولكن مخابرات الدوحة وأنقرة.وعلينا أن نفهم أن الذى يقرر مسار العمليات العسكرية أو مصير المفاوضات السياسية فى سوريا ليس الرئيس الأسد ولكن الشرطة العسكرية الروسية بتوجيه من السفير الروسى فى موسكو الذى صدر قرار بمنحه سلطات الرئيس بوتين للتصرف فى الملف السورى.وعلينا أن ندرك بما لا يدع مجالاً للشك أن استمرار ميليشيات الحوثى فى القتال البرى أو إطلاق الصواريخ الباليستية ليس قراراً ذاتياً لكنه يدار من غرفة عمليات عسكرية إيرانية من قيادات الحرس الثورى.كان المارشال مونتجومرى يضع على منضدة مكتبه فى خيمة قيادة معركة العلمين الشهيرة صورة عدوه اللدود «روميل» وحينما سألوه عن السبب قال: «إنه عدوى حتى الموت، لكننى أحترم أنه لا يهاب الموت حتى يدافع عن وطنه وأوامر قيادته»!نحن - للأسف - لا نستطيع أن نقول نفس الشىء على الكثير من الأطراف المتصارعة فى هذه المنطقة الهشة المعقدة المتفجرة.نحن لا نستطيع أن نحارب أعداءنا ونحن نحاربهم، ولا نستطيع أن نثق فيهم ونحن نفاوضهم، ولا نعقل كيف وصلت بهم الأمور إلى الانتقال من حالة الخصم إلى العدو، ومن حالة العدو إلى خطيئة «العميل».فى التاريخ الإنسانى هناك حضارات تصادمت وتحاربت ثم تحالفت واندمجت.فى الحروب العالمية، انظر إلى علاقة ألمانيا وفرنسا اليوم، وتأمل ما بين موسكو وواشنطن بعد عقود من الحرب الباردة، ومن كان يصدق أن رئيساً أمريكياً يضع يده فى يد رئيس كورى شمالى، ومن كان يعتقد أن فيتنام ستتوحد، وأن ألمانيا ستصبح شعباً واحداً لا شعبين، وتتولى منصب المستشارية فيها سيدة من أصول تنتمى لشرق ألمانيا وليس غربها.أعداء الأمس الذين يختلفون معك فى الفكر أو المصالح أو السياسات يمكن بعد حين الحوار معهم، والصفح عما حدث، أما «العدو العميل» فهى حالة «إعلان وفاة» لأى إمكانية للتفاهم المقبل، لأن التفاهم يقوم على الثقة، ولا ثقة لمن يبيع ضميره وقراره للغير!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ظاهرة «العدو العميل» ظاهرة «العدو العميل»



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 17:40 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تطرأ مسؤوليات ملحّة ومهمّة تسلّط الأضواء على مهارتك

GMT 19:20 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العذراء الأحد 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 15:06 2020 الإثنين ,17 آب / أغسطس

طريقة تحضير ستيك لحم الغنم مع التفاح الحار

GMT 20:28 2018 الأربعاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

غادة عادل تنشر صورتها مع زميلاتها في إحدى صالات الجيم

GMT 22:38 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

الغساني يبدي سعادته بالأداء الذي يقدمه مع الوحدة

GMT 16:15 2015 الأربعاء ,04 شباط / فبراير

"بي بي سي" تطلق موقعًا جديدًا على الإنترنت

GMT 21:06 2021 الإثنين ,26 إبريل / نيسان

طقس غائم وفرصة سقوط أمطار خلال الأيام المقبلة

GMT 20:01 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 06:47 2021 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

ابرز النصائح والطرق لتنظيف السيراميك الجديد لمنزل معاصر

GMT 08:14 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

"أدهم صقر" يحصد برونزية كأس العالم للخيل في باريس

GMT 09:42 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

"بيوتي سنتر" مسلسل يجمع شباب مصر والسعودية

GMT 22:57 2019 الأربعاء ,06 آذار/ مارس

بن راشد يعتمد 5.8 مليار درهم لمشاريع الكهرباء
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates