فاتورة الدم

فاتورة الدم

فاتورة الدم

 صوت الإمارات -

فاتورة الدم

عماد الدين أديب

فى الولايات المتحدة الأمريكية هناك 3 مدارس للتعامل مع التطرف الدينى والإرهاب.

المدرسة الأولى تؤمن بأنه من الممكن التعامل عسكرياً وفكرياً معهما.

المدرسة الثانية تؤمن بأن التطرف الدينى إذا وصل إلى حالة الإرهاب العسكرى فإن ذلك يعنى أن الحل الوحيد الممكن هو القتل!

أما المدرسة الثالثة فهى تفرّق تماماً ما بين حالة التطرف الدينى وممارسة عمليات الإرهاب.

هذه المدرسة تؤمن بأن التطرف يمكن علاجه فكرياً بالحوار، أما إذا تطور إلى حالة الإرهاب والقتل والتخريب، فإن الحل الأمنى هو الحل الوحيد المتاح.

ويطلق المفكر الأمريكى الشهير «نعوم تشومسكى» على حالة التطرف الدينى والفكر التكفيرى بأنه مثل امتطاء صهوة ثور هائج يصعب السيطرة عليه، وبالتالى تصبح الحالة إما التمكن من ترويضه وتهدئته أو بفشل الفارس فى مهمته فيقوم الثور بطرحه أرضاً وقد يدوسه بحوافره القاتلة.

ترويض ثور التكفير والإرهاب الدينى هو مهمة شديدة الصعوبة، إن لم تكن مستحيلة، وذلك لأن وصول المتطرف إلى مرحلة حمل السلاح أو تفجير النفس يعنى أن حالة المريض «بالإرهاب» قد وصلت إلى مرحلة متأخرة أو مرحلة اللاعودة.

وأخطر ما فى شعور الناس باليأس من إيجاد أى حل عاقل أو بعيد عن العنف مع الإرهاب هو أن المجتمع قد وصل إلى مرحلة أن الحل الوحيد مع الإرهاب هو قتله!

حينما تدخل فى مرحلة أن يتم توجيه كل أجهزة الدولة التى تواجه الإرهاب «لا تعودوا إلينا بأسرى» و«اقتلوهم حيث وجدتموهم»، أو لقد قتلوا زملاءكم ويتّموا أولادكم فليس أمامكم سوى الثأر لهم، فإننا بذلك نكون قد دخلنا مرحلة أشد خطورة مما سبق.

المذهل فى هذه المرحلة أن قتل الآخر قد يكون هو الحل الوحيد المتاح، ولكنه فى الوقت ذاته يفتح الأبواب أمام مرحلة دماء لا نهائية تقوم على مبدأ الثأر والثأر المضاد.

إنه بحر من الدماء لا يعرف بداية، ولا متى تكون النهاية.

إن هذا المنطق هو منطق عائلات المافيا الشهيرة فى جنوب إيطاليا التى إذا ما دخلت فيما يعرف بدائرة الدم والانتقام لا تتوقف عن القتل والقتل المضاد، إلا فى حالة واحدة، وهى أن يتوصل قادة العصابات إلى أنه لم يعد يتبقى مِن الأحفاد أو الأبناء من العائلتين من يتم قتله.

متى نبدأ فى اللجوء إلى القتل، ومتى نتوقف ونقول «كده كفاية»؟ سؤالان يطرحان نفسيهما منذ بدء العصر الحجرى حتى يومنا هذا.

ويبدو فى حالتنا المصرية أن جنون التطرف الدينى قد أوصلنا إلى مرحلة إرهاب لا يمكن إيقافها إلا بفاتورة دماء لسنوات طويلة مقبلة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فاتورة الدم فاتورة الدم



GMT 05:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

يتفقد أعلى القمم

GMT 05:44 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا و«تكويعة» أم كلثوم

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

تحولات البعث السوري بين 1963 و2024

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا والنظام العربي المقبل

GMT 05:41 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 05:41 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

2024... سنة كسر عظم المقاومة والممانعة

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 18:04 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

الحب على موعد مميز معك

GMT 00:42 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كردستان تحتضن معسكر المنتخب العراقي لكرة السلة

GMT 01:57 2019 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

عقبة تُواجه محمد صلاح وساديو ماني أمام برشلونة

GMT 05:18 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ريماس منصور تنشر فيديو قبل خضوعها لعملية جراحية في وجهها

GMT 17:03 2019 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

استقبلي فصل الخريف مع نفحات "العطور الشرقية"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates