عماد الدين أديب
لابد أن نتابع بالتحليل العميق التغيير الجذرى فى الموقف الرسمى الأمريكى من نظام بشار الأسد الذى جاء على لسان وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى.
قال «كيرى» فى تصريح واضح لا يقبل التأويل أو التكذيب «إنه يتعين على الإدارة الأمريكية الحوار مع نظام بشار الأسد، وإنه لا يمكن أن يحدث تقدم فى التسوية دون الحوار معه».
وعلى الفور أعلنت كل من بريطانيا وفرنسا وتركيا رفضها التام لتصريحات «كيرى» وأكدت «أنه لا يمكن تخيل أى سبيل للسلام فى ظل وجود بشار الأسد ونظامه».
هنا يأتى السؤال: لماذا جاء تصريح كيرى بهذا المعنى؟ وفى هذا التوقيت؟ وبالمخالفة الكاملة لموقف الحلفاء الأوروبيين؟
الإجابة واضحة صريحة ولا تحتاج إلى جهد كبير.
إن القبول الأمريكى بنظام بشار الأسد كان وما زال أحد شروط وأحد الأثمان التى سوف تدفعها واشنطن مقابل التوصل لاتفاق نووى مع إيران.
حذرنا كثيراً فى هذه الزاوية من فاتورة الاتفاق النووى بين طهران وواشنطن، ومن الثمن الذى سوف تدفعه المنطقة نتيجة هذا الاتفاق.
يأتى تصريح كيرى حول نظام الأسد فى التوقيت ذاته الذى كشفت فيه مصادر مجلس الأمن عن إعداد مسودة دولية من الأعضاء دائمى العضوية فى المجلس لرفع الحصار الاقتصادى المفروض على إيران.
المذهل أن بشار الأسد علق على تصريح «كيرى» بقدر كبير من عدم الثقة والتعالى وقال «علينا أولاً أن نرى مواقف عملية من الإدارة الأمريكية قبل القبول بالحوار».
مرة أخرى تقع الإدارة الأمريكية فى مطب تاريخى وخطأ استراتيجى يؤدى إلى ارتباك فى توازنات المنطقة ويربك حلفاء وخصوم واشنطن فى آن واحد.
الجميع الآن يضرب أخماساً فى أسداس حول: أى دولة جديدة سوف تدفع فاتورة وثمن الاتفاق الأمريكى الإيرانى؟
هنا تكثر الأسئلة..
هل ستوافق واشنطن مثلاً على الانقلاب الحوثى المدعوم من إيران فى اليمن؟
وهل سيكون الثمن هو التسليم الكامل بالدور العسكرى والاستخبارى الإيرانى فى العراق والقبول بنظام القائد العسكرى قاسم سليمانى لقيادة عمليات الحرس الثورى والميليشيات الشيعية فى تكريت والموصل والأنبار؟
هل سيكون الثمن هو القضية الفلسطينية أم بقبول صعود حزب الله فى لبنان أم هناك شروط سرية لا نعلمها سوف تكشف عنها الأيام والشهور المقبلة؟
وكما يقول صديقنا مجدى الجلاد: «لازم نفهم»!