الاستثناء العرفاتي والبريجنيفية الفلسطينية

"الاستثناء العرفاتي" و"البريجنيفية" الفلسطينية

"الاستثناء العرفاتي" و"البريجنيفية" الفلسطينية

 صوت الإمارات -

الاستثناء العرفاتي والبريجنيفية الفلسطينية

عريب الرنتاوي
بقلم - عريب الرنتاوي

استحوذت فكرة "فصل الرئاستين" التي وردت في مقال الأمس، على اهتمام قراءٍ من سياسيين وإعلاميين، مع أن الفكرة ليست قديمة، إلا أن الظروف التي تحيط بإعادة طرحها اليوم، تكسبها أهمية إضافية، وتجعل منها خياراً لا بد من تدارسه على أقل تقدير، إن لم نقل العمل بروحيته.

والحقيقة أننا لسنا أمام "رئاستين اثنتين" فقط، يتعين "فصلهما"...نحن أمام رئاسات ثلاث: رئاسة فتح، الحزب الحاكم، رئاسة السلطة، ورئاسة منظمة التحرير الفلسطينية...ومنذ أن جرى الاعتراف فلسطين دولة "مراقب" في الأمم المتحدة، بدأ الحديث عن "رئاسة الدولة" كذلك...فسيفساء النظام السياسي الفلسطيني، وخرائطه المتشابكة والمتداخلة، تجعل منه نظاماً عصياً على الفهم.

في زمن الرئيس ياسر عرفات، كانت الصورة أكثر "مركزية" مما هي عليه اليوم، كان لقب "القائد العام" أثيراً على قلب الراحل الكبير، الذي قاوم بدوره مشروع الفصل بين رئاسة السلطة ورئاسة حكومتها، إلى أن أرغم على القبول بها تحت ضغوط المجتمع الدولي، فكان محمود عباس، أول رئيس لحكومة السلطة، ينازع رئيسها سلطاته وصلاحياته، قبل أن يستبدله الرئيس بغيره، وبقية القصة معروفة.

فَقَدَ موقع "القائد العام" بريقه مذ أن تولى الرئيس عباس رئاستي السلطة والمنظمة، واستقر موقع رئيس الحكومة في النظام السياسي الفلسطيني، بعد ذلك، وصار عنواناً تنفيذياً معروفاً في كل ما يتعلق بالسياسات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والخدمية وغيرها.

الأصل، ألا يتولى رجل واحدٌ، جميع هذه المسؤوليات..."الاستثناء العرفاتي" لا ينبغي أن يكون القاعدة، وفكرة الجمع بين جميع هذه المسؤوليات فكرة مستمدة من الحقبة السوفياتية الشمولية، وتحديداً في مرحلتها "البريجنيفية" الأكثر انحداراً: رئيس مجلس السوفيات الأعلى، رئيس الحكومة وأمين عام الحزب الحاكم (الشيوعي) والقائد الأعلى استتباعاً.

اليوم، ونحن على عتبة مسلسل انتخابي فلسطيني، ومع تجاوز الرئيس محمود عباس الخامسة والثمانين من عمره (أطال الله في عمره)، لا ينبغي أن نعيد انتاج "البريجنيفية" فلسطينياً...ولا يتعين وضع جميع "الرئاسات" الفلسطينية بين يدي رجل واحد، وثمة فرصة لقطع خطوة إضافية على طريق "دمقرطة" النظام السياسي الفلسطيني...لماذا لا يُشترط في رئيس السلطة أن يستقيل من رئاسة حزبه/فصيله، ليكون رئيساً لفلسطيني الضفة والقدس والقطاع...وطالما أننا في "موسم" إعادة تعريف وظائف السلطة، فلماذا لا يجري فصل رئاستها عن رئاسة المنظمة؟...وطالما أن ثمة إجماع وطني فلسطيني على الحاجة لبعث وإحياء منظمة التحرير وتجديد روابطها بالفلسطينيين في الداخل والخارج، بوصفها العنوان الجامع لهذا الشعب، اللاجئ والمقيم، ألا يستحق الأمر، أن يكون للمنظمة رئيساً منشغلاً بهذا الهم ومُكرّساً له، بمعزل عن دهاليز ومجريات السياسة اليومية التي هي بالتعريف من وظائف السلطة؟

هي قضية لطالما كانت موضع حديث "هامس"، يصعد حيناً ويخبو أحياناً في أوساط الفلسطينيين...لكن "سنوات الوهم والسراب" دفعت بالكثير من القيادات والأطر الفلسطينية لإعلاء شأن السلطة على حساب المنظمة، وفلسطينيو الداخل على حساب فلسطيني المهاجر والشتات...وقد آن أوان تصحيح هذه المقاربة، وإعادة النظر في ترتيب سلم الأولويات الفلسطينية، أللهم إلا إذا كان البعض من الفلسطينيين، ما زال يراهن على "حل الدولتين" ويرى إلى إدارة بايدن بوصفها الفرصة والملاذ الأخيرين...عندها، سنقضي أربع سنوات إضافية من "الوهم" و"العبث"، قبل أن نستيقظ من جديد، فلا نرى دولة ولا نعرف استقلالاً.

هي أفكار برسم الحوار الوطني الفلسطيني العام، خارج إطار "الإجراءات" و"الترتيبات" التي جرى التوافق بشأنها في حوارات القاهرة الأخيرة، وخارج منظومة "المحاصصات الفصائلية" والحسابات الأضيق والأقصر مدى.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الاستثناء العرفاتي والبريجنيفية الفلسطينية الاستثناء العرفاتي والبريجنيفية الفلسطينية



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 21:03 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان
 صوت الإمارات - عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان

GMT 08:03 2013 الجمعة ,23 آب / أغسطس

نظافة المدرسة من نظافة الطلاب والمدرسين

GMT 09:10 2015 الأحد ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

وزير البيئة والمياه يكرّم مصمم لعبة "أبحر"

GMT 19:20 2013 الجمعة ,28 حزيران / يونيو

القبض على أسقف في الفاتيكان بتهمة الاختلاس

GMT 19:06 2013 الإثنين ,08 إبريل / نيسان

علمى طفلك كيف يتصرف بطريقة جيدة

GMT 19:23 2017 الثلاثاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

مطالبات في بريطانيا بحظر بيع هواتف محمولة بحجم أصبع اليد

GMT 08:44 2015 الثلاثاء ,22 كانون الأول / ديسمبر

الإضاءة المناسبة للتغلب على ضيق المساحات

GMT 08:11 2019 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

أبرز صيحات الحقائب من أسبوع الموضة في ميلانو لخريف 2019

GMT 02:02 2019 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

جزر الكناري تخفض أسعارها للرحلات الشتوية

GMT 02:50 2019 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

الاتّكالُ على أميركا رهانٌ مُقلِق
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates