عن الأمننة والعسكرةوثورة الإدارة

عن "الأمننة" و"العسكرة"...و"ثورة الإدارة"

عن "الأمننة" و"العسكرة"...و"ثورة الإدارة"

 صوت الإمارات -

عن الأمننة والعسكرةوثورة الإدارة

عريب الرنتاوي
بقلم - عريب الرنتاوي

في رسالته إلى مدير دائرة المخابرات العامة، (17 شباط/فبراير الفائت)، ردّ الملك قيام الدائرة بمهام من خارج "دائرة الاهتمام الموضوعي لها"، و"بخاصة في المجالات الاقتصادية والاستثمارية والرقابية"، إلى "عدم امتلاك المؤسسات، صاحبة الاختصاص الأصيل، للقدرة على النهوض بمسؤولياتها واختصاصاتها"...دائرة المخابرات، ملأت فراغاً، وسدت ثغرات، في عمل الجهاز المدني، تضيف الرسالة الملكية.

الرسالة حظيت باهتمام سياسي وإعلامي، وقوبلت بالترحيب من قبل القوى السياسية والحزبية والمجتمع المدني، ولم ينقطع سيل التحليلات والتكهنات بشأن مغزاها وتوقيتها، وكيف ستتم ترجمتها، إلى أن داهمتنا فاجعة مستشفى السلطة الحكومي، حيث سيطر الحدث على عقول الأردنيين وأفئدتهم وضمائرهم، وانشغل الإعلام الداخلي والخارجي بتلك "الواقعة" الجلل.

على أن التعديل الوزاري الأول، وتعيين ضابط كبير في السلك العسكري وزيراً للداخلية، وما لحقه من إجراءات حكومية للتعامل مع تداعيات فاجعة السلط، ومنها تعيين "متصرف" في كل مستشفى حكومي، سيعيد للأذهان مجدداً، مضمون رسالة الملك ومراميها، فهل يعقل أن نظل نعوّض "عدم امتلاك المؤسسات صاحبة الاختصاص الأصيل" بقيادات وكوادر عسكرية أو أمنية؟ وهل هي الطريقة الأمثل، لسد الثغرات وملء فراغات الترهل والفساد وانعدام الكفاءة، في الجهاز الإداري والمدني الحكومي؟

نحن نعرف، على سبيل المثال لا الحصر، أن جهازنا التعليمي يعاني من مشكلات بنيوية عميقة، وأن مخرجات التعليم الأساسي والجامعي، لم تعد تُرضي أحداً، وباتت جزءاً من مشكلة البطالة بدل أن تكون "الحلّ" لها...فهل من المنطقي، أن نضع "متصرفاً" على رأس كل مدرسة عامة، أو نأتي بـ"محافظ" من الداخلية، لكل جامعة؟، تبدو المقارنة ظاهرياً، تعسفية بعض الشيء، لكن إن نحن "مددنا الخط على استقامته"، يبدو التساؤل مشروعاً ومنطقياً.

ذات مقالة، في هذه الزاوية قبل سنوات، كتبت عن تآكل قطاع المهن في الأردن، وافتقار العاملين فيه، للكفاءة والجودة والمهنية، وأحياناً كثيرة، لـ"أخلاقيات المهنة"، واستطردت قائلاً أن القوات المسلحة، ربما تكون "آخر" من حفظ "تقاليد التفوق" التي تمتعت بها العمالة الأردنية الماهرة، بالنظر لانضباطيتها ومناقبيتها...يومها استحسن رئيس أركان أسبق للجيش، المقالة، وعمم بإعادة نشرها، على أنه استدرك بالقول، إن القوات المسلحة، وإن كانت قادرة على ملء فراغات كثيرة، إلا أنها لا ترغب بذلك، وليس هذا من صلب "اختصاصها الأصيل".

من أسهل الحلول وأسرعها، أن تأتي بضباط كبار، من الجيش والأجهزة الأمنية على رأس مؤسسات مترهلة وغير كفؤة، لتفعيلها وضمان صلاح حالها وأحوالها، أو أن تحيل المسؤولية عنها، بالكامل للدائرتين العسكرية والأمنية، سيما وأن الأردنيين يثقون بجيشهم وأجهزتهم، أكثر من غيرها من مؤسسات الدولة وسلطاتها، لكن لا "أمننة" المؤسسات، ولا "عسكرتها"، يمكن أن يكون حلاً لأزمة الإدارة العامة وترهل الجهاز الحكومي، وتآكل كفاءة ومهنية المؤسسات.

حتى أننا نجازف بسمعة ومكانة "آخر معاقل الإجماع والثقة الوطنيين"، إذ نمضي بالزج في كادراتها وقيادتها في أعمال ليست من صميم اختصاصها و"ولايتها"، وإذا كنّا مجمعين على ضرورة إبعادها عن "التجاذبات السياسية والحزبية"، فمن باب أولى ألا نُغرقها في بحر من الفشل المتراكم للحكومات المتعاقبة.

الإصلاح الإداري، أو الثورة الإدارية، كما قال رئيس الحكومة، يتعين أن يتحقق من داخل الإدارة، وبأدوات مدنية، ووفقاً للمعايير والممارسات المُثلى، وهي مهمة صعبة، وقد تكون مؤلمة كذلك، بيد أنها طريق لا بد منه، فلا "الأمننة" يمكن أن تكون وسيلة لملء الفراغات، ولا "العسكرة" يمكن أن تعوض الفشل في تمليك المؤسسات المدنية، القدرة والكفاءة على أداء وظائفها، لا الآن ولا في المستقبل.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن الأمننة والعسكرةوثورة الإدارة عن الأمننة والعسكرةوثورة الإدارة



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 17:40 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تطرأ مسؤوليات ملحّة ومهمّة تسلّط الأضواء على مهارتك

GMT 19:20 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العذراء الأحد 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 15:06 2020 الإثنين ,17 آب / أغسطس

طريقة تحضير ستيك لحم الغنم مع التفاح الحار

GMT 20:28 2018 الأربعاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

غادة عادل تنشر صورتها مع زميلاتها في إحدى صالات الجيم

GMT 22:38 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

الغساني يبدي سعادته بالأداء الذي يقدمه مع الوحدة

GMT 16:15 2015 الأربعاء ,04 شباط / فبراير

"بي بي سي" تطلق موقعًا جديدًا على الإنترنت

GMT 21:06 2021 الإثنين ,26 إبريل / نيسان

طقس غائم وفرصة سقوط أمطار خلال الأيام المقبلة

GMT 20:01 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 06:47 2021 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

ابرز النصائح والطرق لتنظيف السيراميك الجديد لمنزل معاصر

GMT 08:14 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

"أدهم صقر" يحصد برونزية كأس العالم للخيل في باريس

GMT 09:42 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

"بيوتي سنتر" مسلسل يجمع شباب مصر والسعودية

GMT 22:57 2019 الأربعاء ,06 آذار/ مارس

بن راشد يعتمد 5.8 مليار درهم لمشاريع الكهرباء
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates