ما العمل بعد تصنيف الأردن دولة سلطوية

ما العمل بعد تصنيف الأردن "دولة سلطوية"؟

ما العمل بعد تصنيف الأردن "دولة سلطوية"؟

 صوت الإمارات -

ما العمل بعد تصنيف الأردن دولة سلطوية

عريب الرنتاوي
بقلم - عريب الرنتاوي

 
نجزع حين نقرأ أن الأردن بات يُصنف في خانة "الدول السلطوية"..."السلطوية" كلمة كبيرة ومزعجة في وصف نظامنا السياسي، نحن الذي لم نوصف يوماً في عداد "دول الديمقراطية التامة"، بيد أننا حملنا سمات "دول الديمقراطية الجزئية" أو "النسبية"، أو "النظام الهجين" الذي يجمع بين ممارسات ديمقراطية وسلوكيات وإجراءات تنتمي للسلطوية...هذه المرة، نجد أنفسنا، وفقاً لمقياس "الإيكونوميست انتلجنس"، بلا رتوش، دولة حلّت في الترتيب 118 من أصل 167 دولة، وضمن أدنى فئات المقياس العالمي المرموق.

أخطر ما في مقياس الإيكونوميست، قوله إن الأردن سجل تراجعاً في كافة المؤشرات التي يتكون منها "المقياس" ويستند عليها في تشكيل أحكامه وتصنيفاته...هذا ناقوس خطر يجب أن يُقرع في جميع دوائر صنع القرار، سيما في هذا التوقيت بالذات، حيث تتسلم مقاليد البيت الأبيض، إدارة جديدة، وضعت "الديمقراطية" و"حقوق الانسان"، كمكون من مكونات سياساتها الخارجية، وجعلت منها "مقايساً" لتطوير أو تحجيم علاقاتها مع دول العالم...ولست أدري ما "العلامة" التي كان سيتحصل عليها الأردن من فريق الأيكونوميست، لو أتيح لهم الاطلاع على تقرير المركز الوطني لحقوق الانسان حول الانتخابات النيابية الأخيرة، قبل إعداد "مقياس 2020".

ثمة دول عربية "أسوأ تصنيفاً" من الأردن على هذه المقاييس، بيد أنها تتوفر على "عناصر قوة" عديدة إضافية، تجعل بعض المراكز الدولية تحاذر في التعامل معها، وفقاً لهذا المعيار...هي تمتلك المال الوفير، ودائماً على أتم الاستعداد لإبرام الصفقات الفلكية، أو أنها تتوفر على فائض سكان، وقدرات عسكرية فائقة، وموقع جيو-استراتيجي لا غنى عنه، في العموم هي أقل "حساسية" حيال صورتها في العالم مما نحن عليه.

نحن لدينا بعضاً من هذه الأوراق، فالأردن حليف لواشنطن والغرب في الحرب على الإرهاب، وله دور في عملية السلام، ولديه علاقات مستقرة مع إسرائيل برغم ما يعتريها من صعود وهبوط...لكن هذا وحده لا يكفي للظن بأننا نتوفر على "شبكة أمان" تنجينا من قادمات الضغوط والتهديدات.

على أن ورقة القوة الأهم، التي نمتلكها ولم "نُفعّلها" حتى الآن، إنما تندرج في سياق "القوة الناعمة"، فلا نظامنا السياسي من الطراز الدموي، الملطخة أيديه بدماء شعبه، ولا سجونه تضيق بساكينها من المعارضين، "الداخل إليها مفقود والخارج منها مولود"، ولم يعرف تاريخه السياسي اختطاف المعارضين واغتيالهم...هذه نقطة بداية جيدة أولى للتفكير بخيار "الحكم بقوة النموذج".

أما نقطة البداية الجيدة الثانية، فتتمثل في توفر إجماع وطني، قلما تجد مثيلاً في دول شقيقة، حول "الملكية" و"النظام الملكي"...لا أحد جدياً يطالب بتغيير النظام، وإن كانت الأغلبية تستشعر الحاجة لإصلاحه وتغيير سياساته وأدواته.

مقابل النظام الراشد، لدينا معارضة راشدة، فالرشد والرشاد، كما "رقصة التانغو"، تحتاج لشريكين، ورشد المعارضة مستمد من رشد النظام، والعكس صحيح...وتلكم نقطة قوة ناعمة ثالثة إضافية، تجعلنا نربأ ببلادنا عن أن تصنف في هذه الخانة البشعة.

وأقترح أن تُجري مؤسسات صنع القرار "عصفاً فكرياً"، بعيداً عن المخاوف والتخويف: ما الذي يضيرها أن تعيد النظر جذريا في سياسات وبرامجها الإصلاحية، وما الذي تخشاه من المعارضة، وما المقلق في فتح نظامنا السياسي للأحزاب والشباب والنساء، على قاعدة "المواطنة المتساوية والفاعلة"، وتحت مظلة "سيادة القانون" و"تكافؤ الفرص" و"الدولة المدنية"؟

إن نحن سرنا على هذا الطريق، ستكون لنا مكانة أكبر على الساحة الدولية، وسنكون في وضع أحسن، لطلب العون والإسناد من المجتمع الدولي، وسنكون قدوة للإقليم من حولنا، وبما يعزز دورنا ومكانتا، أقله، في هذا "الشرق المضطرب".

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما العمل بعد تصنيف الأردن دولة سلطوية ما العمل بعد تصنيف الأردن دولة سلطوية



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 08:03 2013 الجمعة ,23 آب / أغسطس

نظافة المدرسة من نظافة الطلاب والمدرسين

GMT 09:10 2015 الأحد ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

وزير البيئة والمياه يكرّم مصمم لعبة "أبحر"

GMT 19:20 2013 الجمعة ,28 حزيران / يونيو

القبض على أسقف في الفاتيكان بتهمة الاختلاس

GMT 19:06 2013 الإثنين ,08 إبريل / نيسان

علمى طفلك كيف يتصرف بطريقة جيدة

GMT 19:23 2017 الثلاثاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

مطالبات في بريطانيا بحظر بيع هواتف محمولة بحجم أصبع اليد

GMT 08:44 2015 الثلاثاء ,22 كانون الأول / ديسمبر

الإضاءة المناسبة للتغلب على ضيق المساحات
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates