هل تنبثق الجمهورية الثالثة من ركام بيروت وخرائبها

هل تنبثق "الجمهورية الثالثة" من ركام بيروت وخرائبها؟

هل تنبثق "الجمهورية الثالثة" من ركام بيروت وخرائبها؟

 صوت الإمارات -

هل تنبثق الجمهورية الثالثة من ركام بيروت وخرائبها

عريب الرنتاوي
بقلم - عريب الرنتاوي

يسلك الحراك السياسي في لبنان وحوله، مسارين اثنين، متزامنين ومتلازمين: الأول؛ ويمكن وصفه بالانتقالي (قصير المدي)، ويتعلق بتشكيل حكومة طوارئ تتعامل ما جوائح لبنان المتراكبة، من الزلزال الذي ضرب عاصمته ومرفئها، إلى الانهيار الاقتصادي والمالي البالغ ضفاف الإفلاس، مروراً بتفشي الوباء وخروجه عن السيطرة...والثاني؛ ويمكن وصفه بالاستراتيجي (طويل الأمد)، على أمل أن ينتهي بدخول بلاد الأرز عصر "الجمهورية الثالثة".
 
في المسار الانتقالي، قصير الأجل، ستنتهي الاستشارات النيابية الملزمة إلى تكليف مصطفى أديب، خلفاً لحسان ذياب، في تشكيل حكومة الطوارئ، حظوظ أديب، تبدو راجحة على حظوظ دياب، كونه مرشحاً لنادي رؤساء الحكومات السابقين، بخلاف سلفه الذي قوبل تعيينه بحملة سنيّة شعواء، بوصفه مرشحاً لحزب الله...وبالرغم من ذلك، ثمة شكوك في قدرة أديب على النجاح حيث أخفق دياب، ما حدا بإعلامي لبناني للقول: بين أديب ودياب، إعادة تموضع لـ"حروف العلّة"، فهل ينجح الأول في تجاوز مكامن الاعتلال الناخرة في جسد النظام والدولة اللبنانيين؟
 
أغلب التقديرات تذهب لترجيح فرصة نجاح أديب في التأليف بعد التكليف، وبدعم دولي نادر، تقوده فرنسا على وجه الخصوص، وبأغلبية نيابية وازنة (الثنائي الشيعي سيؤيد الترشيح) كونه ممهوراً بخاتم الحريري، لكن نجاح الحكومة في إنجاز برنامجها الانتقالي، يثير كثيراً من الشكوك، سيما في ضوء احتدام حدة الانقسام والاستقطاب داخل لبنان، وبدعم من أطراف إقليمية ودولية متنافسة.
 
لكن اللافت أن اللبنانيين، وبعض أركان المجتمع الدولي (بقيادة فرنسا)، باتت تتحدث صراحة وفي العلن، عن إفلاس "النظام اللبناني الطائفي" وبلوغه طريقاً مسدوداً...عون طالب بإعلان لبنان دولة مدنية...حزب الله الذي سبق أن طرح مشروع "المؤتمر التأسيسي" بدا منفتحاً على دعوة ماكرون لـ"عقد سياسي – اجتماعي جديد"...جنبلاط تحدث عن انتخابات خارج القيد الطائفي...الشارع اللبناني كما عبرت عنه انتفاضة 17 تشرين، يطالب بدفن "المحاصصة"، وهناك مروحة واسعة من القوى، تتراوح مواقفها حول هذه العناوين.
 
تجاوز "نظام المحاصصة"، ظل على الدوام مطلباً للقوى المدنية والديمقراطية اللبنانية، لكن اتفاق الطائف الذي أنهى الحرب الأهلية قبل ازيد من ثلاثين عاماً، وأدخل لبنان حقبة "الجمهورية الثانية"، لم يجر تنفيذه بالكامل، وتحديداً تلك المواد المتصلة بإنهاء الطائفية السياسية (الانتخاب خارج القيد الطائفي، مجلس شيوخ وخلافه)، والسبب يعود أساساً إلى منظومة المصالح العميقة، التي نمت على جذع المحاصصة، وتوزع ولاءات اللبنانيين على حفنة من قادة الطوائف وأمراء الحرب والمليشيات، لا يتجاوز عددهم عدد أصابع اليدين، وليس ثمة من سبب لإبداء التفاؤل في إمكانية تخلي هؤلاء بسلاسة عن منظومة امتيازاتهم ومكاسب عوائلهم المتوارثة جيلاً عن جيل، ليس ثمة ما يدعو للقول بأن مهمة الداعين لـ"جمهورية ثالثة" ستكون سهلة بحال من الأحوال.
 
بين "المناصفة" كما وردت في الطائف، و"المثالثة" التي تطل برأسها من ثنايا الحديث عن مستقبل النظام السياسي اللبناني، ثمة ركام هائل من "الهواجس" و"الكوابيس" التي ستصطدم بها جهود السعاة والمبادرين...وبين مقتضيات بناء الدولة السيّدة، ومتطلبات "المقاومة" التي يجسدها حزب الله، ثمة معادلة يصعب التوفيق بين حدّيها كما دللت على ذلك تجارب لبنان ودول المنطقة لسنوات وعقود...وفوق هذا وذاك، ثمة إقليم يموج بكل أشكال الصراع والاستقطاب بين محاوره المتنافسة، ولطالما كان لبنان ساحة "مُثلى" لتلقي صراعاته وتداخلاته...جميعها عقبات وعوائق يصعب التفكير في اجتيازها، من دون "صفقات" و"تسويات" كبرى، إقليمية ودولية، تبدو صعبة للغاية في المدى المنظور، بيد أنها ليست مستحيلة على المدى الأبعد، سيما إن طرأ الانفراج المنتظر في العلاقة بين واشنطن وطهران.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل تنبثق الجمهورية الثالثة من ركام بيروت وخرائبها هل تنبثق الجمهورية الثالثة من ركام بيروت وخرائبها



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 18:04 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

الحب على موعد مميز معك

GMT 00:42 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كردستان تحتضن معسكر المنتخب العراقي لكرة السلة

GMT 01:57 2019 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

عقبة تُواجه محمد صلاح وساديو ماني أمام برشلونة

GMT 05:18 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ريماس منصور تنشر فيديو قبل خضوعها لعملية جراحية في وجهها

GMT 17:03 2019 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

استقبلي فصل الخريف مع نفحات "العطور الشرقية"

GMT 04:38 2018 الإثنين ,12 شباط / فبراير

خدع بسيطة لتحصلي على عيون براقّة تبدو أوسع

GMT 01:20 2013 الأحد ,21 إبريل / نيسان

دومينو الـ10 ألاف "آيفون 5 إس" الجديد

GMT 01:14 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

الإقامة الفاخرة في جزيرة جيكيل الأميركية

GMT 20:41 2018 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

إريكسون يؤكد أن ساوبر أنقذت نفسها من موسم "كارثي" في 2017

GMT 10:32 2017 الجمعة ,08 كانون الأول / ديسمبر

دلال عبد العزيز تكشف عن تفاصيل دورها في "سوق الجمعة"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates