الانتخابات والتحول الديمقراطي في العالم العربي خطوة للأمام خطوتان إلى الوراء

الانتخابات والتحول الديمقراطي في العالم العربي: خطوة للأمام... خطوتان إلى الوراء

الانتخابات والتحول الديمقراطي في العالم العربي: خطوة للأمام... خطوتان إلى الوراء

 صوت الإمارات -

الانتخابات والتحول الديمقراطي في العالم العربي خطوة للأمام خطوتان إلى الوراء

عريب الرنتاوي
بقلم - عريب الرنتاوي

عنوان هذا المقالة، مستوحى بتصرف، من عنوان كتاب صدر في العام 2008 عن مركز القدس للدراسات السياسية في عمان، وكان بمثابة توثيق لوقائع مؤتمر إقليمي بحث في طوفان الانتخابات العامة، من بلدية وبرلمانية ورئاسية، الذي اجتاح العالم العربي في العقد الأول من الألفية الثالثة.....يومها تكشفت مداولات المؤتمر عن مفارقتين كبريين: الأولى: كثرة كاثرة من الانتخابات العامة من جهة، وتعثر وصل حد انسداد مسارات الإصلاح السياسي والتحول الديمقراطي من جهة ثانية، لكأن الوظيفة التي وضعها صناع القرار للاستحقاقات الانتخابية كانت تنحصر في تأبيد الاستبداد وتجميله وإعادة انتاجه...أما المفارقة الثانية، التي تنبأ بها المؤتمرون، وتجلت بعد عامين اثنين فقط مع اندلاع الموجة الأولى من ثورات "الربيع العربي" وانتفاضاته.
 
لا شيء جوهرياً تغير حتى الآن، على الرغم من انقضاء عقد كامل على اندلاع شرارات "الربيع العربي" شهد خلالها دول المجموعة العربية تنظيم العشرات من الانتخابات العامة...الأردن ومصر، تتجهان في توقيت متزامن، لإجراء انتخابات تشريعية خريف العام الجاري، وسط حالة من "اللامبالاة" تهيمن على جمهور الناخبين والمواطنين، وتوقعات "سوداء"، بأن الحال صبيحة اليوم التالي للاستحقاق، لن يكون مغايراً لما كان عليه قبله...انتخابات تجري بانتظام، وجوه تتغير وأسماء تتبدل، لكن "واقع الحال مقيم".
 
يدفعنا ذلك للتأمل في حال الانتخابات في العالم العربي، حيث يمكن تقسيم دوله، إلى ثلاث مجموعات رئيسة من حيث نزاهة الانتخابات وتوفر متطلباتها، والأثر المترتب عليها لجهة تغيير وتبديل الطبقة السياسية ورسم اتجاهات جديدة في السياستين الداخلية والخارجية، وسنرى أن هذه التقسيمات، تتخطى انقسام الدول العربية إلى ملكية وجمهورية، فثمة ملكيات تتوفر على هوامش حرية وتعددية وديمقراطية أكبر بكثير مما لدى بعض الجمهوريات، وثمة جمهوريات أكثر إفراطاً في القمع والاستبداد، من ملكيات سلالية:
المجموعة الأولى؛ دول لم تعرف الانتخابات أصلاً، وتضم عدداً متناقصاً من الدول العربية، لم يبق منها سوى السعودية والإمارات وقطر، هذه الدول ما زالت تقترب بحذر من فكرة الانتخابات العامة، وهي وإن قررت تنظيم انتخابات بلدية وقروية، بيد أنها لا تتوفر على برلمانات أو مجالس شورية منتخبة، بصلاحيات رقابية وتشريعية، ومن باب أولى، فهي لا تعترف حتى الآن، بمفهوم الحزب أو الجمعية السياسية، ولا تقر بوجود تعددية حزبية – فكرية، وتفضل نظام "البيعة والولاء" على مفهوم الاقتراع والتمثيل، ومفهوم "الرعية" على مفهوم "المواطنة"، ومفهوم "ولي الأمر" على مفهوم "العقد الاجتماعي"...مجالس الشوري في هذه الدول، معينة بالكامل، ومجالسها البلدية "تنتخب" بعناية فائقة، ووفقاً لتصنيف يميز بين "مواطنة متوارثة" و"مواطنة بالتجنيس".
 
المجموعة الثانية؛ وتضم معظم الدول العربية، وفيها انتخابات برلمانية (وبلدية وأحياناً رئاسية)، غير حرة ونزيهة وشفافة، أو حرة نسبياً وجزئياً، لا تستوقف انتخاباتها أحداً، فالسلطة التشريعية مهمشة في الأصل، ولا موقع جوهرياً لها في النظام السياسي القائم، والانتخابات لا تملي تشكيل حكومات برلمانية، فآليات تشكيل الحكومات فيها، منفصلة عن نتائج الانتخابات ولا تتأثر بها أو تتقرر في ضوء نتائجها...ثمة تفاوتات واسعة من بين هذه الدول، أكثرها تقدماً المغرب، الذي يجري انتخابات ولديه برلمان قائم على التعددية الحزبية، وحكومات يشكلها حزب الأغلبية، لكن "الولاية العامة" و"الصلاحيات الأساسية" ما زالت تقع في مكان آخر، خارج البرلمان والحكومة، في القصر وما يتبعه من أجهزة وأذرع طويلة، كفيلة باستلاب الحكومة للكثير من صلاحياتها، ورسم سقوف خفيضة، لقدرتها على صنع السياسة واتخاذ القرار، سيما في القضايا الأمنية والدفاعية وفي السياسة الخارجية، وأحياناً في التوجهات الكبرى للسياسات الاقتصادية والمالية.
 
أما أكثر دول هذه المجموعة استبداداً، فربما تكون سوريا تحت حكم البعث والأسد (الأب والابن)، حيث تمر الاستحقاقات النيابية والبلدية والرئاسية، من دون اهتمام أو اكتراث، طالما أن نتائجها مُعدّة سلفاً، وليس لها من أثر في تجديد وإعادة انتاج الطبقة السياسية الحاكمة، أو التأثير على مجرى السياسات العامة، داخلياً وخارجياً، أمنيا ودفاعياً، اقتصادياً واجتماعياً...وبين المغرب وسوريا، تتموضع دول عديدة، كالأردن ومصر والكويت وعمان والبحرين والجزائر والسودان واليمن (قبل الثورة، فبعدها لم تجر انتخابات.
 
المجموعة الثالثة؛ وتضم دولاً تحظى انتخاباتها العامة، برلمانية ورئاسية باهتمام كبير، محلي وإقليمي ودولي، على الرغم من تردي كثير منها في مستنقعات لا قعر لها، من الفشل الاقتصادي والمالي والاقتصادي والأمني، وتضم هذه المجموعة عدداً قليلاً من الدول، لبنان والعراق وتونس، هنا تلعب الانتخابات دوراً محورياً في إعادة "توزين" القوى السياسية والاجتماعية، وتتشكل الحكومات بناء على توافقات وتفاهمات بين القوى الفائزة في الانتخابات والمُشكلة للبرلمان.... تختلف هذه الدول بعضها عن بعض، لبنان والعراق، يعتمدان نظام المحاصصة الطائفية وقوانين الانتخابات فيهما تسهر على تكريس التوازنات بين الطوائف المختلفة، في حين أن تونس، تتقدم دول هذه المجموعة لجهة اعتماد قواعد أكثر مدنية وديمقراطية لإدارة التعدد وتداول السلطة وتقاسمها.
 
يصعب إدراج فلسطين في أيٍ من هذه التصنيفات الثلاثة، لسببين، فهي تخضع بالكامل للاحتلال والحصار، والسلطة هناك لا "سلطة" لها، وجغرافية الدولة "قيد الانشاء" منقسمة ومتباعدة، لا تواصل جغرافياً يربط شطريها في الضفة والقطاع، وفي أول اختبار لتداول السلطة عقب انتخابات 2006 التشريعية، سقطت التجربة الفلسطينية في الخيبة والفشل ومستنقع الانقسام، بانتظار "مسلسل" الانتخابات المتعاقبة الذي توافقت الفصائل على الشروع في إتمامه في غضون ستة أشهر، بدءا بانتخابات المجلس التشريعي، مروراً بالانتخابات الرئاسية ومن ثم، انتخابات المجلس الوطني الفلسطيني.
 
نعود إلى الانتخابات المصرية والاردنية التشريعية المتزامنة، والمقررة في غضون الأسابيع القليلة القادمة.....حيث السؤال الذي يطرق الأذهان باستمرار: ما قيمة هذه الانتخابات إن لم: (1) تنتهي إلى تجديد الطبقة السياسية وتوسيع نادي عضويتها الذي يكاد يكون حكراً على فئات وشرائح وعائلات بعينها.....(2) وأن تفضي إلى بلورة التعددية السياسية والفكرية في المجتمع وتحديد حجوم وأوزان التيارات المختلفة....(3) وأن تنبثق بنتيجتها حكومات جديدة، تعبر عن توازنات القوى الجديدة في الدولة والمجتمع، وأن تقود هذه الحكومات الائتلافية البرلمانية البلاد على سكة جديدة، وبسياسات داخلية وخارجية مغايرة....(4) وأن تنتهي إلى إعادة الاعتبار لدور البرلمان في النظام السياسي، وهو الدور الذي جرى تهميشه وتهشيمه، بعد أن تغوّلت السلطة التنفيذية وأذرعها الأمنية على السلطة التشريعية واستتبعتها لها.
 
ما زالت المنطقة العربية اليوم، كما كانت عليه قبل عقدين من الزمن: مزيد من الانتخابات وقليل من الديمقراطية...وكما كان كتاب "الانتخابات والتحولات الديمقراطية في العالم العربي...خطوة للأمام أم خطوة للوراء؟" فألاً حسناً باندلاع الموجة الأولى من موجات الربيع العربي، فإن الأمل (اقرأ اليقين) يحدونا، بأن يكون المقال الذي يحمل اسم الكتاب ذاته وإن "بتصرف"، فألاً حسناً باندلاع موجة ثالثة من موجات هذا "الربيع" (الموجة الثانية شملت لبنان والعراق والجزائر والسودان)، فليس لدى شعوبنا ومجتمعاتنا ما تخسره سوى قيودها وأغلالها، فقرها وبطالتها، وتربح من ورائها مستقبلاً بأسره.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الانتخابات والتحول الديمقراطي في العالم العربي خطوة للأمام خطوتان إلى الوراء الانتخابات والتحول الديمقراطي في العالم العربي خطوة للأمام خطوتان إلى الوراء



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة - صوت الإمارات
تلهم النجمة المصرية تارا عماد متابعاتها العاشقات للموضة بإطلالاتها اليومية الأنيقة التي تعكس ذوقها الراقي في عالم الأزياء، بأسلوب هادئ ومميز، وتحرص تارا على مشاركة متابعيها إطلالاتها اليومية، وأيضا أزياء السهرات التي تعتمدها للتألق في فعاليات الفن والموضة، والتي تناسب طويلات القامة، وهذه لمحات من أناقة النجمة المصرية بأزياء راقية من أشهر الماركات العالمية، والتي تلهمك لإطلالاتك الصباحية والمسائية. تارا عماد بإطلالة حريرية رقيقة كانت النجمة المصرية تارا عماد حاضرة يوم أمس في عرض مجموعة ربيع وصيف 2025 للعبايات لعلامة برونيلو كوتشينيلي، والتي قدمتها الدار في صحراء دبي، وتألقت تارا في تلك الأجواء الصحراوية الساحرة بإطلالة متناغمة برقتها، ولونها النيود المحاكي للكثبان الرملية، وتميز الفستان بتصميم طويل من القماش الحرير...المزيد

GMT 21:47 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عبدالله بن زايد يستقبل وزير الشؤون الخارجية في الهند
 صوت الإمارات - عبدالله بن زايد يستقبل وزير الشؤون الخارجية في الهند

GMT 21:21 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك
 صوت الإمارات - الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 21:21 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

نانسي عجرم تشوق جمهورها لعمل فني جديد
 صوت الإمارات - نانسي عجرم تشوق جمهورها لعمل فني جديد

GMT 21:21 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

غوغل تكشف عن خدمة جديدة لإنتاج الفيديوهات للمؤسسات
 صوت الإمارات - غوغل تكشف عن خدمة جديدة لإنتاج الفيديوهات للمؤسسات

GMT 14:42 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف لقاءً مهماً أو معاودة لقاء يترك أثراً لديك

GMT 17:17 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية

GMT 19:08 2015 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

طقس فلسطين غائمًا جزئيًا والرياح غربية الأربعاء

GMT 02:06 2016 الأربعاء ,03 شباط / فبراير

"سامسونغ" تطلق Galaxy S7 قريبًا

GMT 14:46 2014 الأحد ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلاق كتاب للشيخة اليازية بنت نهيان بن مبارك آل نهيان

GMT 22:58 2015 الأربعاء ,01 إبريل / نيسان

سامسونغ تربح المليارات والفضل للهاتف "S6"

GMT 14:40 2017 الأربعاء ,04 كانون الثاني / يناير

كلاب الدرواس تهاجم الناس وتقتل المواشي في مقاطعة صينية

GMT 07:31 2013 السبت ,24 آب / أغسطس

الصين ضيفة شرف معرض إسطنبول للكتاب

GMT 04:15 2016 الثلاثاء ,16 شباط / فبراير

ديمو P.T يعاد تطويره في لعبة Dying Light

GMT 09:00 2015 الثلاثاء ,21 إبريل / نيسان

شركة "سوني" تكشف رسميًا عن هاتفها "إكسبريا زي 4"

GMT 06:14 2014 الإثنين ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

كوثر نجدي تطرح مجموعة جذّابة من فساتين السهرة

GMT 05:31 2018 الأحد ,18 شباط / فبراير

نادي الفروسية في الرياض ينظم حفل سباقه الـ"52"

GMT 11:23 2018 الأحد ,21 كانون الثاني / يناير

جمعية "أم القيوين" الخيرية تتفاعل مع المسنين في عام زايد

GMT 14:49 2016 الخميس ,03 آذار/ مارس

المخ يدخل في صمت عندما نتحدث بصوت عال
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates