معيار النصـر والهزيمة في سورية

معيار النصـر والهزيمة في سورية

معيار النصـر والهزيمة في سورية

 صوت الإمارات -

معيار النصـر والهزيمة في سورية

بقلم : عريب الرنتاوي

من وجهة نظر النظام السوري وحلفائه، فإن بقاء الرئيس بشار الأسد أو رحيله عن “قصر الشعب” قبالة قمة قاسيون، يعد معياراً حاسماً للنصر أو الهزيمة في الحرب الدائرة في سوريا وعليها ... مثل هذه المعايير لقياس النصر والهزيمة، ليست سورية بامتياز، مع أنها استفحلت في سوريا أكثر من غيرها ... العرب هُزموا هزيمة نكراء في 67 لكن استراتيجيتهم الإعلامية نهضت على فرضية شوهاء مفادها: “طالما ظل الزعماء في أماكن، فلسنا بمنهزمين أبداً”، حتى وإن كان الثمن بالمقابل، ضياع الأرض وتشرد السكان وركام  متطاول من الضحايا والخرائب.

لكن السؤال الذي يقفز إلى الأذهان مع كل تطور يطرأ على الأزمة السورية هو: إن صح هذا “المعيار” من منظور النظام السوري، فهل يصح (أو سيصح) من منظور حلفائه دولاً ومنظمات؟

بالنسبة لروسيا، الحليف الدولي الأكبر للنظام، واللاعب الأبرز على حلبة الأزمة السورية، فإن هذا المعيار ليس وارداً على الإطلاق، روسيا معنية بتأمين مصالحها في سوريا، وهي فعلت ... روسيا معنية بانتهاء الأزمة السورية، وهي تسعى في سبيل ذلك ... روسيا مهتمة بـ “سوريا المفيدة” لها، وبعد ذلك، لن يهمها ما إن ظلت سوريا قطعة واحدة أم أكثر، نظام فيدرالي أم مركزي، بقي الأسد أم رحل، فهذه العناوين جميعها من النوع القابل للنقاش والتسويات، وقد أرسلت موسكو أكثر من إشارة دالّةٍ على حقيقة مواقفها وأهدافها في سوريا، فهي لا تكف عن ترديد أن مصير الأسد الشخصي لا يعنيها، وأنها في سوريا تحارب الإرهاب ولا تدافع عن شخص الرئيس، وهي التي تقدمت بدستور فيدرالي لسوريا، وهي التي ترتبط بعلاقات وثيقة مع الأكراد، وهي الجاهزة لتقاسم النفوذ في سوريا، بدلالة ضوئها الأخضر لتركيا بعبور جرابلس حتى الباب.

من نافل القول، إن روسيا ليست معنية بما بات يعرف باسم “محور المقاومة والممانعة”، واجندتها الإقليمية لا تتماثل مع أجندة هذا المحور، هي لم تكن كذلك من قبل، وهي ليست كذلك الآن، والمؤكد أنها لن تكون كذلك في المستقبل المنظور، ولقد قلنا ذلك وكتبنا عنه مراراً وتكراراً في هذه الزاوية بالذات، قبل التدخل العسكري الروسي في سوريا وبعده ...  آخر الدلائل على الموقف الروسي، ما تسرب عشية الزيارة المرتقبة التي سيقوم بها بنيامين نتنياهو إلى الكرملين، وهو من الزوار المتكررين لموسكو، ويرتبط بعلاقات عمل وثيقة مع الرئيس فلاديمير بوتين ... الأنباء تتحدث عن تجديد التفاهمات الروسية – الإسرائيلية التي أعقبت التدخل العسكري الروسي في سوريا في أيلول 2015، والتي سمحت لإسرائيل بتوجيه ضربات جوية وصاروخية متكررة في العمق السوري، وصولاً إلى دمشق، مستهدفة الجيش السورية، وخصوصاً كوادر وقيادات ومستودعات وقوافل حزب الله اللبناني، ووفرت قنوات لتبادل المعلومات الاستخبارية بين البلدين، ومنحت طائرات الاستطلاع الإسرائيلية “الحق”برصد ومراقبة الجبهة الجنوبية.

آخر الأنباء عن التحضيرات للزيارة، ما يتردد عن تفاهمات يجري الإعداد لها حول “آليات فعّالة جديدة” لمراقبة نشاطات الميليشيات الشيعية في سوريا، والمقصود هنا على وجه التحديد، حزب الله مرة أخرى... أحد أهم المصالح المُجمع عليها إسرائيلياً في سوريا، هي منع حزب من الاحتفاظ بموطئ قدم جنوباً، ومنعه من حيازة أسلحة جديدة كاسرة للتوازن، والحيلولة دون تمكين حزب الله من تحويل جبهة الجولان إلى “مزارع شبعا” ثانية.

مواقف روسيا حول هذه المواضيع، ليست بعيدة عن المواقف الإسرائيلية ... موسكو ليست “متورطة” بحكاية المقاومة والممانعة، وفي سوريا على وجهٍ خاص، لها مقاربة أخرى، لن تتسع في المآل الأخير لحزب الله، والأهم أنها قادرة على استيعاب دور محدد لإيران في سوريا، بيد أنها لن تكون قادرة في المستقبل القريب، على “هضم” الأجندة الإيرانية في سوريا، ومن ورائها في لبنان، سيما أن طرأ تقدم على مسار العلاقة الثنائية مع واشنطن، وإن لاحت في الأفق بوادر تسوية سياسية للأزمة بتوافق مختلف اللاعبين الكبار.

تأتي هذه المعطيات، وسط سيل من الأنباء التي تحدثت عن خلافات روسية – إيرانية في سوريا، وعن محاولات روسية لتقليص دور حزب الله على بعض الجبهات والمحاور، وعن التزام روسي بالطلب إلى حزب الله والمليشيات الشيعية وحتى إيران، سحب عناصرهم المسلحة من سوريا في سياق ترجمة الحل النهائي للأزمة السورية، وبعد التأكد من هزيمة “داعش والإرهاب”

لن نجادل في ضوء ذلك كله، في أن موسكو قد تنجح في إطالة عمر النظام، والأسد على رأسه، لسنوات أخرى قادمة، وإن كنا جادلنا ولا زلنا نجادل بأفول عهد “خالد إلى الأبد”، وفقدان “الثالوث غير المقدس”: التمديد والتجديد والتوريث لصلاحيته في سوريا بعد سنوات ست عجاف من شلالات الدم والخراب المقيم ... لكننا نجادل بأن الحل النهائي الذي ستكون موسكو شريكاً أساسياً في صنعه وبلورته، لن يُبقي لدمشق دورها القديم، كعقدة مواصلات واتصالات بين أطراف هذا المحور، أو كـ “واسطة عقد” في “مسبحته كما يحلو للبعض تسميتها ... وسيكتشف كثيرون أن بقاء الأسد في السلطة، لا يعني بالضرورة بقاء سوريا على “عهد المقاومة والممانعة”، وأن على أركان هذا المحور، من غير النظام، أن يبحثوا عن معايير جديدة للتفريق بين النصر والهزيمة في الحرب الدائرة في سوريا وعليها.

المصدر : صحيفة الدستور

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

معيار النصـر والهزيمة في سورية معيار النصـر والهزيمة في سورية



GMT 20:24 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

بعد العاصفة، ما العمل؟

GMT 19:29 2021 الخميس ,08 إبريل / نيسان

إيران وإسرائيل و"حرب السفن"

GMT 19:28 2021 الأربعاء ,07 إبريل / نيسان

حتى لا تصرفنا أزمات الداخل عن رؤية تحديات الخارج

GMT 20:21 2021 الأربعاء ,07 إبريل / نيسان

مدرستان في التفكير الإسرائيلي حيال الأردن

GMT 18:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 صوت الإمارات - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 18:59 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 صوت الإمارات - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 19:13 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
 صوت الإمارات - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
 صوت الإمارات - "نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 01:44 2018 السبت ,29 كانون الأول / ديسمبر

جيمي أيوفي يستمتع مع أسرته في "أتلانتس دبي"

GMT 10:11 2012 الثلاثاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

وزير الطاقة الإثيوبي: في طريقنا لاستكمال مشروع سد النهضة في 2015

GMT 19:07 2018 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

اسباب تضخم الكبد وطرق العلاج

GMT 18:36 2018 الأربعاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

صفّ السيارات يتسبب في مشاجرة بالضرب بين رجل وفتاة في تكساس

GMT 20:58 2013 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

أول اجتماع لرئيس التليفزيون لبحث تطوير القنوات المصرية

GMT 06:43 2015 الجمعة ,19 حزيران / يونيو

الطقس في الإمارات الجمعة مغبرًا جزئيًا

GMT 01:51 2016 الثلاثاء ,29 آذار/ مارس

افضل التصاميم البارزة لأحذية ربيع 2016

GMT 11:53 2013 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

اختتام مسابقة الخطابة باللغة العربية للجامعات الصينية

GMT 22:33 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

إطلالة مثيرة للموديل هايدي كلوم في حفل "أمفار"

GMT 02:28 2014 الثلاثاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

"الإسلاميّون" يعتبرون "العلمانيّة" ارتدادًا عن الدين

GMT 14:55 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

طاهية تصنع قطار من خبر الزنجبيل "بالحجم الطبيعي" في سيدني

GMT 22:11 2013 الأربعاء ,29 أيار / مايو

الموسيقى المعاصرة على "راديو فرنسا" الأربعاء

GMT 03:26 2013 الجمعة ,07 حزيران / يونيو

مجدي يعقوب يجري 3 عمليات "قلب مفتوح"

GMT 15:12 2013 الإثنين ,30 أيلول / سبتمبر

جامعة عثمانية إحدى أبرز جامعات الهند وآسيا

GMT 18:29 2013 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

الجامعة الأميركية في الإمارات تنظم مؤتمرًا عن "الناتو"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates